منظمة العمل الدولية: أنظمة حماية الأجور فى الخليج حققت تقدما كبيرا خلال 14 عاما.. أكثر من 76 ألف منشأة فى قطر و650 ألفا في السعودية ضمن نظام الحماية.. .. 2.7 مليار ريال تعويضات صرفها صندوق دعم العمال بالدوحة

الخميس، 27 نوفمبر 2025 11:03 ص
منظمة العمل الدولية: أنظمة حماية الأجور فى الخليج حققت تقدما كبيرا خلال 14 عاما.. أكثر من 76 ألف منشأة فى قطر و650 ألفا في السعودية ضمن نظام الحماية.. .. 2.7 مليار ريال تعويضات صرفها صندوق دعم العمال بالدوحة منظمة العمل الدولية

كتبت آية دعبس

ـ فحص تلقائي للراتب الأساسي وربط الانتهاكات بالحد الأدنى للأجور في بعض الدول

في تقرير تحليلي شامل، استعرضت منظمة العمل الدولية التجربة الممتدة على مدى 14 عاماً في دول مجلس التعاون الخليجي الست، والتي شهدت تطوراً تقنياً لافتاً في مجال حماية الأجور. ويكشف تقريرنا أن جميع الدول قامت بإدخال أنظمة إلكترونية متكاملة لحماية الأجور، تشمل وزارات العمل والبنوك ومراكز الصرافة والمؤسسات المالية المعتمدة. هذه الأنظمة، التي كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في تطبيقها عام 2009، تهدف إلى مراقبة الأجور المدفوعة من قبل أصحاب العمل للعاملين في القطاع الخاص، وهي خطوة نعتبرها في المنظمة متقدمة نحو ضمان الدفع الصحيح والمنتظم للأجور.

التطور الزمني والتغطية

بدأت الإمارات العربية المتحدة رحلة تطبيق نظام حماية الأجور عام 2009، تلتها السعودية عام 2013 حيث طبق النظام في البداية على الشركات التي تضم أكثر من 3,000 موظف، قبل أن يتوسع ليشمل جميع شركات القطاع الخاص بحلول 2023، أما عمان فقد عدلت قانون العمل عام 2014 لإلزام الشركات بإيداع الرواتب في البنوك المحلية، مع إطلاق النسخة الأحدث من النظام في يوليو 2023. وفي نفس العام، أطلقت كل من الكويت وقطر أنظمتها عام 2015، فيما كانت البحرين آخر الدول انضماما عام 2021.

تغطي هذه الأنظمة حاليا جميع العاملين في القطاع الخاص، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، في جميع دول المجلس، باستثناء العاملين في القطاع العام الذين يخضعون لتشريعات عمل منفصلة، ومع ذلك، تبقى تغطية العمالة المنزلية محدودة، حيث تعد السعودية الدولة الوحيدة التي أدخلت نظام حماية أجور إلزاميا لجميع العمال المنزليين اعتبارا من يوليو 2024 للعقود الجديدة، بينما تغطي الإمارات خمس فئات فقط من فئات العمالة المنزلية بشكل إلزامي.

آليات العمل والتحديات

تعتمد جميع الأنظمة على ملف معلومات الراتب الموحد الذي يقدمه أصحاب العمل إلى البنوك أو المؤسسات المالية المعتمدة، والذي يحتوي على تفاصيل حسابات الأجور لكل عامل في فترة الدفع المحددة. يمثل هذا الملف المصدر الأساسي للبيانات التي تمكن الأنظمة من كشف انتهاكات الأجور من خلال مقارنتها بالبيانات المسجلة عند توظيف العامل.

تختلف المعلومات المطلوبة في ملف الراتب بين دول المجلس، ففي البحرين والكويت يكفي تقديم رقم واحد يشمل جميع عناصر الأجر، بينما تطلب السعودية تفصيلا يشمل الراتب الأساسي وبدل السكن والمدفوعات الإضافية بما فيها العمل الإضافي، أما في عمان وقطر، فيمكن لأصحاب العمل إضافة ساعات إضافية أو دخل إضافي حسب الحاجة، وتوفر الإمارات قسما اختياريا مستقلا يميز بين سبعة أنواع من المدفوعات المتغيرة للعمال.

تميزت قطر بكونها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تفحص الامتثال للحد الأدنى للأجور ضمن نظامها، مما يعكس تطورا في آليات الحماية. ومع ذلك، لا يزال هناك عدد من الانتهاكات الشائعة للأجور لا ترصدها الأنظمة الخليجية بشكل روتيني، مثل مدفوعات نهاية الخدمة، باستثناء الإمارات التي تضمنها كخيار اختياري في ملف الراتب.

آليات كشف الانتهاكات

صممت الأنظمة الخليجية لكشف نوعين رئيسيين من انتهاكات الأجور: تأخير الدفع وعدم دفع الأجور، حيث تجري بعض دول المجلس فحوصات تلقائية لمقارنة المدفوعات بالراتب الأساسي في العقود المسجلة للعمال (كما في الكويت وعمان والإمارات)، أو بمعلومات الراتب الأساسي المحفوظة في قاعدة بيانات الضمان الاجتماعي (كما في السعودية ومخطط في البحرين)، أو بالحد الأدنى للأجور الوطني (كما في قطر).

تتبع السعودية والإمارات نهجا يعتمد على تقييم شامل لرواتب المنشأة بأكملها، بدلا من التركيز على ما إذا كان العمال الأفراد متأثرين بانتهاكات الأجور، ففي الإمارات يعرف الامتثال بأنه دفع ما لا يقل عن 80% من العمال 80% على الأقل من راتبهم الأساسي المسجل عبر النظام، بينما في السعودية يتحقق الامتثال إذا اجتازت المنشأة خمسة فحوصات أساسية لما لا يقل عن 90% أو 95% من القوى العاملة، حسب حجم الشركة.

في المقابل، لا تستخدم قطر حدودا على مستوى المنشأة لتحديد الامتثال، بل تطلق تنبيهات عدم الامتثال عند حدوث انتهاكات للأجور تؤثر على العمال الأفراد. كما تبرز ممارسات ناشئة في استخدام الأنظمة لتحديد انتهاكات غير متعلقة بالأجور، حيث يشير النظام في قطر إلى مخالفة إذا سجل ملف الراتب ساعات عمل إضافية تتجاوز الحدود القانونية الوطنية للحد الأقصى لساعات العمل الإضافي.

دور العمال في المراجعة

تتيح جميع الأنظمة لأصحاب العمل فرصة تبرير سبب عدم توافق الدفع مع الراتب الأساسي المسجل في ملف الراتب، وذلك لتجنب معاقبتهم على ظروف مثل كون العامل في إجازة غير مدفوعة، أو عمله أياما أقل، أو مغادرته الشركة، إلا أن السعودية هي الدولة الوحيدة التي تطلب من العمال أيضا الموافقة على التبرير من خلال رابط إلى منصة مداد يتلقونه عبر رسالة نصية قصيرة بالإنجليزية والعربية. وعندما يرفض العامل تبرير صاحب العمل، تبدأ الوزارة المعنية بمزيد من التعامل والتحقيق مع صاحب العمل.

يعتمد نهج مماثل في عمان حيث يجري تطوير بوابة جديدة للنظام ستزود العمال بتفاصيل أي خصومات من راتبهم وتمنحهم فرصة للموافقة عليها أو الاعتراض عليها. ومع ذلك، لا توجد متطلبات في دول المجلس لتزويد العمال بقسائم رواتب مفصلة توضح بنودا تفصيلية لكيفية احتساب أجورهم، رغم أن المعلومات ذات الصلة والبيانات المفصلة للأجر تجمع بواسطة الأنظمة، مما يحد من قدرة العمال على الطعن في مدفوعات الأجور غير الدقيقة المحتملة.

آليات التنفيذ والعقوبات

عندما تكتشف مخالفة لأحد الأنظمة، تتمثل آلية التنفيذ الأساسية في جميع دول المجلس في تعليق وصول المنشأة إلى خدمات وزارة العمل، بما في ذلك إصدار تصاريح العمل المستقبلية، مما يمنع أصحاب العمل غير الملتزمين من توظيف عمال جدد. كما تنص الإمارات وقطر والسعودية على عقوبات مالية للشركات التي تفشل في الامتثال للنظام، رغم أن صلاحية فرض هذه العقوبات عادة ما تكون خارج نطاق فريق نظام حماية الأجور وتتطلب تدخل السلطة القضائية.

تختلف الجداول الزمنية لحجب الوصول إلى الخدمات الحكومية بين دول المجلس، ففي قطر يتم "حجب" الشركات من الوصول إلى الخدمات الحكومية في غضون ثمانية أيام من تاريخ استحقاق الدفع، بينما لدى الشركات في السعودية 16 يوما للامتثال قبل اتخاذ مثل هذا الإجراء.

