عندما يتحدث الناس عن اللياقة البدنية، يركّزون غالبًا على عضلات البطن أو الذراعين، لكن السر الحقيقي للقوة والاستقرار يكمن في منطقة لا نراها كثيرًا: الظهر. هذه العضلات العميقة التي تعمل بصمت هي ما يسمح لك بالوقوف بثبات، والانحناء بأمان، وحمل أعباء الحياة اليومية دون ألم.
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، وضع المدرب الشخصي إريك بوتسفورد برنامجًا منزليًا متكاملًا لتقوية عضلات الظهر يمكن لأي شخص تطبيقه دون مغادرة المنزل أو استخدام أجهزة رياضية معقدة. يعتمد البرنامج على ثلاث مراحل تصاعدية في الصعوبة، بحيث يبني الجسم تدرّجيًا قوته وثباته بطريقة آمنة وفعالة.
كيف يؤثر ضعف عضلات الظهر على حياتك اليومية؟
الجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات أصبح سلوكًا شائعًا، لكنه يُعد من أكثر أسباب ضعف الظهر شيوعًا. حين تضعف هذه العضلات، يبدأ العمود الفقري في فقدان استقامته الطبيعية، فتظهر مشكلات الوضعية وآلام أسفل الظهر والكتفين. إن تقوية هذه المنطقة تعني استعادة التوازن بين الجزء الأمامي والخلفي للجسم، أي بين عضلات البطن والظهر، وهو ما يمنحك قدرة على الحركة بحرية وثقة.
تمارين البداية: التأسيس بلا عناء
المرحلة الأولى مناسبة تمامًا للمبتدئين، وهدفها تنشيط العضلات العميقة التي تُثبّت العمود الفقري.
ابدأ بتمرين “الانحناء الخلفي الثابت” بالوقوف مع ثني بسيط للركبتين والميل إلى الأمام ببطء حتى تشعر بانقباض في عضلات أسفل الظهر.
بعده جرّب “الاستلقاء المجوف”، حيث تستلقي على ظهرك وترفع ساقيك وذراعيك قليلًا ليأخذ جسمك شكل القوس، مع شد البطن والظهر في آن واحد.
أما تمرين “الرفع بالدمبل” فهو حجر الأساس لتقوية الظهر السفلي وتحسين توازن الحركة، ويُمارس برفع الأوزان من مستوى الركبة إلى أعلى الفخذين مع التركيز على التحكم.
المستوى المتوسط: بناء القوة والتحكم
عندما تشعر بالثبات، يمكنك الانتقال إلى مجموعة الحركات المتوسطة التي تدمج القوة مع الدقة.
تمرين “السحب المنحني” يقوّي منتصف الظهر ويعيد تنشيط العضلات المسؤولة عن شد الكتفين إلى الخلف.
أما “الطيران العكسي” فيركّز على الجزء العلوي للظهر، مما يساعد على تصحيح الانحناءات الناتجة عن الجلوس.
ويُختتم هذا المستوى بتمرين “حمل الأثقال الجانبي” أو ما يُعرف بـ"حمل المزارع"، وهو من التمارين التي تبني الثبات في الجذع وتعزّز التوازن أثناء الحركة.
المستوى المتقدم: السيطرة الذكية على الجسد
المرحلة الأخيرة تُعدّ اختبارًا حقيقيًا للتناسق العضلي.
ابدأ بـ“الرفع الأحادي”، حيث ترفع وزنًا واحدًا في كل مرة، ما يدفع الجسم إلى تجنيد العضلات الجانبية للحفاظ على الاتزان.
ثم انتقل إلى “تأرجح الدمبل”، وهو تمرين ديناميكي يحفّز الفخذين والوركين وأسفل الظهر في حركة انسيابية واحدة.
وأخيرًا تمرين “السحب الجانبي من وضع البلانك”، وهو حركة معقّدة تجمع بين التحمل العضلي للذراعين وثبات العمود الفقري والجذع.
كيف تبني برنامجك المثالي؟
يقترح بوتسفورد أداء كل تمرين لمدة 30 ثانية، يعقبها 30 ثانية من الراحة، في ثلاث جولات متتالية، بمعدل مرتين أسبوعيًا في البداية، ثم زيادتها تدريجيًا إلى ثلاث مرات.
المفتاح الحقيقي للنجاح هو الاستمرارية والانتباه للتقنية الصحيحة أكثر من التركيز على الوزن أو السرعة.
ولا مانع من استخدام أدوات بسيطة داخل المنزل — مثل الكتب أو زجاجات المياه — بدلًا من الدمبل، طالما يتم الالتزام بشكل الحركة الصحيح.
التمارين المنزلية ليست مجرد بديل عن صالة الرياضة، بل هي فرصة لاستعادة العلاقة بينك وبين جسدك. فالظهر القوي ليس فقط مظهرًا صحيًا، بل هو أساس للحركة، وللثقة، وللشعور بالاستقلالية مع التقدم في العمر.