"صحح مفاهيمك".. الاعتداء على المال العام والمرافق العامة للدولة أفحش وأسوأ من الاعتداء على المال الخاص وعمل مُحَرَّم شرعًا.. وتحذر: جريمة يُعاقب عليها القانون وتتدرج العقوبات من الغرامة إلى الحبس حسب حجم الضرر

السبت، 18 أكتوبر 2025 08:00 ص
"صحح مفاهيمك".. الاعتداء على المال العام والمرافق العامة للدولة أفحش وأسوأ من الاعتداء على المال الخاص وعمل مُحَرَّم شرعًا.. وتحذر: جريمة يُعاقب عليها القانون وتتدرج العقوبات من الغرامة إلى الحبس حسب حجم الضرر مبادرة صحح مفاهيمك

كتب لؤى على

أصدرت مبادرة "صحح مفاهيمك" لوزارة الأوقاف ، تقريرا جديدا بعنوان " التحذير من تخريب الممتلكات العامة"، وأكدت أن الممتلكات العامة تعد من أهم مظاهر التقدم والازدهار في أي مجتمع، إذ تمثل استثمار الدولة في خدمة مواطنيها. والحفاظ عليها يعكس وعي الأفراد وانتماءهم لوطنهم، بينما يؤدي تخريبها إلى تراجع القيم وتدهور الخدمات العامة. ومن هنا تبرز ضرورة غرس ثقافة احترام المال العام في النفوس منذ الصغر.


مفهوم الظاهرة وتوصيفها


تخريب الممتلكات العامة: هو إتلاف أو تدمير ممتلكات تملكها الدولة أو مخصصة للمنفعة العامة، مثل الطرق، الحدائق، المدارس، والمرافق الصحية.

والحفاظ على الممتلكات العامة أحد أبرز مظاهر الحضارة والانتماء؛ لأنها ملك مشترك لكل أفراد المجتمع، وتعبّر عن استثمارات الدولة لخدمة المواطنين من طرق ومرافق وخدمات ومدارس ومؤسّسات، وغيرها.

ومع ذلك تشهد العديد من المجتمعات الكثير من المظاهر المتكررة لتخريب هذه الممتلكات، سواء عن طريق الإهمال والتخريب أو العبث المتعمد أو الاستخدام غير المسئول، وهي سلوكيّات تمثل اعتداءً مباشرًا على النعم التي ينعم الله عز وجل بها علينا جميعًا، وهو تعدٍ على مقدّرات الدولة، وتُعد هذه السلوكيات انفصالًا عمليًّا عن مفهوم المواطنة الحقّة.


مظاهر الظاهرة وأسبابها
من صور تخريب الممتلكات العامة:

تعطيل الطرق العامة، وتعطيل حركة المواطنين فيها.
الإسراف في المياه.
عدم الاستخدام الرشيد للكهرباء.
الكتابة على جدران المدارس والمؤسسات الحكومية.
إلقاء القمامة في الشوارع.
تكسير مقاعد المواصلات العامة أو الحدائق أو دورات المياه.
إلقاء المخلفات الزراعية والحيوانات الميتة في الترع ومصارف المياه.
العبث بالمصاعد أو المرافق داخل المستشفيات والمصالح العامة.
تدمير صناديق القمامة أو أعمدة الإنارة أو إشارات المرور.
سرقة التيار الكهربي، ووصلات المياه.
حرق أو سرقة أو العبث بمحتويات المدارس ومنشآت المصالح العامة أو أجهزة الحواسيب وغيرها داخل تلك المنشآت.
استخدام المرافق العامة في غير أغراضها المخصصة لها.
أسباب وجود هذه الظاهرة:

اعتقاد البعض أن المال العام لا مالك له، وبالتالي لا حرج في تخريبه.
تصوير الممتلكات العامّة على أنها حق للدولة فقط لا حق المواطن.
السكوت على المخربين وعدم الإبلاغ عنهم.
تقديم المخربين والمفسدين مصالحهم الشخصية على المصالح العامة.
الاعتقاد الخاطئ عند بعض الناس أن أفعاله المخربة لا حرمة فيها.
غياب الوعي الديني والأخلاقي عن الذي يخرب ويفسد الممتلكات العامة.


آثار الظاهرة وأضرارها وخطورتها
تعكس هذه الظاهرة ضعفًا في الوعي الأخلاقي والقيمي، وتظهر غياب ثقافة احترام الملكية العامة، وخللًا في فهم العلاقة بين المواطن والدولة، كما تُشير إلى ضعف في التربية على المسؤولية والانتماء.

كما تكلف أعمال التخريب ميزانية الدولة مبالغ ضخمة في الصيانة والإصلاح، وتؤثر سلبًا على استدامة الخدمات العامة، وتُعرقل خطط التنمية والتطوير.

ويتضرر المواطن على كافة المستويات من هذه الأفعال؛ حيث تتعطل الخدمات التي يحتاج إليها الجميع، خاصة في المناطق الريفية والشعبية.

ويُعد تخريب الممتلكات العامة جريمة يُعاقب عليها القانون المصريّ، وتتدرج العقوبات من الغرامة إلى الحبس حسب حجم الضرر المتعمد أو الإهمال الجسيم.


