حين يتحدث الفنان الكبير خالد الصاوي تشعر أنك أمام فنان يرى الفن كرسالة حياة، لا مجرد مهنة فحسب في كلماته عمق الفيلسوف وجرأة المبدع، وفي حضوره ذلك البريق الذي يجمع بين الفنان والمفكر في آن واحد، لم يكن ظهوره في معرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته الـ 44، مجرد مشاركة عابرة، بل امتدادًا طبيعيًا لمسيرته كأحد أكثر الفنانين المصريين شمولًا ووعيًا بثقافة الفن ودوره في المجتمع.
الفنان خالد الصاوي الذي عرفه الجمهور ممثلًا متقنًا لتجسيد التناقضات الإنسانية، هو نفسه الشاعر والكاتب والمخرج والملحن، الباحث دائمًا عن المعنى خلف الأداء، وعن الفكرة خلف كل مشهد، في حواره لـ "اليوم السابع"، كشف عن رؤيته للفنان المثقف، وعن تجربته في تطوير ذاته عبر السنوات، كما تحدث عن روايته الجديدة المنتظر صدورها قريبًا، ووجه رسالة مؤثرة للشباب الموهوبين في عالم الفن، إلى نص الحوار
ـــ بما أننا داخل أجواء معرض الشارقة الدولى للكتاب برأيك ما الفرق بين الفنان المثقف والفنان غير المثقف؟
الثقافة تجعل الفنان أعمق وأكثر وعيًا بالحياة من حوله، الموهبة وحدها لا تكفي، لكن الثقافة تعمقها وتمنحها بعدًا إنسانيًا أوسع، والفنان المثقف يرى الناس ويتابع تفاصيل حياتهم، يدرسها ويعيشها، ولهذا يستطيع تجسيدها بصدق أو الكتابة عنها بتميز، والثقافة تعني أن تفهم ما هو اليمين واليسار، الصراع الطبقي، كما أنها تفتح أمامك مجالات واسعة فى الفلك وعلم الحيوان وأصل الأنواع وغيرها من العلوم التي تغذي الخيال وتثري الرؤية الفنية، وكل ذلك يدعم موهبتك داخل الحياة الفنية.
ــ هل تعتبر أن الحرية الإبداعية تتجلى أكثر في الشعر أم المسرح أم الرواية؟
الحرية الحقيقية تأتي من الفن الذي تنجح فيه أكثر، بالنسبة لي، التمثيل منحني المساحة الأكبر، ثم الكتابة والإخراج للمسرح، وأعمالي في الأفلام التسجيلية والقصيرة، إلى جانب الألحان التي قدمتها لعروضي المسرحية، أنا ممثل وكاتب ومخرج وشاعر، وألحن أيضًا لأعمالي المسرحية الخاصة التى اكتبها، ولا أستطيع حصر نفسي في مجال واحد، فالإبداع عندي يتنقل بين الفنون دون حواجز.
ــ لديك موهبة عميقة منذ بدايتك ولكننا نلاحظ أن هناك تطور مستمر فكيف طورت موهبتك على مدار السنوات؟
الخبرة هي المفتاح، إلى جانب تنويع المصادر والتجريب المستمر، عندما أؤدي دورًا جديدًا، أجرب أكثر من طريقة للدخول إلى الشخصية حتى أصل للحالة الصحيحة، كل تجربة جديدة تدعم الموهبة وتمنحك عمقًا إضافيًا، ومع كل نجاح يزداد النضج والثقة بالنفس، فتصبح قادرًا على الغوص أكثر في تفاصيل الحياة والإنسان.
ــ أنك تكتب الشعر والمسرح والرواية هل يمكن أن تكشف لنا ما تعكف عليه الآن؟
أعمل حاليًا على رواية تدور حول مجموعة من التوائم المتشابهين في الشكل والمختلفين تمامًا في الطباع والحياة، وتناقش فكرة الهوية الفردية رغم التشابه الخارجي، والرواية ستصدر في عام 2026، ويمكن أن يتم طرحها في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2027.
ــ ما رسالتك للشباب الموهوب الذين يسعون إلى دخول مجال الفن؟
أنصح الشباب بأن يوسعوا مداركهم، فالموهبة وحدها لا تزدهر دون معرفة، اقرأوا، شاهدوا، واطلعوا على كل الفنون، فالمعارف أصبحت متاحة في الكتب والمسموعات وحتى على الإنترنت، ركزوا على قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام التسجيلية، فهما يغذيان الوعي الحقيقي، أما من لديه موهبة فيجب أن يصقلها بالورش والتدريب، وإذا كان في سن صغيرة فأنصحه بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، كما أدعو الآباء إلى تشجيع أبنائهم على تنمية مواهبهم، سواء كانت في الفن أو الرياضة أو أي مجال آخر.
ــ تبدو متعدد المواهب بين التمثيل والشعر والتلحين.. كيف تنظر إلى هذه التعددية؟
أكتب الشعر بالفصحى والعامية، وأؤلف الأغاني وألحن بعضها، ولا أكتفي بمجال واحد، ربما هذا هو ما جعلني أختار طريق التمثيل في النهاية، لأنه المجال الذي يجمع بين كل تلك الفنون، وأكتب يوميًا وأسجل كل ما يمر بي، والمسرح هو بيتي الأول الذي تعلمت فيه معنى الالتزام والحياة الفنية، عندما بلغت الأربعين ولم أحقق ما أطمح إليه، وقفت مع نفسي وقررت أن أبدأ من جديد، فكانت البداية الحقيقية في التمثيل، والحمد لله، كتب لي النجاح.
خالد الصاوي موهبة شاملة بين التمثيل والتأليف والإخراج
ويعرف خالد الصاوي بكونه فنانًا شاملاً يجمع بين التمثيل والإخراج والشعر والتأليف المسرحي، وقد أصدر عدداً من الدواوين مثل "الخيول" و"يوميات خلود"، إلى جانب مسرحيات ونصوص درامية حصدت جوائز عدة، منها جائزة محمود تيمور للإبداع المسرحي وجائزة المجلس الأعلى للثقافة، كما أسس الجمعية المصرية لهواة المسرح، وواصل حضوره الأدبي بإصدار كتابه "أطلال" عام 2024، الذي يعكس توازنه بين الحس الفني والوعي الفكري.
