في زمن يزدحم بالخيارات الغذائية ويزداد فيه الإقبال على أنماط الحياة السريعة، برز اتجاه جديد يدعو إلى التبسيط: الاكتفاء بوجبتين رئيسيتين في اليوم، فكرة تبدو غريبة لأول وهلة، لكنها وجدت طريقها إلى الاهتمام العلمي، بعدما بدأت أبحاث عدة تربطها بتحسين الأداء الأيضي، وتسهيل التحكم بالوزن، وتقليل الجهد الذهني في التفكير المستمر بالطعام.
ووفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإن تقليص عدد الوجبات اليومية إلى وجبتين فقط قد يمنح الجسم فترة راحة أطول من الهضم، مما يُعزّز توازن الهرمونات المسئولة عن الشعور بالشبع والجوع، كما أشار التقرير إلى أن هذا النمط قد يخفف من الالتهابات الداخلية ويحسن تنظيم السكر في الدم لدى بعض الأشخاص.
التحكم بالوزن دون صراع مع الجوع
النتائج الأولية من دراسات عديدة تشير إلى أن خفض عدد الوجبات يمكن أن يساعد على فقدان الوزن بشكل طبيعي دون الحاجة إلى حساب صارم للسعرات الحرارية.
المنطق بسيط: فكلما قلّت فترات الأكل، قلت فرص إدخال سعرات إضافية. ومع اختيار توقيت ثابت للوجبتين، غالبًا خلال ساعات النهار، يمكن للجسم أن يستفيد من ارتفاع معدل الحرق الطبيعي صباحًا ويقلل تراكم الدهون في المساء.
لكن لا بد من التذكير بأن هذا الأسلوب لا يعمل مع جميع الأشخاص بالطريقة ذاتها. فاحتياجات الجسم الغذائية تختلف باختلاف العمر ومستوى النشاط. لذلك يجب ألا يُعتمد كنظام دائم إلا بعد استشارة مختص تغذية يحدد مدى ملاءمته لكل شخص.
راحة ذهنية وتنظيم للحياة اليومية
من أكثر الفوائد التي يلاحظها من يلتزمون بهذا النمط هو التحرر من التفكير الدائم بالطعام.
فبدل الانشغال بتخطيط ثلاث وجبات رئيسية وعدة وجبات خفيفة، يقتصر الجدول الغذائي على وجبتين متكاملتين يمكن تنظيمهما بسهولة.
هذا التبسيط لا يقلل فقط من وقت الإعداد والمصاريف، بل يخلق شعورًا بالانضباط الداخلي والسيطرة على العادات اليومية.
كما أن الالتزام بوجبتين محددتين قد يساعد على اختيار طعام أفضل، لأن الشخص يميل إلى التركيز على الجودة بدل الكمية، فيحرص على أن تكون كل وجبة غنية بالعناصر المفيدة لا مجرد مصدر للشبع.
مخاطر محتملة لا يجب تجاهلها
رغم الحماس الذي يثيره هذا الاتجاه، إلا أنه ليس خاليًا من التحديات.
تخطي وجبة الفطور مثلًا قد يؤدي إلى نقص الطاقة أو انخفاض التركيز لدى البعض. أما من يعانون من أمراض مزمنة، كمرضى السكري أو الضغط المنخفض، فقد يتعرضون لمضاعفات عند تطبيقه دون متابعة طبية.
تُحذّر جمعية القلب الأمريكية من أن الامتناع الطويل عن الطعام يمكن أن يرفع هرمون التوتر "الكورتيزول"، ما قد يسبب اضطرابات في معدل ضربات القلب أو ضغط الدم إذا استُخدم النظام بطريقة عشوائية.
ما الذي يجب أن تحتويه الوجبتان؟
القيمة الحقيقية للنظام لا تكمن في عدّ الوجبات، بل في نوعية الطعام داخلها.
ينصح خبراء التغذية بأن تكون كل وجبة غنية بالمغذيات الكاملة: بروتينات خالية من الدهون، حبوب كاملة، خضراوات وفواكه متنوعة، ودهون صحية مثل زيت الزيتون والمكسرات.
بهذه الطريقة يمكن الحفاظ على الشعور بالشبع لفترة طويلة دون الإخلال بتوازن الفيتامينات والمعادن.
ومن الخيارات التي يُوصى بها نظام البحر الأبيض المتوسط لما يحتويه من عناصر مضادة للأكسدة، أو حمية داش التي تركز على تقليل الصوديوم وتحسين صحة القلب.
متى يُفضّل تجنبه؟
ينبغي الامتناع عن تجربة هذا النظام إذا كنتِ حاملاً أو مرضعة، أو كنت تعاني من اضطرابات في الشهية أو ضعف في الوزن.
كما لا يُنصح به للأطفال والمراهقين الذين لا تزال أجسامهم في مرحلة النمو.
في مثل هذه الحالات، يحتاج الجسم إلى وجبات متكررة لتأمين الطاقة والعناصر الحيوية اللازمة للنمو أو التعافي.