لماذا تزداد الكحة سوءًا ولا تتحسن؟.. ومتى يجب أن تزور طبيبا

قد تبدأ الكحة كعرض بسيط بعد نزلة برد، ثم تظلّ ملازمة لك أسابيع طويلة حتى بعد أن تتعافى من كل الأعراض الأخرى. ومع مرور الوقت، تتحول من مصدر إزعاج مؤقت إلى علامة تُثير القلق، خصوصًا عندما تفشل الأدوية المنزلية في تهدئتها أو تعود بشكل متكرر دون سبب واضح.

وفقًا لتقرير نشره موقع WebMD الطبي الأمريكي، فإن استمرار السعال لأكثر من ثمانية أسابيع يُصنّف طبيًا ضمن فئة “السعال المزمن”، وغالبًا ما يشير إلى وجود سبب خفي يحتاج إلى تقييم وعلاج محدد، وليس مجرد بقايا من عدوى فيروسية.

عندما لا يكون الأمر مجرد نزلة برد
 

يُعد السعال أحد ردود الفعل الدفاعية الطبيعية للجسم لطرد المهيجات من مجرى التنفس، لكنه أحيانًا يصبح عرضًا لخلل أعمق.
من أبرز الأسباب الشائعة ما يُعرف بـ سيلان الأنف الخلفي، وهو تساقط المخاط من الأنف إلى الحلق نتيجة التهاب أو حساسية، مما يثير نوبات سعال متكررة خصوصًا في أثناء الليل.
وفي هذه الحالة، يكون العلاج باستخدام بخاخات الأنف المضادة للاحتقان أو مضادات الهيستامين، وأحيانًا بخاخات الكورتيزون لتقليل الالتهاب.

الربو والسعال المتكرر
 

يُعتبر الربو من الأسباب الخفية التي تجعل الكحة مزمنة ومستمرة. عند الإصابة بالربو، تضيق الشعب الهوائية، ويزداد إفراز المخاط، فيحاول الجسم التخلص منه عبر السعال المستمر.
غالبًا ما يزداد السعال في الأجواء الباردة أو مع المجهود أو التعرض للغبار.
يصف الأطباء في هذه الحالات بخاخات موسّعة للشعب الهوائية وأخرى تحتوي على الكورتيزون للسيطرة على الالتهاب وتحسين التنفس.

العدوى التنفسية التي تترك أثرًا

حتى بعد الشفاء من الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي أو عدوى كوفيد-19، يمكن أن يستمر السعال لأسابيع لأن مستقبلات السعال في الرئتين تظل متهيجة.
وفي بعض الأحيان يكون السبب السعال الديكي، وهو عدوى بكتيرية قد تصيب البالغين رغم التطعيمات السابقة.
ينصح الأطباء بإجراء تحليل دم أو مسحة حلق عند استمرار السعال لفترة طويلة، إذ قد تتطلب الحالة مضادًا حيويًا أو علاجًا مخصصًا للعدوى البكتيرية.

ارتجاع المريء.. عندما يأتي السبب من المعدة
 

ليس كل سعال مصدره الرئتان؛ ففي حالات الارتجاع المعدي المريئي (GERD)، يتسرب حمض المعدة إلى أعلى المريء، مما يسبب تهيجًا في الحلق والشعب الهوائية فيؤدي إلى كحة جافة مزمنة.كثير من المرضى لا يعانون حرقة معدة واضحة، لذا يصعب الربط بين المشكلتين.العلاج يشمل تعديل نمط الحياة، تجنّب الوجبات الدسمة، الشوكولاتة، المشروبات الغازية،  مع تجنّب الاستلقاء بعد الأكل مباشرة.وفي الحالات المزمنة، تُستخدم أدوية تُعرف بـ مثبطات مضخة البروتون لتقليل إنتاج الحمض.

أدوية الضغط وتأثيرها الجانبي
 

بعض أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، خصوصًا تلك المعروفة باسم مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، قد تُسبب سعالًا جافًا مزمنًا لدى ما يصل إلى 20% من مستخدميها.إذا كان السعال بدأ بعد تغيير دواء الضغط، فاستشارة الطبيب ضرورية لتبديله بعقار بديل آمن.

التدخين والسعال المستمر
 

“كحة المدخنين” واحدة من العلامات المبكرة لتضرر الرئتين بسبب التعرض المستمر للدخان والمواد الكيميائية في السجائر.يحاول الجسم عبر السعال التخلص من المخاط والسموم المتراكمة، لكن الضرر المزمن للرئتين يجعل التحسّن بطيئًا حتى بعد التوقف عن التدخين.قد تكون الكحة علامة مبكرة على مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، وهي حالة تستدعي المتابعة الدقيقة والعلاج طويل الأمد.

عندما تكون الكحة جرس إنذار
 

في حالات نادرة، قد يشير السعال المستمر إلى سرطان الرئة، خصوصًا لدى المدخنين أو من لديهم تاريخ عائلي للمرض.يُوصي الأطباء بإجراء فحوص شاملة إذا استمر السعال دون سبب واضح أو صاحبه ضيق تنفس، بحة صوت، أو خروج دم مع البلغم.الفحص بالأشعة المقطعية وتحاليل الدم قد يكونان ضروريين لتحديد السبب الحقيقي واستبعاد الأخطر.

كيف يُشخّص السبب؟
 

يبدأ الطبيب عادةً بأخذ التاريخ المرضي المفصل: مدة السعال، وجود البلغم أو الدم، العوامل المحفزة، ونوعية الأدوية المستخدمة مؤخرًا.بعد ذلك، يجري فحصًا بدنيًا شاملًا للرئتين والقلب، وقد يطلب أشعة صدر أو اختبار وظائف التنفس لتقييم مدى كفاءة الرئتين.وفي بعض الحالات، تُجرى اختبارات إضافية مثل قياس حموضة المريء أو اختبار الحساسية، إذا كان السبب غير واضح بعد الفحص الأولي.

متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟
 

يُنصح بعدم تجاهل الكحة إذا استمرت أكثر من شهرين، أو إذا كانت مصحوبة بأعراض مثل الحمى، ضيق النفس، ألم الصدر، أو فقدان الوزن غير المبرر.
أما إذا ظهر دم مع البلغم، فلابد من مراجعة الطبيب فورًا لتحديد السبب وعلاجه في الوقت المناسب.