الفجوة في التعويضات

على الرغم من أن دول المجلس تشير إلى هدف تقليل عدد النزاعات العمالية كمبرر رئيسي لإدخال أنظمة حماية الأجور، فإن الطريقة التي صممت بها هذه الأنظمة وتشغل حاليا تعني أن العمال لا يزالون معتمدين على آليات إدارية وقضائية أخرى لحل نزاعات الأجور والحصول على تعويض. فحتى عندما يحدد النظام انتهاكا للأجور، لا يؤدي ذلك تلقائيا إلى تسهيل تعويض العمال المتضررين بشكل مباشر.

في الأنظمة الحالية، يمكن أن تؤدي انتهاكات النظام إلى عملية لمعاقبة صاحب العمل، والتي من المفترض نظريا أن تؤدي إلى حصول العمال على أجورهم الصحيحة. لكن إذا استمر صاحب العمل في عدم الدفع، سيحتاج العمال إلى تقديم شكوى منفصلة أو رفع قضية ضد صاحب العمل من خلال الآلية الإدارية أو القضائية المعنية للوصول إلى تعويض عن انتهاكات الأجور، مما يضع عبئا ثقيلا على العمال، وخاصة العمال المهاجرين الذين قد يفتقرون إلى الموارد أو المهارات اللغوية أو الأموال أو الوقت اللازم للمرور بإجراءات قانونية منفصلة.

الاستثناءات والتحديات في التطبيق

يواجه تطبيق الأنظمة تحديات عملية، خاصة في البحرين حيث أصبح النظام إلزاميا لجميع المنشآت منذ يناير 2022، إلا أن 100% من المؤسسات الكبيرة (500+ موظف) مسجلة في النظام، بينما 25% فقط من المؤسسات الصغيرة (1-49 موظف) سجلت. كما يتبع نهج تدريجي في عمان حيث طبق النظام في البداية على الشركات التي تضم أكثر من 50 عاملا، قبل أن يتوسع ليشمل الشركات الأصغر.

من التحديات الخاصة في جميع دول المجلس تحقيق تسجيل ومشاركة الشركات الصغيرة التي قد تفتقر إلى القدرة البشرية في الموارد البشرية وتفتقد نظام رواتب رسمي. ولدعم هذه الشركات، تتوفر مجموعة من شركات الرواتب التي تقدم الدعم الإداري لمساعدة أصحاب العمل على الامتثال لمتطلبات النظام، أو موظفين مخصصين في بنوك معينة.

الإحصائيات والأرقام الرئيسية

تكشف البيانات المتاحة عن نطاق تطبيق واسع للأنظمة، ففي قطر بلغ عدد الشركات المسجلة في النظام 76,000 شركة في يوليو 2024، بينما تغطي السعودية حوالي 650,000 منشأة في القطاع الخاص. وتظهر أرقام قطر فعالية النظام في فرض الالتزام، حيث بلغ عدد حالات الحجب للشركات 17,793 حالة مع 4,595 تقرير مخالفة خلال الفترة من يناير إلى ديسمبر 2023، بينما وصل عدد حالات الحجب إلى 12,031 حالة مع 4,503 تقرير مخالفة في الفترة من يناير إلى يوليو 2024.

أما في مجال التعويضات، فقد صرف صندوق دعم وتأمين العمال في قطر أكثر من 2.7 مليار ريال قطري (741 مليون دولار أمريكي) حتى أغسطس 2023، حيث تم صرف حوالي نصف هذا المبلغ لأكثر من 142,000 عامل.

في الإمارات، تقدر تكلفة قسط التأمين الإلزامي على أصحاب العمل ب 137.5 درهم إماراتي (37 دولار أمريكي) للعمال المهرة، و180 درهم (49 دولار) للعمال منخفضي المهارة، و105 دراهم (28 دولار) للعمال المنزليين، بينما ترتفع إلى 250 درهم (68 دولار) للمنشآت عالية الخطورة غير الملتزمة بالنظام، مع توفير تغطية تأمينية قصوى تبلغ 20,000 درهم (5,445 دولار) لكل عامل في حالة عدم دفع الأجور.

التوصيات المستقبلية

وقدم التقرير سلسلة من التوصيات لتعزيز فعالية الأنظمة، تتمحور حول أربعة محاور رئيسية: توسيع التغطية لتشمل جميع العمال المعرضين لقضايا الأجور، التقاط بيانات عالية الجودة، تحسين الكشف المنهجي عن انتهاكات الأجور، وربط الانتهاكات بآليات تنفيذ وتعويض قوية. كما يتضمن توصيات منفصلة لدعم إدراج العمال المنزليين ضمن الأنظمة على أساس إلزامي، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الفريدة التي يواجهونها مقارنة بالعمال في القطاع الخاص الأوسع.


 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة