الانتفاخ شكوى هضمية شائعة، يتجاهلها الكثيرون على أنها مجرد عسر هضم أو إفراط في تناول الطعام، وفي حين أن الانتفاخ العرضي بعد تناول وجبة دسمة لا يُسبب أي ضرر، إلا أن الانتفاخ المستمر أو الشديد قد يشير إلى مشكلات صحية كامنة تتطلب عناية طبية، وفقًا لتقرير موقع "تايمز أوف انديأ".
وقد يكون الانتفاخ عرضًا رئيسيًا لحالات مثل متلازمة القولون العصبي (IBS)، أو عدم تحمل الطعام، أو فرط نمو البكتيريا، أو حتى الأورام، وقد يؤدي تجاهل هذه العلامات إلى تأخير التشخيص والعلاج، فإذا كان الانتفاخ مصحوبًا بألم في البطن، أو تغيرات في عادات التبرز، أو فقدان وزن غير مبرر، فمن الضروري استشارة الطبيب على الفور لتجنب أي مضاعفات.
وهدفت دراسة نُشرت في مجلة طب الجهاز الهضمي والكبد السريري إلى أن أعراض الانتفاخ وعبء طلب الرعاية الصحية الناتج عنه، وذلك باستخدام بيانات استقصائية شملت 88,795 أمريكيًا، وكشفت النتائج أن ما يقرب من واحد من كل سبعة أمريكيين يعاني من الانتفاخ أسبوعيًا، ومع ذلك لا يلجأ معظمهم إلى طلب الرعاية الطبية، وتُسلط الدراسة الضوء على أن الانتفاخ قد يكون أحد أعراض العديد من الحالات الكامنة، بما في ذلك متلازمة القولون العصبي (IBS)، وعدم تحمل الطعام، واضطرابات الجهاز الهضمي الأخرى.
فيما يلى.. 6 علامات تحذيرية تشير إلى أن الانتفاخ الذى تعانى منه أكثر من مجرد عسر هضم:
متلازمة القولون العصبي واضطرابات الجهاز الهضمي
متلازمة القولون العصبي المعروفة باسم IBS، هي واحدة من الأسباب الأكثر شيوعا للانتفاخ المزمن، وغالبًا ما يعاني المصابون بمتلازمة القولون العصبي من ألم في البطن مصحوبًا بنوبات من الإسهال أو الإمساك، وتؤثر هذه الحالة على الوظيفة الطبيعية للأمعاء، مما يسبب زيادة في حساسية الأمعاء وحركات غير طبيعية أو منتظمة لها، وعادةً ما يشمل العلاج مزيجًا من التعديلات الغذائية، مثل تقليل الأطعمة التي تسبب الأعراض، وتناول الأدوية التي يصفها الطبيب، كما أن إدارة التوتر، وممارسة الرياضة بانتظام، وشرب كميات كافية من الماء، يمكن أن تساعد في تخفيف الأعراض.
ويتيح التشخيص المبكر لمتلازمة القولون العصبي للأفراد التحكم في الأعراض بشكل أكثر فعالية وتقليل تكرار نوبات الانتفاخ.
عدم تحمل الطعام ومرض الاضطرابات الهضمية
يُعد عدم تحمل الطعام سببًا شائعًا آخر للانتفاخ، وغالبًا ما يؤدي عدم تحمل اللاكتوز، الناتج عن عدم القدرة على هضم اللاكتوز الموجود في منتجات الألبان، إلى أعراضًا مزعجة مثل الغازات والانتفاخ والشعور بعدم الراحة، كما تُعد حساسية الجلوتين أو الداء البطني (السيلياك) عاملًا مهمًا آخر، وفي الداء البطني، يُحفز تناول الجلوتين استجابة مناعية تُلحق الضرر بالأمعاء الدقيقة، مما يُعيق امتصاص العناصر الغذائية، وقد يُسبب انتفاخًا مزمنًا.
ويجب على الأفراد الذين يُلاحظون انتفاخًا مستمرًا بعد تناول أطعمة مُعينة التفكير في إجراء تقييم لحالة عدم تحمل الطعام أو الداء البطني، حيث يُمكن للاكتشاف المُبكر أن يمنع حدوث نقص غذائي طويل الأمد ويُحسن جودة الحياة، وتشمل حالات عدم التحمل الشائعة الأخرى حساسية الفركتوز وفودماب، والتي يُمكن أن تُفاقم الانتفاخ، ويُمكن أن يُساعد الاحتفاظ بمذكرات طعام مُفصلة واستشارة أخصائي تغذية في تحديد المُحفزات وتوجيه التعديلات الغذائية لتحسين صحة الجهاز الهضمي.
مرض التهاب الأمعاء والالتهاب المزمن
يمكن أن تُسبب حالات الالتهاب المزمنة في الجهاز الهضمي، مثل داء كرون والتهاب القولون التقرحي، الانتفاخ أيضًا، وتُعرف هذه الحالات مجتمعةً باسم داء الأمعاء الالتهابي (IBD)، وهي التهاب مستمر في الأمعاء، ويسبب أعراضًا مثل الإسهال وآلام البطن والتعب، وأحيانًا وجود دم في البراز، ولا ينبغي تجاهل الانتفاخ المستمر في هذه الحالات، فالتشخيص والعلاج في الوقت المناسب أمران أساسيان لإدارة الالتهاب والوقاية من المضاعفات والحفاظ على صحة الجهاز الهضمي.
فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة
يحدث فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO) عندما تتراكم البكتيريا بكثرة في الأمعاء الدقيقة، وتُخمر هذه البكتيريا الطعام غير المهضوم، مُنتجة غازات تُسبب الانتفاخ، وعدم الراحة، كما يُمكن أن يُؤثر فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة على امتصاص العناصر الغذائية، مما قد يُسبب سوء التغذية إذا لم يُعالج، وقد يشمل العلاج استخدام المضادات الحيوية المُخصصة أو تعديلات غذائية لاستعادة التوازن الطبيعي للبكتيريا المعوية.
ويُساعد التعرف المُبكر على علامات فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة على الوقاية من مشكلات الهضم المُستمرة، ويُعزز صحة الأمعاء بشكل عام.
أورام المبيض والبطن
في بعض الحالات، قد يشير الانتفاخ غير المبرر أو المستمر إلى حالات أكثر خطورة، مثل أورام المبيض أو البطن، ويجب على النساء اللواتي يعانين من انتفاخ مزمن مصحوب بألم أو ضغط في الحوض أو فقدان وزن غير مبرر، مراجعة الطبيب فورًا، وغالبًا ما يظهر سرطان المبيض بشكل خفي، وقد يكون الانتفاخ من أوائل أعراضه، كما يمكن للفحص المبكر أن يُحسن النتائج، إذ يتيح التشخيص المبكر العلاج المبكر وإدارة أفضل للحالات التي قد تُهدد الحياة.
أمراض الكبد والبنكرياس
قد يشير الانتفاخ أيضًا إلى مشكلات كامنة في الكبد أو البنكرياس، وقد تُسبب حالات مثل تليف الكبد أو قصور البنكرياس تراكم السوائل في البطن، مما قد يُسبب شعورًا بالانتفاخ، وغالبًا ما تتطلب هذه المشكلات الصحية الخطيرة رعاية متخصصة، والكشف المبكر ضروري لمنع تفاقمها ومضاعفاتها، لذلك يجب على أي شخص يُلاحظ انتفاخًا متكررًا في البطن مصحوبًا بأعراض أخرى مثل اليرقان أو التعب أو تغيرات في الهضم استشارة الطبيب على الفور.
لا ينبغي تجاهل الانتفاخ المتكرر أو الشديد أو غير المبرر، خاصة إذا استمرت الأعراض أو صاحبتها علامات تحذيرية، مثل ألم شديد في البطن، أو تغيرات في حركة الأمعاء، أو وجود دم في البراز، أو فقدان غير مبرر للوزن، فمن الضروري استشارة الطبيب، فالتشخيص المبكر لا يخفف الانزعاج فحسب، بل يمنع أيضًا المضاعفات ويحدد الأمراض الخطيرة في مرحلة قابلة للعلاج، لذلك فإن الحفاظ على وعي بصحة جهازك الهضمي واستشارة الطبيب عند الضرورة أمران أساسيان لإدارة الانتفاخ بفعالية وضمان الصحة العامة.