يُجمع الأطباء وخبراء اللياقة البدنية على أن الجلوس لفترات طويلة هو واحد من أكثر العادات ضررًا بالصحة الحديثة. فبينما يقضي كثير من الناس معظم يومهم أمام المكتب أو الشاشة، تبدأ أجسامهم في فقدان قدرتها الطبيعية على حرق الطاقة وتنظيم السكر في الدم.
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإن مجرد زيادة بسيطة في الحركة اليومية – حتى لو كانت بدقائق متفرقة على مدار اليوم – هيمكن أن تُحدث فارقًا ملموسًا في الوزن، صحة القلب، وطول العمر. فالهدف ليس ممارسة رياضة شاقة، بل كسر حالة الخمول التي يعيشها الجسم معظم اليوم.
الجلوس الطويل... الخطر الصامت
تشير دراسات متعددة إلى أن الجلوس أكثر من 10 إلى 13 ساعة في اليوم يرتبط بزيادة مقاومة الأنسولين وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية، ما يزيد من خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب. المشكلة لا تكمن فقط في قلة النشاط، بل في استمرار الجسم في وضعية واحدة لفترة طويلة.
ولهذا ينصح المتخصصون بإدخال فترات قصيرة من الحركة إلى الروتين اليومي، مثل الوقوف بضع دقائق كل ساعة أو المشي الخفيف في أثناء التحدث بالهاتف. هذه التحركات البسيطة تنشّط الدورة الدموية وتحافظ على معدل الأيض.
أنشطة بسيطة... نتائج ملموسة
من الأسهل مما نتصور أن نحرك أجسامنا أكثر دون أن نغير نمط حياتنا بشكل جذري.
التحرك أثناء المكالمات الهاتفية: بدلًا من الجلوس، يمكن المشي في الغرفة أو نقل الوزن بين القدمين.
صعود الدرج: يساهم في تقوية العضلات وتنشيط القلب، وهو بديل ممتاز للمصعد.
القيام بأعمال المنزل بحيوية: تشغيل موسيقى أثناء التنظيف أو الطهي يجعل المهام اليومية وسيلة لحرق السعرات.
التحرك أثناء الانتظار: الوقوف على ساق واحدة أو تحريك الساقين في الطابور يضيف نشاطًا غير ملحوظ لكنه فعّال.
النشاط غير الرياضي... مفتاح الأيض الصحي
يطلق العلماء على هذا النوع من الحركة اسم النشاط غير المرتبط بالتمارين الرياضية، وهو يشمل كل ما يقوم به الجسم من حركات صغيرة على مدار اليوم، من الوقوف إلى تحريك اليدين أو النقر بالأصابع. هذه الأنشطة قد ترفع معدل حرق السعرات بشكل كبير مع مرور الوقت، مما يساهم في الحفاظ على الوزن وتخفيف آثار الجلوس الطويل.
التكنولوجيا وسيلة للمساعدة
يمكن للأجهزة الذكية أن تكون محفزًا جيدًا للحركة. فساعة تتبع الخطوات أو تطبيق بسيط على الهاتف يذكّران المستخدم بالتحرك أو التمدد كل فترة. مجرد وعي الإنسان بعدد خطواته اليومية يجعله يسعى لزيادتها بشكل طبيعي.
التوازن هو الأساس
ليس الهدف أن نتحول جميعًا إلى رياضيين، بل أن نتعامل مع الحركة اليومية كضرورة للصحة، مثل شرب الماء والنوم الجيد. فحتى من يمارس التمارين بانتظام يحتاج إلى تجنب الجلوس المفرط، لأن النشاط القصير والمتكرر خلال اليوم هو ما يحافظ فعليًا على توازن الجسم واستمرارية نشاطه.
التحرك لا يعني الذهاب إلى صالة الرياضة، بل يكمن في تفاصيل اليوم الصغيرة: النهوض من الكرسي، المشي خطوات إضافية، الوقوف أكثر. هذه الأفعال البسيطة تحمي القلب، وتنشّط العضلات، وتدعم الصحة العامة على المدى الطويل