رئيس بعثة اليونان ضيف شرف معرض الشارقة: نسعى لتقديم فكرنا المعاصر (حوار)

فى قلب معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث تتقاطع اللغات وتلتقي الثقافات، تبحر اليونان هذا العام كضيف شرف في رحلة إبداعية جديدة نحو الشرق، تحمل معها تراثها الضارب في عمق التاريخ، وأدبها الذي ظل عبر القرون جسراً يربط الفكر الإنساني بالحكمة والجمال.

وسط هذا الحضور اللافت، كان لـ"اليوم السابع" لقاء مع الدكتورة سيسي باباثاناسيو، رئيسة لجنة الآداب في وزارة الثقافة اليونانية ورئيسة البعثة المشاركة، التى تحدثت بشغف عن العلاقات الثقافية بين اليونان والعالم العربي، وعن المعنى العميق لمشاركة بلادها في هذا الحدث العالمي الذي تنظمه الشارقة، بوصفها مدينة الثقافة التي تجمع العالم على أرض واحدة.

ــ بداية.. كيف ترين مشاركة اليونان كضيف شرف في معرض الشارقة الدولي للكتاب؟

أشعر بسعادة وفخر كبيرين بوجود اليونان في هذا الحدث الثقافي العالمي، فإمارة الشارقة اليوم تعد منارة للثقافة العربية والعالمية، بفضل الرؤية الحكيمة للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي جعل من الثقافة جسراً للتنمية الإنسانية، كما لا يمكنني إلا أن أحيي الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للكتاب، على جهودها الكبيرة في جعل الشارقة مركزًا محوريًا للتواصل بين الشرق والغرب، في الحقيقة، حين يذكر اسم الشارقة، يذكر معه الحديث عن الإبداع والمعرفة، وهذا أمر نادر الحدوث في عالمنا اليوم.

ــ كيف تقيمين التنظيم العام للمعرض ومؤتمراته وبرامجه؟

ــ التنظيم مبهر بكل المقاييس، لقد شاركت في مؤتمرات كثيرة حول العالم، لكن مؤتمر الناشرين الدولي في الشارقة هو من أقوى ما شهدته في مسيرتي المهنية، البرامج التعليمية الموجهة للأطفال والناشئة مبهرة أيضاً، وتعكس وعيًا حقيقًا بأهمية تنشئة جيل قارئ ومبدع، والإقبال الكبير من الشباب على القراءة والتعلم فى هذا الحدث يمنحنى الأمل بأن المستقبل للمعرفة.

ــ حدثينا عن تصميم جناح اليونان هذا العام الذى لفت أنظار الزوار بتفاصيله الرمزية؟

بالفعل حرصنا على أن يكون الجناح أكثر من مجرد مساحة عرض، بل تجربة فكرية وبصرية، صممناه على شكل سفينة أثينية قديمة ترمز إلى انتقال الفكر الإغريقي إلى العالم، وهي الجسر الذي يربطنا بالثقافات الأخرى، خصوصاً بالعالم العربي والإمارات.

المجاديف على جانبي السفينة تحمل رموزاً لدفتين إحداهما تمثل الإبداعات الأدبية اليونانية، والأخرى الترجمات المشتركة بين العربية واليونانية، وبينهما طاولة مستديرة تجمع الزوار والمبدعين في حوار مفتوح، لأننا نؤمن أن الثقافة تبنى بالحوار لا بالعرض فقط.

ــ ما أبرز ما يقدمه الجناح للزائر من محتوى أدبي وثقافي؟

يضم الجناح معرضًا مصغرًا يوثق رحلة الأدب اليوناني ما بعد العصر الكلاسيكي، من الحقبة البيزنطية حتى الأدب الحديث، نعرض أعمال كبار الأدباء، مثل جورجيوس سفريس وأوديسياس إليتيس، الحائزين على جائزة نوبل للأدب، إلى جانب مخطوطات قديمة وقطع أثرية نادرة مرتبطة بتاريخ الكتابة والفكر في اليونان.

وفي واجهة الجناح، تتوسط شجرة الزيتون المشهد كرمز خالد للحضارة اليونانية، تمثل الجذور التي تمنح الحياة والعطاء، تماماً كما تمنح الثقافة ثمارها للإنسانية.

ــ ما الأهداف الأساسية لمشاركة اليونان هذا العام؟

نحن نسعى لتقديم صورة شاملة عن اليونان الحديثة بأدبها وفكرها المعاصر، فالعالم العربي يعرف الكثير عن اليونان القديمة، لكن حان الوقت ليكتشف وجهها الثقافي الجديد، هذه المشاركة تهدف إلى بناء شراكات ثقافية حقيقية مع المؤسسات العربية، وترسيخ جسور مستدامة بين الناشرين والكتاب والمترجمين من الجانبين.

ــ من يشارك معكم ضمن الوفد اليوناني المرافق؟

يضم الوفد أكثر من 70 شخصية من الكتاب والأكاديميين والفنانين والمترجمين والناشرين، ونحن هنا تحت مظلة واحدة لتعزيز التواصل الثقافي، وهذه المشاركة ليست بداية جديدة بل امتداد لمسيرة طويلة من التعاون بين اليونان والعالم العربي، واليوم نعمل على تحويل هذا الحضور إلى شراكات مؤسسية ستحدث نقلة نوعية في العلاقات الأدبية والفنية بيننا.

ــ ما أبرز ملامح البرنامج الثقافي والفني لليونان خلال المعرض؟

نشارك تحت شعار "الأدب اليوناني.. الرحلة الطويلة"، ويتضمن البرنامج مجموعة كبيرة من الجلسات والفعاليات، وهناك جلسة عن المونودراما اليونانية المعاصرة، وأخرى بعنوان الشعر اليوناني المعاصر أصداء بالعربية، حيث نقدم قراءات شعرية باللغتين ونتحدث عن الأنطولوجيا الشعرية المشتركة بين شعراء عرب ويونانيين.

كما نقدم عرضًا مسرحيًا خاصًا بعنوان فيلوكيتيس مستوحى من الأسطورة الإغريقية، إضافة إلى عروض موسيقية يومية تمزج بين الشعر والموسيقى، كما أن للأطفال نصيب كبير من خلال ورش تفاعلية بعنوان الحياة والكتابة، تعرفهم بتاريخ التعليم والفنون في اليونان بأسلوب ممتع ومبسط.

ــ لاحظنا أن البرنامج يتضمن فعاليات حول المطبخ اليوناني.. ما الرسالة التي تحملها هذه الأنشطة؟

الثقافة ليست أدبًا وفنًا فقط، بل أيضاً ذوق وحسّ إنساني مشترك، المطبخ اليوناني هو جزء من هويتنا المتوسطية، ونحن نعرضه من خلال جلسات طهي تفاعلية تبرز العلاقة بين المذاق والتراث الثقافي، فإنها تجربة تجمع بين الحواس والمعرفة وتقرب الشعوب من بعضها بطريقة لذيذة وبسيطة.

ــ كيف تلخصين الرسالة التي تحملها مشاركة اليونان في هذا الحدث العالمي؟

مشاركتنا ليست مجرد احتفاء بالحضارة القديمة، بل تأكيد على أن الإبداع الإنساني لا يعرف حدوداً زمنية، نحن نؤمن أن الثقافة هى المركب الأجمل الذى يوصل الشعوب نحو فهم أعمق لبعضها البعض، والشارقة هي اليوم الميناء الذي تنطلق منه هذه الرحلة الحضارية إلى المستقبل.

جناح اليونان ضيف شرف معرض الشارقة