في إحدى أجنحة معرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته الـ 44، حيث تتقاطع الحكايات وتتصافح الثقافات، اختارت الكاتبة المغربية كريمة أحداد أن تمنح روايتها الأولى "بنات الصبار" ميلادًا جديدًا أمام جمهور عربى واسع.
وكريمة أحداد، التي تعد اليوم من أبرز الأصوات النسائية الصاعدة في السرد المغربي، لا تكتب من فراغ، بل من الواقع وتنقل تفاصيله الصغيرة، ومن إيمانٍ بأن الأدب ليس أداة ترفيهية بل هو شكل من أشكال المقاومة، أجرى اليوم السابع .. والتى تتحدث عن روايتها التي نالت جائزة محمد زفزاف للرواية العربية عام 2020، وعن المرأة في الأدب، وعن حضور الرواية المغربية في المشهد العربي والعالمي.. إلى نص الحوار..
ــ ما الذي مثلته لك المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب ولماذا اخترت توقيع "بنات الصبار" به؟
كانت الدعوة إلى معرض الشارقة فرصة ثمينة أردت أن أستثمرها لتقديم روايتي الأولى بنات الصبار إلى قراء جدد، فهذه الرواية تحمل خلاصة تجربتي الأولى مع الكتابة الإبداعية، وتختزل حكايات نساء مغربيات وجدن أنفسهن في مواجهة الواقع والحلم في آن واحد، وشعرت أن المعرض بما يمثله من قيمة ثقافية وإنسانية هو المكان الأنسب لإيصال أصوات هؤلاء النساء إلى العالم العربي، والتعريف بالإبداع المغربي من زاوية إنسانية صادقة.
ــ ما مصدر الإلهام في "بنات الصبار"؟
الإلهام جاء من النساء اللواتي عرفتهن في حياتي اليومية، من تفاصيلهن الصغيرة، وضحكاتهن المخبأة، وأسرارهن التي لا تقال إلا في الجلسات الحميمة، كل شخصية في الرواية تحمل شيئًا من امرأة حقيقية التقيت بها أو سمعت عنها، ومدينة الحسيمة أيضًا كانت مصدرًا مهمًا، فهي ليست مجرد خلفية جغرافية، بل كيان حي تنبض فيه الذاكرة والألم، وتشهد على صراع الإنسان مع القدر والطبيعة والمجتمع.
ـــ حضور المرأة في أعمالك لافت هل هو التزام فكري أم انحياز ؟
كثيرًا ما يطرح هذا السؤال على الكاتبات، وكأن الكتابة عن النساء نوع من الانحياز، أنا أراه التزامًا إنسانيًا بالدرجة الأولى، المرأة بالنسبة لي ليست موضوعًا أدبيًا فحسب، بل كائن يعيش التناقضات كلها، ويحتاج إلى من يروي صمته، الأدب ظل طويلًا يكتبه الرجال عن النساء، وحان الوقت أن تُروى الحكاية من داخل التجربة لا من خارجها، ولست ضد الرجل، بل مع الإنسان بكل مكوناته، غير أنني أرى أن النساء في مجتمعاتنا لم يمنحن بعد مساحة كافية في السرد.
ــ كيف وجدت تفاعل القراء والنقاد مع الرواية؟
تفاجأت بتفاعل القراء أكثر مما توقعت، فالكثيرون تواصلوا معي وكأن شخصيات الرواية أشخاص حقيقيون يعيشون بينهم، كانوا يسألونني عن مصيرهن بعد نهاية الرواية، وهذا التفاعل العاطفي الصادق يعني لي أكثر من التحليل النقدي، لأنه يثبت أن النص لامس وجدان القارئ، أما النقد فكان متنوعًا، لكنه عمومًا أنصف التجربة الأولى وقرأها بجدية.
ــ كيف تنظرين إلى موقع الرواية المغربية في المشهد العربي؟
الرواية المغربية اليوم تسير بخطى ثابتة نحو العالمية، لأنها تحمل خصوصية المكان والإنسان، وتجمع بين اللغة الشعرية والوعي الاجتماعي، وهناك جيل جديد من الكتاب المغاربة يكتبون بجرأة فكرية وجمالية، ويعبرون عن واقعهم دون تجميل أو تصنع، وما يميز الرواية المغربية هو قدرتها على أن تكون محلية في تفاصيلها، وإنسانية في رسالتها، وهذا ما يمنحها بعدًا عالميًا.
ــ ما الرسالة التي حاولت إيصالها عبر الرواية؟
أردت أن أقول إن لكل امرأة قصة تستحق أن تروى، وأن الصمت ليس قدرًا أبديًا، و"بنات الصبار" ليست مجرد حكاية نساء، بل مرآة لمجتمع بأكمله، وحاولت أن أجعل القارئ يرى العالم بعيون نسائه، وأن يفهم أن معاناتهن وطموحاتهن هي جزء من التجربة الإنسانية العامة، و الرواية بالنسبة لي وسيلة لاستعادة صوتٍ غيب طويلًا.
ــ ما مشروعاتك الأدبية الجديدة؟
أعمل حاليًا على مجموعة قصصية بعنوان مؤقت "نساء رائعات"، وقد حصلت على منحة آفاق للكتابة الإبداعية، وأجهز أيضًا لرواية ثلاثية تتناول حياة فتاة من الحسيمة وجدتها في زمنين مختلفين الأربعينيات وبداية الألفية الثالثة، والعمل يتطلب بحثًا طويلًا وتوثيقا دقيقًا لأنه يتناول مراحل تاريخية مهمة من حياة المغرب، لذلك أتعامل معه بصبر وحرص على التفاصيل.
مسيرة الكاتبة
كريمة أحداد، كاتبة وصحفية مغربية وُلدت عام 1993، حاصلة على درجة الماجستير في الاتصال السياسي، وعملت في مجالات الصحافة والإعلام في المغرب وتركيا وألمانيا، ترجمت أعمالها إلى الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والسلوفينية، وفازت بعدة جوائز أدبية منها جائزة محمد زفزاف للرواية العربية (2020) وجائزة ArabLit & Komet Kashakeel Flash Fiction (2024من أبرز أعمالها: بنات الصبار، حلم تركي، المرأة الأخرى، شوكة رفيعة تحفر عميقًا في قدمي.