الرأي الشرعي في هذه الظاهرة
تخريب الممتلكات العامة من المحرمات والاعتداء عليها، والقيام بتخريبها أو سرقتها أو بأي نوع من أنواع الاعتداء؛ عمل مُحَرَّم شرعًا، وفعل مُجَرَّم قانونًا؛ وفاعل ذلك آثم شرعًا؛ لأن هذه الممتلكات أمانة في عنق كل مواطن، ونستند في ذلك إلى رؤية دينية تؤكد حرمة المال العام وتحث على الحفاظ عليه، ويجب توقيع العقوبة الرادعة له ولأمثاله.

فالممتلكات العامة هي أمانة في عنق كل مواطن، والاعتداء عليها يُعدّ خيانة، سواء بالعبث أو الإهمال، ويؤكد الإسلام على حرمة المال العام، وحرمة التعدي عليه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ، فّلّهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ».

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «إنَّ الله كَرِه لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال» متفق عليه.

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (١٢/ ١٠، ط. إحياء التراث العربي): "وأَمَّا إضاعة المال فهو صرفه في غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف، وسبب النهي أنه إفسادٌ، والله لا يجب المفسدين، ولأنه إذا أضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس".

كما أن الإضرار بمصالح الناس يُعد اعتداءً على المجتمع بأكمله، فهو من صور الفساد المنهيّ عنها في قوله تعالى: {‌وَلَا ‌تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَا} [الأعراف: ٥٦].

فحفظ المال من المقاصد التي راعتها الشريعة الإسلامية، وقد أَمَرَنا الله تعالى بالمحافظة على المال لأنَّه قوام الحياة.

التحذير من تخريب الممتلكات والمرافق العامة للدولة:
الاعتداء على المال العام -ومنه المرافق العامة للدولة- أفحش وأسوأ من الاعتداء على المال الخاص؛ فبالإضافة إلى أنَّه عمل مُحَرَّم شرعًا؛ فإنه أيضًا اعتداء حاصل على مجموع الأفراد، فلا يتوقَّف أثره السلبي على فردٍ بعينه، بل يعود على المجتمع ككل؛ لذا جاء الوعيد الشديد للذين يتصرفون في المال العام بما لا يرضاه الله تعالى؛ فعن خولة الأنصارية قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: «إن رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة» رواه البخاري.

كما أنَّ تخريب المرافق العامة إفناءٌ للقيم والأخلاق التي لا عِوَض لها ولا تعدلها قيمة؛ فهو من الإفساد في الأرض، وقد نهى الله تعالى عن الإفساد وتَوعَّد الله المفسدين، وأخبرنا أنَّه لا يصلح عمل المفسدين؛ قال تعالى: {‌وَلَا ‌تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَا} [الأعراف: ٥٦].

كما أخبرنا تعالى في كتابه أنَّه لا يحب الفساد؛ فقال عز وجل: {وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥]

ومثله تمامًا بتمام: مَن يُحرِّضه على ما يفعل، وكذلك مَن يشجعه ولو بشطر كلمة، أو مَن ينفي عنه اللائمة؛ لأنَّ كلا منهم متعاونٌ على التخريب والفساد، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ} [المائدة: ٢]

فلابد من توعية الناس جميعًا بأهمية الحفاظ على الممتلكات العامة، وتحذيرهم من مغبة الإضرار بها، وربط ذلك بالمسؤولية الدينية والأخلاقية والوطنية.

إيجابيات معالجة هذه الظاهرة
رفع مستوى الوعي والانتماء الوطني.
تربية الأجيال على ضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة واحترامها وتقديرها.
الحفاظ على موارد الدولة وتقليل الإنفاق على الإصلاح.
بيئة نظيفة وخدمات مستدامة تفيد الجميع.
بناء جيل واعٍ يحترم المال العام.
تقليل مظاهر الفساد والإهمال.
الرسائل المحورية والهدف من تناول هذا الموضوع

الممتلكات العامة حقّ للجميع.
تعزيز الانتماء الوطني والمجتمعي لدى الأفراد لزيادة شعورهم بالمسؤولية تجاه الممتلكات العامة.
من يخرب مدرسة أو مستشفى أو مرفقًا عامًّا إنما يعتدي على نفسه وأهله.
الحفاظ على المال العام واجب دينيّ وأخلاقيّ ووطنيّ.
نشر ثقافة الحفاظ على الممتلكاتِ العامة باعتبارها مسئولية جماعيّة.
تعزيز الشعور بالانتماء للمكان، والوعي بأن المال العام ملك للمواطن.
تصحيح المفاهيم المُرتبِطة بتبرير التخريب أو السكوت عنه.


الخلاصة
إن حماية الممتلكات العامة مسؤولية جماعية تعبر عن نضج المجتمع ووعيه الحضاري، فكل عبث أو إهمال فيها هو إساءة للوطن بأكمله. ولن يتحقق الإصلاح الحقيقي إلا حين يدرك كل فرد أن هذه الممتلكات ملك له، وأن الحفاظ عليها واجب وطني وديني وأخلاقي.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب