فيسبوك
واتساب
تعد عبارة "المرأة خُلقت من ضلع أعوج" واحدة من أكثر الجمل تداولًا في الثقافة العربية، لكنها في الوقت نفسه من أكثر العبارات التي تعرضت لسوء الفهم والتأويل، ولإزالة الالتباس، يصبح من الضرورى العودة إلى المصادر الأصلية القرآن الكريم، الحديث النبوي الصحيح، وشروح العلماء الكبار.
أولًا.. ماذا يقول القرآن الكريم؟
لا يرد في القرآن أي ذكر لفكرة "الضلع"
النص القرآني الوحيد المتعلق بالخلق هو قوله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها).
وقد فسر الطبري في (تفسير الطبري) وابن كثير (تفسير ابن كثير) أن المقصود "نفس واحدة" هو آدم، و"خلق منها زوجها" أي من جنسه، دون تحديد مادة الخلق.
ثانيًا.. ماذا تقول السنة النبوية؟
الروايات الصحيحة التي وردت فيها الإشارة إلى "الضلع" هي: حديث صحيح البخاري "استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه" (صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب المداراة مع النساء، رقم الحديث 3331).
حديث صحيح مسلم
"إن المرأة خُلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة" صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، رقم الحديث 1468.
ملاحظة مهمة: الروايات لم تقل: "خُلقت من ضلع أعوج"، بل قالت: "من ضلع"، ثم وصفت "أعوج شيء في الضلع أعلاه"، أي أن العوج وصف للضلع نفسه، لا للمرأة كخلقة.
ثالثًا.. كيف فهم العلماء معنى "العوج"؟
* الإمام النووي.. شرح النووي على صحيح مسلم.
يرى أن الحديث تمثيل للطباع، وليس وصفًا لنقص الخلقة
* ابن حجر العسقلاني.. (فتح الباري)
يؤكد أن الحديث، يهدف إلى حث الرجال على الرفق
* القرطبي.. الجامع لأحكام القرآن
يذهب إلى أن العوج يقصد به الاختلاف في الخُلُق والمشاعر، لا العيب
رابعًا.. الخلاصة العلمية
القرآن لم يذكر الضلع إطلاقًا.
الأحاديث الصحيحة ذكرت الضلع، لكنها لم تقل "ضلع أعوج".
العلماء أجمعوا أن المقصود تمثيل لطبيعة المرأة العاطفية ورقتها، لا اتهامها بالنقص.
الاستخدام الشعبي لعبارة "المرأة خُلقت من ضلع أعوج" تحريفٌ للمعنى النصي حمل إيحاءات لم يقصدها الحديث في أصله.
وبذلك يتضح أن العبارة الشائعة تحتاج فعلًا إلى تحقيق علمي يضعها في سياقها الصحيح، ويحررها من التوظيف الثقافي المغلوط الذي ساد عبر الزمن.
