المتتبع لتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية في ظل العقلية الترامبية، في الشرق الأوسط ودعمها اللامحدود لإسرائيل، يجد أن هناك رغبة أمريكية في إحداث تحوّل جيوسياسى عميق يهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الإقليمي بما يخدم مصالحها في المقام الأول ثم حلفائها، وعلى رأسهم إسرائيل.
لذا، ندق ناقوس خطر، بشأن سياسة الخداع الاستراتيجي في التعامل مع ملف غزة، لأن من المؤكد أن هناك خطة استراتيجية تتجاوز حدود السياسة التقليدية، وهذه الخطة لا تسعى فقط لإنهاء الأزمة الإنسانية العاجلة بعد الحرب، بل تُستغل لتقليل الكتلة السكانية الفلسطينية في غزة، مما يُسهّل أمام إسرائيل المضي قدماً في مشاريع الضم والهيمنة على الأراضي الفلسطينية الأخرى مثل الضفة الغربية، مع وجود توزيع للأدوار هدفه في النهاية تمكين العلو الصهيوني في المنطقة وضمان الهيمنة الإسرائيلية عليها بعد إنهاء أية مقاومة للوصول لقيادة منفردة في المنطقة بشكل نهائي.
وما يجب الانتباه إليه، قد تلجأ أمريكا لتنفيذ هذه الخطة بإحداث انقسامات بين الدول العربية وتعميقها، واستخدام الضغوط الاقتصادية، حتى على الحلفاء، فى ظل عالم مقبل على حالة من التغيرات الكبرى المتسارعة، مدفوعة بالأساس بانفراط عقد النظام العالمي القائم بقيادة الولايات المتحدة..
وهو ما يجعل من الضرورة الحتمية على الدول العربية البحث عن مخارج قبل فوات الأوان، ليس فقط للقدرة على الحياة في ظل صراعات لانهائية بين أطراف أخرى شرقاً وغرباُ، ولكن لتكون لاعباً مؤثراً على الساحة العالمية بما نمتلكه من قدرات ومقومات، خاصة أن المخطط يحمل في طياته مخاطر تهدد استقرار الشرق الأوسط وتكرس تعميق الصراعات الإقليمية.