حين نتحدث عن داء أو مرض كرون، يتبادر إلى الذهن اضطرابات الجهاز الهضمي، ألم المعدة ، الانتفاخ، الإسهال، أو آلام البطن، لكن الحقيقة أن هذا المرض المعقّد لا يكتفي بالأمعاء، بل قد يترك بصمته على أجزاء متعددة من الجسم، من العظام إلى المفاصل، ومن الجلد إلى العينين، فهو مرض التهابي مزمن، يؤثر في الجسم كله وليس في الجهاز الهضمي فحسب، إذ تنتقل الاستجابة الالتهابية إلى أنظمة أخرى، محدثة أعراضًا متنوعة لا يربطها كثيرون بالمرض في البداية.
وفقًا لتقرير نشر في موقع Everyday Health، فإن ما يقرب من 40% من المصابين بهذا الداء يعانون من ما يُعرف بـ"المظاهر والعلامات خارج الأمعاء تماما "، أي الأعراض التي تظهر في أماكن أخرى من الجسم.
آلام المفاصل: عرض مبكر يربك المرضى
يُعد التهاب المفاصل من أكثر الأعراض المصاحبة لداء كرون شيوعًا خارج الجهاز الهضمي. تظهر الآلام غالبًا في الركبتين أو الكاحلين أو المرفقين، وقد تزداد مع نوبات نشاط المرض.
يوضح التقرير أن التهاب المفاصل هنا ليس نتيجة تآكل ميكانيكي، بل استجابة مناعية غير طبيعية تتأثر بالالتهاب الأساسي في الأمعاء.معالجة الالتهاب المعوي نفسه تساعد في الغالب على تخفيف ألم المفاصل تدريجيًا دون الحاجة إلى أدوية إضافية
هشاشة العظام: عندما يضعف الدعم الداخلي
يعاني بعض مرضى كرون من فقدان تدريجي في كثافة العظام بسبب الالتهاب المزمن ونقص امتصاص الفيتامينات، خاصة فيتامين (د).قد يؤدي استخدام الكورتيزون لفترات طويلة أيضًا إلى زيادة هذا الخطر.يوصي الخبراء بمراقبة صحة العظام بانتظام، والاعتماد على نظام غذائي غني بالكالسيوم، وممارسة التمارين التي تقوي العضلات والعظام مثل المشي والسباحة.
الجلد مرآة للالتهاب
في بعض الحالات، يظهر المرض على الجلد على هيئة بقع حمراء مؤلمة أو قرح سطحية.تُعرف أبرز هذه الحالات باسم الحمامى العقدية أو الغرغرينا الجلدية.
ويشير الأطباء إلى أن العلاج الفعّال لداء كرون غالبًا ما يؤدي إلى تحسن الجلد تلقائيًا، مع إمكانية استخدام مراهم موضعية لتقليل الألم والالتهاب.
تعب مزمن لا علاقة له بالنوم
يشكو كثير من مرضى كرون من شعور دائم بالإرهاق حتى في غياب مشاكل هضمية واضحة.يُعزى ذلك إلى نقص الحديد أو فيتامين (د)، وإلى الالتهاب المستمر الذي يرهق الجهاز المناعي.يساعد ضبط مستويات الفيتامينات، وعلاج الالتهاب، والحصول على قسط كافٍ من الراحة على تقليل هذا الإحساس بالتعب.
تقرحات الفم: إشارة صغيرة على نشاط كبير
قد تظهر تقرحات مؤلمة داخل الفم خلال نوبات المرض، خصوصًا في باطن الشفاه أو على اللسان، غالبًا ما تكون هذه القرح نتيجة مباشرة لالتهاب الأغشية المخاطية أو لنقص التغذية.العناية الفموية المنتظمة واستخدام غسول مطهر يخففان الألم ويسرعان التئامها.
الحمى والعدوى: تحذير داخلي
الارتفاع المتكرر في درجة الحرارة قد يشير إلى التهاب نشط أو عدوى مصاحبة، خصوصًا لدى من يتناولون أدوية مثبطة للمناعة.
ينصح الأطباء بضرورة مراجعة الطبيب فورًا إذا تجاوزت الحرارة 38 درجة مئوية، لتجنب المضاعفات المحتملة.
كما يفضل التأكد من تلقي اللقاحات الضرورية غير الحية قبل بدء أي علاج بيولوجي.
مشكلات العين: الإنذار الصامت
قد تمتد آثار المرض إلى العينين مسببة التهابات مؤلمة مثل التهاب العنبية أو التهاب ظاهر الصلبة.وتُعد هذه الحالات طارئة نظرًا لإمكانية تأثيرها على النظر.عند الشعور بألم مفاجئ أو احمرار في العين، يجب التوجه إلى الطبيب فورًا لأن العلاج المبكر يحمي من فقدان البصر الدائم.
تساقط الشعر: انعكاس لحالة الجسد
يحدث أحيانًا أن يبدأ الشعر في التساقط دون سبب واضح، لكن في الحقيقة يكون السبب داخليًا، فالتوتر النفسي، وسوء التغذية، وبعض الأدوية قد تؤدي جميعها إلى تساقط مؤقت للشعر لدى المصابين بداء كرون.ينصح الخبراء بفحص مستويات الحديد والزنك، ومراجعة طبيب الجلدية لتحديد السبب الدقيق ووضع خطة علاج مناسبة.
التعامل مع المرض: التوازن هو الحل
السيطرة على الأعراض لا تعتمد فقط على الأدوية، بل أيضًا على نمط حياة متوازن يشمل غذاءً صحيًا، ونومًا كافيًا، وممارسة نشاط بدني معتدل.
كما يمكن أن تساعد تقنيات التأمل واليقظة الذهنية في تقليل التوتر المرتبط بنوبات المرض وتحسين جودة الحياة بشكل عام.