فرنسا تلجأ إلى تشريع طارئ لتفادى الإغلاق الحكومى بعد فشل إقرار ميزانية 2026

الأربعاء، 24 ديسمبر 2025 03:50 م
فرنسا تلجأ إلى تشريع طارئ لتفادى الإغلاق الحكومى بعد فشل إقرار ميزانية 2026 رئيس الحكومة الفرنسية

كتبت: هناء أبو العز

شرعت فرنسا في اعتماد قانون طوارئ يهدف إلى ضمان استمرار عمل مؤسسات الدولة، بعد ساعات من  فشل البرلمان المنقسم في التوصل إلى توافق بشأن ميزانية عام 2026، في خطوة تعكس عمق الخلافات السياسية حول خفض الإنفاق وزيادة الضرائب، وسط ضغوط متصاعدة للسيطرة على العجز المالي.

وبعد دقائق من تصويت البرلمان على التشريع الطارئ، خرج رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو ليؤكد مجددًا رفضه اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور لتمرير قانون المالية دون تصويت، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة إقرار ميزانية كاملة خلال شهر يناير المقبل، والعمل على خفض عجز الميزانية إلى أقل من 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2026.

 

تشريع طارئ لتفادى الإغلاق الحكومى

وكان مشرعون فرنسيون قد أقروا بالإجماع قانونًا خاصًا يسمح باستمرار تمويل الدولة مؤقتًا حتى يناير، بعد فشل أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، يوم الجمعة، في التوصل إلى نص توافقي لمشروع ميزانية 2026.

وجاء ذلك نتيجة خلافات حادة بشأن مقترحات خفض الإنفاق العام وزيادات الضرائب، ما دفع الحكومة إلى التحرك سريعًا لتفادي شلل مؤسسات الدولة مع بداية العام الجديد.

ويتيح القانون الطارئ تمديد حدود الإنفاق المعتمدة في ميزانية عام 2025 إلى السنة الجديدة، مع السماح للدولة بتحصيل الضرائب، ودفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وإصدار الديون، دون إدخال أي إنفاق جديد، بما في ذلك الإنفاق الدفاعي الذي يعد أولوية في ظل التهديدات الأمنية، وعلى رأسها التهديد الروسي.

وقال ليكورنو، في خطاب وجهه إلى الأمة قبيل موافقة مجلس الشيوخ على القانون: «سيسمح لنا هذا التشريع بتحصيل الضرائب وضمان تشغيل الخدمات العامة اعتبارًا من الأول من يناير»، مؤكدًا أن الحل المؤقت ضروري للحفاظ على استمرارية الدولة في انتظار التوصل إلى اتفاق شامل حول الميزانية.

وتخضع المالية العامة الفرنسية لتدقيق مكثف من قبل المستثمرين ووكالات التصنيف الائتماني، في ظل سعي الحكومة للسيطرة على عجز بلغ 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري، وهو الأعلى بين دول منطقة اليورو التي تضم 20 دولة.

ويواجه ليكورنو، الذي يقود حكومة ذات أغلبية برلمانية ضئيلة، هامش مناورة محدودًا داخل برلمان منقسم بشدة، بعدما أطاحت الخلافات حول الميزانية بثلاث حكومات متتالية منذ فقدان الرئيس إيمانويل ماكرون الأغلبية البرلمانية في الانتخابات المبكرة التي جرت عام 2024.

 

مشاورات ماكرون للتوصل إلى ميزانية كاملة لعام 2026

وأكد رئيس الوزراء أنه سيكثف خلال الفترة المقبلة مشاوراته مع مختلف الأحزاب السياسية للتوصل إلى ميزانية كاملة لعام 2026 بعجز يقل عن 5% من الناتج المحلي الإجمالي، معتبرًا أن «تخصيص الوقت لبناء ميزانية جيدة ليس ضعفًا»، بل ضرورة وطنية، إذا ما جرى وضع الحسابات السياسية جانبًا وتحمل البرلمان والحكومة لمسؤولياتهما.

وكانت فرنسا قد لجأت إلى إجراء مماثل العام الماضي، عندما اعتمدت تشريعًا طارئًا لتمديد الميزانية، قبل إقرار ميزانية عام 2025 بشكل نهائي في فبراير، عقب انتقادات واسعة لحكومة ميشيل بارنييه آنذاك.

وفي السياق ذاته، أقرت الحكومة ميزانية الضمان الاجتماعي لعام 2026، بعد شهرين ونصف من المناقشات التي شهدت هزيمة جزئية لليكورنو، وذلك نتيجة حوار وثيق مع الحزب الاشتراكي، جاء على حساب تقديم تنازلات تتعلق بتمويل الميزانية ومعاشات التقاعد.

وحدد ليكورنو خمسة محاور رئيسية يسعى للتوصل إلى توافق بشأنها مع مختلف الكتل السياسية، تشمل الزراعة، والسلطات المحلية، والإسكان، والأقاليم ما وراء البحار، إضافة إلى ملفات المستقبل والشباب. غير أن الانقسامات العميقة بين الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، الذي يرفض فرض أي ضرائب إضافية، حالت دون إقرار مشروع قانون تمويل الدولة، وهو الشق الثاني من قانون الميزانية.

وفي رد على سؤال لرئيس الكتلة الاشتراكية في مجلس النواب، بوريس فالو، أقر ليكورنو بوجود «تأخير طفيف» بين موقفي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، مؤكدًا أن الحكومة ستعمل على معالجته خلال الأيام المقبلة.

ومن المقرر أن يستأنف البرلمانيون مناقشات الميزانية مطلع العام الجديد، في وقت تواجه فيه فرنسا ديونًا متزايدة، وسط إخفاق المفاوضات حتى الآن في رسم مسار واضح لخفض العجز.

وأكد الرئيس إيمانويل ماكرون، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أن على الحكومة تقديم ميزانية «في أسرع وقت ممكن خلال يناير»، تحقق هدف عجز عند مستوى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتؤمن تمويل الأولويات الوطنية.

وتسعى الحكومة إلى إجراء قراءة جديدة لمشروع الميزانية داخل لجنة المالية في الجمعية الوطنية في الخامس أو السادس من يناير، غير أن رئيس اللجنة إريك كوكيريل رجح أن يتم ذلك في السابع أو الثامن من الشهر، على أن تبدأ المناقشات في الجلسة العامة اعتبارًا من 12 يناير.

وفي حال فشل البرلمان مجددًا في إقرار الميزانية، سيتزايد الضغط على الحكومة للجوء إلى المادة 49.3 من الدستور، التي تسمح باعتماد مشروع القانون دون تصويت، باستثناء تقديم اقتراح بحجب الثقة. ورغم الضغوط المتكررة من أحزاب اليمين والوسط، يواصل ليكورنو رفض هذا الخيار، بدعم من رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون-بيفيت، التي شددت على معارضتها الشديدة لاستخدام المادة، داعية إلى التوصل لحل توافقي.

ويرى مراقبون أن تمرير الميزانية عبر المادة 49.3 يظل رهينًا بتفاهم مع الحزب الاشتراكي، إذ لا يمكن تمرير اقتراح حجب الثقة دون أصواته، في حين تعتبر الحكومة أن هذا السيناريو، رغم تعقيداته، قد يكون أقل صعوبة من الحصول على موافقة برلمانية كاملة على الميزانية في ظل الانقسامات الحالية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة