يواجه كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا تحديًا كبيرًا آخر لسلطته مع تعهد نواب غاضبين من حزب العمال بفرض تغييرات على تدابير الهجرة المتشددة الجديدة، والتى من شأنها أن تؤدى إلى تصعيد فى عمليات ترحيل الأطفال والأسر، وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وأدت هذه السياسات - التى تشمل إمكانية مصادرة أصول طالبى اللجوء للمساهمة فى التكاليف - إلى انقسامات كبيرة داخل الحزب، حيث اتهم بعض النواب زملاءهم بعدم أخذ الغضب الشعبى بشأن الهجرة غير الشرعية واللجوء على محمل الجد.
وأعلن المحافظون أنهم قد يدعمون الحكومة لإقرار القوانين الجديدة الصارمة فى حال حدوث تمرد كبير داخل حزب العمال.
إجراءات جذرية للحد من عدد طالبى اللجوء إلى المملكة المتحدة
وحددت وزيرة الداخلية، شبانة محمود، عددًا من الإجراءات الجذرية، بما فى ذلك كيفية سعى الحكومة لتغيير طريقة تفسير قضاة المملكة المتحدة للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) فى محاولة لمنع طالبى اللجوء من استخدام حقوقهم فى الحياة الأسرية لتجنب الترحيل. وتشمل السياسات إجراء مشاورات بشأن إنفاذ ترحيل العائلات، بمن فيهم الأطفال، الذين حُرموا من حق الإقامة فى المملكة المتحدة ورفضوا تلقى أى مدفوعات تشجعهم على المغادرة.
وجاء فى وثيقة سياسية صدرت الاثنين: «سنبدأ مشاورات بشأن عملية إنفاذ ترحيل العائلات، بمن فيهم الأطفال. »
ودافع ستارمر عن خطط الحكومة بشأن اللجوء، التى قوبلت بقلق من قبل العديد من نواب حزب العمال.
وقال لصحيفة ديلى ميرور: «ورثنا نظام لجوء معطلًا، كما ورثنا اقتصادا معطلًا، وخدمات عامة معطلة، وخدمة صحية وطنية معطلة. لذا، علينا أن ننهض ونصلح الوضع.»
وأضاف: «علينا التأكد من وجود إجماع فى هذا الشأن، وأن يثق الناس بنظام اللجوء لدينا، والحقيقة هى أننا بحاجة إلى منع وصول الأشخاص الذين لا ينبغى أن يكونوا هنا، وعلينا إعادة أولئك الذين يتبين أنهم ليسوا لاجئين حقيقيين. »
قلق داخل حزب العمال من سياسات الحكومة للحد من اللجوء
وأعرب ما لا يقل عن 20 نائبًا فى البرلمان علنًا عن قلقهم إزاء هذه السياسات، بمن فيهم النائب عن فولكستون والمحامى السابق فى مجال حقوق الإنسان، تونى فوجان، ورئيسة اللجنة المختارة سارة أوين، ونواب الدفعة 2024، بمن فيهم سيمون أوفر، وأبتسام محمد، ونيل دنكان-جوردان.
وسألت فلورنس إيشالومى، رئيسة لجنة الإسكان والمجتمعات المحلية، محمود فى مجلس العموم عما إذا كانت متأكدة من عدم وجود "عواقب غير مقصودة" لهذه السياسات.
وفى حديثها فى مجلس العموم، انتقدت محمود النواب لتلميحهم إلى استخدامها لغةً مثيرةً للانقسام. وأشارت إلى الإساءة العنصرية الفظّة التى قالت إنها تُستخدم بانتظام ضدها من قِبل أشخاص يطالبونها بالعودة إلى الوطن.
وقالت: "أعلم من خلال تجربتى الشخصية وتجربة ناخبى مدى الانقسام الذى أصبح عليه اللجوء فى بريطانيا".
ورغم هذا الرفض، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن مقترحات وزيرة الداخلية العمالية حظيت بإشادة نواب من حزبى الإصلاح والمحافظين.
هل تنضم وزيرة داخلية بريطانيا لحزب إصلاح المملكة المتحدة
ورحب النائب المحافظ السابق دانى كروجر بـ"خطاب" وزيرة الداخلية، بل وألمح مازحًا إلى أنها قد تنضم إليه فى الانضمام إلى حزب إصلاح المملكة المتحدة.
ورغم هذا الثناء الأولى، أعرب كروجر عن تحفظات كبيرة للنواب، خوفًا من أن سياسات اللجوء الجديدة لن "تضع حدًا للحرب القانونية" التى يزعم أن طالبى اللجوء المرفوضين يستخدمونها لتأخير وعرقلة ترحيلهم من البلاد.
وكشفت محمود الاثنين عن سلسلة من الإجراءات، مصممة خصيصًا "لمعالجة عوامل الجذب التى تجذب الناس إلى هذا البلد".
تشمل هذه الإجراءات خططًا لإلغاء المزايا للاجئين "القادرين على العمل لكنهم يختارون عدم العمل".
إعادة تعريف مصطلح الأسرة
كما تعهدت وزيرة الداخلية بتضييق نطاق تفسير المملكة المتحدة للمادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التى تحمى الحق فى احترام الحياة الخاصة والعائلية. بموجب التغييرات المقترحة، سيُعرّف مصطلح "الأسرة" بأنه «الوالدان وأبناؤهم»، ولن يُسمح لطالبى اللجوء بتقديم طلبات اللجوء باستخدام هذا الحق إلا إذا كانوا موجودين بالفعل فى المملكة المتحدة.
ووصفت كيمى بادينوك، زعيمة حزب المحافظين، هذه الخطوات بأنها "خطوات صغيرة، لكنها إيجابية".
وقال كروجر لمجلس العموم: «أرحب بالخطاب الذى أعلنته وزيرة الداخلية. فى الواقع، أُدرك خطاب وزيرة الداخلية اليوم - لدينا خطتنا لاستعادة العدالة، وقد أعلنت عن خطة لاستعادة النظام والسيطرة. لكن قبل أن تُقدّم طلبها للانضمام إلى حزب «إصلاح المملكة المتحدة»، وأنا أرحّب بها بشدة، هل يُمكننى توضيح الفرق بين حزبينا. »
وأضاف: على عكس الحكومة، لا نقترح منح المهاجرين غير الشرعيين حق الإقامة هنا لمدة عامين ونصف بعد وصولهم، ولا نقترح منحهم حق الدراسة والعمل هنا، ولا نقترح السماح لهم بإحضار عائلاتهم، والأهم من ذلك، لن نُحرّف قانوننا ليتوافق مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.