يشعر كثيرون بأنهم يمنحون أجسادهم الوقت الكافي للنوم، ومع ذلك ينهضون في الصباح مثقلين بالتعب، كأن ساعات الراحة لم تُحدث أي فارق، هذه الحالة مشكلة شائعة قد تُفقد النوم قيمته الأساسية في تجديد الطاقة وتحسين القدرة الذهنية خلال اليوم. وفقًا لتقرير نشره موقع Time.com، فإن هذه الظاهرة تُعدّ إشارة إلى خلل في جودة النوم أو وجود عوامل طبية ونفسية تؤثر في عمق المراحل الحيوية منه، حتى وإن بدا عدد الساعات مناسبًا.
ماذا يحدث أثناء النوم غير المُنعش؟
النوم الطبيعي يمرّ بدورات متعددة، تتدرّج من النعاس الخفيف إلى النوم العميق الذي يُعيد بناء الخلايا ويُقلل الالتهاب ويُهيّئ الدماغ ليوم جديد. حين يفقد الجسم القدرة على الدخول في مراحل النوم العميق بكفاءة، يستيقظ الشخص متعبًا، مهما طالت مدة نومه. الدراسات تُشير إلى أن بعض الأفراد يتعرّضون لاستيقاظات قصيرة للغاية أثناء الليل، لا يتذكرونها، لكنها تُعطّل استقرار الموجات الدماغية التي تميّز النوم العميق، مما يقلل القيمة الاستشفائية للنوم.
الأسباب الطبية المحتملة
هناك حالات مرضية قد تُحوّل النوم إلى فعل غير مُجدٍ، منها اضطرابات التنفس أثناء النوم، ومتلازمة النوم القهري، ومتلازمة تململ الساقين، والإرهاق المزمن، إضافة إلى الألم العضلي الليفي وبعض مضاعفات العدوى الفيروسية طويلة الأمد. في مثل هذه الاضطرابات، يتعامل الدماغ مع النوم كمهمة مجزأة، لا كتجربة متصلة، فتضطرب الدورات الطبيعية، ويختل الشعور بالراحة. ولهذا يؤكد الأطباء أن تكرار الاستيقاظ بتعب شديد يستدعي تقييمًا طبيًا لاستبعاد الأسباب العضوية.
تأثير العوامل النفسية والبيئية
الضغط العصبي والتوتر المستمر من أكثر العوامل التي تُفقد النوم عمقه، إذ يؤدي نشاط الجهاز العصبي الليلي إلى تقليل فترات الاسترخاء العضلي والدخول المتدرّج في النوم العميق. كما أن الضوضاء الخفيفة أو الضوء المتسرب من النوافذ قد يحولان دون تكوين البيئة المناسبة لنوم صحي. حتى تناول كميات محدودة من الكافيين في المساء يمكن أن يؤثر في مراحل النوم المتقدمة، ويؤدي إلى إرهاق في اليوم التالي.
هل تحصل فعلًا على عدد ساعات كافٍ؟
يبالغ البعض في تقدير قدرتهم على العمل مع ساعات نوم قليلة، بينما يُظهر الواقع أنهم يعيشون حالة حرمان جزئي من النوم، مما يشبه النوم غير المُنعش. ينصح المتخصصون باختبار بسيط: إلغاء المنبّه في أحد أيام العطلة ومراقبة وقت الاستيقاظ الطبيعي. إذا استمر الجسم في النوم ساعات إضافية، فهذا يعني أن النوم المعتاد خلال الأسبوع غير كافٍ، وأن الإحساس بالتعب ناجم عن تراكم الحاجة للنوم وليس عن اضطرابه.
دور الأدوية والمكمّلات
بعض أدوية النوم قد تُحسّن القدرة على الخلود بسرعة، لكنها تُسبب ما يُعرف بتأثير ما بعد النوم، وهو شعور بالثقل الذهني والدوخة عند الاستيقاظ. حتى الميلاتونين أو بعض المنتجات العشبية قد تُخلّ بتسلسل مراحل النوم، يُنصح المرضى بمراجعة الطبيب عند الشعور بترنّح الصباح بوضوح، فقد يكون تعديل الجرعة أو تغيير التوقيت كافيًا لحل المشكلة.
خطوات عملية لتحسين جودة النوم
الخطوة الأساسية هي الالتزام ببيئة مناسبة للنوم: غرفة هادئة مع إضاءة منخفضة ودرجة حرارة معتدلة. كما يُنصح بتقليل وقت استخدام الشاشات قبل النوم، ووضع روتين مسائي ثابت يُدرّب الجهاز العصبي على الانتقال التدريجي من اليقظة إلى النوم. النشاط البدني المنتظم خلال اليوم يُعدّ عنصرًا مساعدًا، فهو يُحسّن كفاءة النوم العميق عند الليل. كذلك تُساهم تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والتأمل وتمارين الإطالة في الحدّ من التوتر الذي يضعف جودة النوم.
متى يجب استشارة الطبيب؟
إذا استمر الشعور بالتعب لأيام متتالية على الرغم من الالتزام بنمط حياة صحي، أو إذا ظهرت أعراض إضافية مثل الشخير العالي، أو توقف التنفس أثناء النوم، أو صعوبة البقاء مستيقظًا خلال النهار، فهذه مؤشرات تستلزم فحصًا طبيًا. التشخيص المبكر يحدّ من تأثير الاضطرابات على الذاكرة والتركيز والصحة العامة، ويُعيد للنوم وظيفته الطبيعية كوسيلة لتعافي الجسم والعقل.
خطوات تستعيد بها نشاطك
التحكم في العوامل المسببة للنوم غير المُنعش يمكّن الشخص من استعادة القدرة على التركيز والشعور باليقظة. ومن خلال تنظيم نمط الحياة، وتجنب المؤثرات التي تعرقل النوم، ومراجعة العادات اليومية، ومعالجة أي حالات طبية مرتبطة، يمكن تحويل النوم من تجربة مُرهقة إلى مصدر للطاقة.