أكرم القصاص

المصريون والانتخابات والرأى العام.. وعى الشعب ووعى الحكومة والبرلمان

الخميس، 13 نوفمبر 2025 10:00 ص


بمناسبة الانتخابات التى انتهت الجولة الأولى من المرحلة الأولى منها، نحن أمام واقع يفرض نفسه بسرعة، وتحولات ضخمة تجتاح العالم وتفرض أنواعا من التعامل لو كانت لدى الأطراف المختلفة قدرة على تفهم ما يجرى، وعندما نقول إن الشكل التقليدى للحكومة أو مجلسى النواب والشيوخ لم يعد مناسبا لعصر يشهد تغييرا كل يوم، وربما كل لحظة، وهو ما يفرض على هذه القوى إعادة النظر فى عملها، وألا تركن إلى أنها موجودة بالقوة أو بطريقة تلفيق وإنما عليها أن  تسعى لفهم ما يجرى، وما واجهته مصر طوال 14 عاما، خاصة السنوات الأخيرة فى حروب وصراعات آخرها الحرب فى غزة.

ونعود إلى الانتخابات التى تتم بشكل تقليدى بينما نحن فى واقع مختلف، حيث تظهر أدوات التواصل الاجتماعى ضمن أدوات الدعاية للمرشحين على المقاعد الفردية، وهو تحول بدأ قبل سنوات وأصبح الآن ضمن أدوات الدعاية الانتخابية، وأيضا هناك جمهور موجود على أدوات التواصل يمثل قطاعا من الناخبين وهو قطاع واسع وشاب، ومن بين الإحصائيات المهمة هناك على الأقل 98 مليونا من المصريين موجودون على مواقع التواصل أو يستخدمون الإنترنت، وبعضهم ينتج أو يستهلك ما ينشر سواء بإعادة النشر «شير» أو التعليق، ومعها منصات تبث بشكل مستمر موضوعات وفيديوهات، وتحليلات وتقارير بعضها يقوم على معلومات خاطئة أو يشكل نوعا من الدعاية المضادة أو التحريض، وبعضها يمثل تحليلات أو تقارير تتضمن بعض المعلومات الصحيحة وكثير من المعلومات غير المؤكدة أو المشكوك فيها، ويتم التعامل معها عرضا وربطا بين قوائم المرشحين ودور المال أو ارتفاع نسب رجال المال والأعمال فى هذه المجالس، وهو ما يعتبره ناشرو هذه التقارير نوعا من إعادة الماضى أو ترتيب المجالس بشكل لا يعبر عن مصالح الأغلبية، من المصريين، وبصرف النظر عن مدى صحة هذه التقارير، يفترض أن يتم التفاعل معها وتوضيحها والتفاعل لنفى أو الرد على هذه المعلومات حتى لا تتحول إلى بديهيات بينما هى مجرد معلومات.

لكل هنا ننبه إلى أهمية أن تعى مؤسسات الدولة التعامل مع هذه التقارير بعيدا عن حالة التجاهل او الاستسهال، وأن تتعامل مع الرأى العام بشكل أكثر عمقا، ونقول إن على الحكومة أو البرلمان أن تكون لديهما أدوات رصد المؤشرات يمكنها اكتشاف اتجاهات الرأى العام،  الذى ليس كتلة واحدة وإنما هو عالم متسع ومعقد، ويتضمن فئات عمرية واجتماعية وتنوعا كبيرا لا يمكن خداعه أو تمرير ما كان يتم سابقا.
وكما قلنا إن الشعب المصرى الذى نجح بوعيه خلال سنوات فى مواجهة تحديات ضخمة وتحولات أطاحت بدول من حولنا، من الصعب أن يتم التعامل معه بطرق قديمة ويجب أن تحترمه هذه الجهات وتعرف أن عالم اليوم ومواقع التواصل  تجعل من الرأى العام أمراً يجب أن يحسب حسابه وألا يتصور أحد أنه يمكن خداعه أو الضحك عليه، خاصة أن هناك أطرافا تحاول تسويق ما يجرى باعتباره إعادة لما تم قبل ذلك من انتخابات كانت تتم لصالح حزب معين ومصالح مرتبطة به، بينما الواقع أن مصر بصدد بناء جمهورية جديدة يفترض أن تكون قادرة على إقناع المصريين بأنها للجميع وتوفر تكافؤ الفرص وتحترم عقل المواطن وقدراته العقلية، ثم إن وجود حياة سياسية حقيقية يغلق أى ثغرات من شأنها أن تكون ممرا لقوى أو أطراف متخلفة أو متعصبة ومتطرفة كادت تختطف البلد قبل ذلك ولا يفترض ترك فراغ من شأنه أن يسمح بعودة أو سيطرة تيار أو  جماعة مثلما حدث فى السابق.

ونعود للتأكيد أن المصريين الذين واجهوا تحولات وضغوطا وتحملوا التضخم وانعكاسات الإصلاح الاقتصادى، يفترض أن يجدوا ثمارا لجهدهم فى الأسعار وملفات الإسكان والعلاج والتعليم، ومن حقهم أن يجنوا ثمار هذا الجهد، وأن مؤسسات مثل البرلمان أو الحكومة يفترض أن تكون فى عملها على دراية بكل هذا وألا يتعامل هؤلاء على أنهم أمر واقع، فدور البرلمان تشريعى  ورقابى، على الأداء الحكومى ومحلى طالما لم يتم انتخاب مجالس شعبية محلية، وهى نقطة سبق ونبه إليها الرئيس ومن ضمن توصيات الحوار الوطنى ومع هذا لا تظهر لها أى دلالات بالرغم من أهمية المجالس الشعبية المحلية، حيث إن المحليات أكثر من نصف العمل العام و يقع على عاتقها مهمة توفير الخدمات والمرافق وكل عناصر العمل العام فى الأقاليم والأحياء والقرى والنجوع.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبرى فى مبادرات مثل حياة كريمة، والتى لا يبدو أن الحكومة تتابعها أو تتقاطع معها، بينما هى واحدة من أهم المبادرات الرئاسية، ويفترض أن تكون المرحلة الثانية فى طريقها للاكتمال.

الشاهد أن الرئيس السيسى هو الذى تحدث عن الجمهورية الجديدة، ويتوقع أن تكون لدى الحكومة قدرة على التقاط وتفهم هذه الرسائل، ومعها البرلمان بحيث تكون التشريعات معبرة عن هذا الواقع، ونعود أيضاً للحديث إلى الحوار الوطنى وتوصياته التى أدخلتها الحكومة فى نفق اللجان، ويفترض أن تطلع عليها لتعرف اتجاهات التيارات والأحزاب والخبراء والحقوقيين وإذا اطّلعت عليها هذه المؤسسات ربما نعرف ما يجب عليها أن تفعله بدلا من البقاء فى حالة الجمود والسكون، وتدرك أن الشعب واع ومدرك ولديه الكثير من التحفز انتظارا لعمل من الحكومة والمؤسسات، وأن تكون الحكومة والبرلمان على نفس وعى الشعب المصرى.


 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة