حقل موت مفتوح.. من رماد القصف لسموم الأرض غزة تغرق فى تركة الحرب الثقيلة.. الاحتلال يُخلِف جحيمًا خامدًا والأطفال يدفعون الثمن.. أجسام ملغومة على شكل لعب أطفال ومعلبات طعام.. وفلسطينيون يلتقطون صورا مع الصواريخ

الجمعة، 17 أكتوبر 2025 04:32 م
حقل موت مفتوح.. من رماد القصف لسموم الأرض غزة تغرق فى تركة الحرب الثقيلة.. الاحتلال يُخلِف جحيمًا خامدًا والأطفال يدفعون الثمن.. أجسام ملغومة على شكل لعب أطفال ومعلبات طعام.. وفلسطينيون يلتقطون صورا مع الصواريخ مخلفات الحروب

كتب رامي محيى الدين – أحمد عرفة

صحفى فلسطيني عثر على صاروخ إسرائيلي: مخلفات الحرب قنبلة موقوتة فى حى تل الهوا

شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: حالات استشهاد موثقة نتيجة انفجار مخلفات الحرب

طفل يتعرض لبتر ذراعه نتيجة العبث بدمية مفخخة.. واستغاثات من انتشار ذخائر غير منفجرة

أمجد الشوا: الاحتلال الإسرائيلي ترك كميات كبيرة من المتفجرات والمخلفات الخطرة

مدير الإغاثة الطبية بغزة: منع دخول الزيتون ونهاية جباليا والشيخ رضوان بسبب الألغام

الدفاع المدنى بغزة: العثور على لعب أطفال ومعلبات طعام مفخخة زرعها الاحتلال 

وزير إسكان فلسطين: خطة شاملة لتهيئة الأرضية الفنية واللوجستية لإعادة الإعمار

لجنة حصر أضرار غزة: خطة بيئية شاملة لإزالة المتفجرات والألغام داخل القطاع

في غزة، انتهت الحرب رسميًا، لكنها تواصل حصد الأرواح في صمت، ما خلّفه القصف من متفجرات وسموم في الأرض والهواء والماء جعل القطاع يعيش بين أنقاضه في انتظار معجزة، وبينما ينشغل العالم بإعادة الإعمار، ورغم انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فإن الحرب لم تغادر أرضه بعد؛ فالموت لا يزال يختبئ تحت الركام، في بقايا الصواريخ والقذائف والقنابل التي لم تنفجر، ليحوّل القطاع إلى حقل موت مفتوح، ما تركه الاحتلال من مخلفات متفجرة صار تهديدًا يوميًا لحياة السكان، خاصة الأطفال الذين يجدون في قطع الحديد الصدئة لعبة أو فضول اكتشاف، قبل أن يتحول المشهد إلى فاجعة جديدة، يبقى الغزيون يطالبون بالحياة الآمنة، وبأن تتوقف الحرب فعلًا ليس فقط على الورق، بل في باطن الأرض أيضًا.

وعثر الصحفى الفلسطيني تامر دلول، على بقايا صاروخ إسرائيلي في مدينة تل الهوا، وذلك بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من مدينة غزة، حيث نشر صورة له بجوار الصاروخ عبر صفحته على "فيس بوك"، قائلا :" مخلفات الحرب على غزة، قنبلة موقوتة في حي تل الهوا بمدينة غزة".

أحد مخلفات الحروب في مدينة تل الهوى
أحد مخلفات الحروب في مدينة تل الهوى

 

مخلفات الاحتلال تهدد حياة السكان


ويحذر أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، من الخطر الحقيقي الذي تمثله مخلفات الحرب والألغام والعبوات الناسفة التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي في مختلف مناطق قطاع غزة، مشيرًا إلى أنها أصبحت عائقًا كبيرًا أمام جهود الإغاثة الإنسانية وعودة السكان إلى مناطقهم.

ويقول في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن "الاحتلال الإسرائيلي ترك كميات كبيرة من المتفجرات والمخلفات الخطرة، بما فيها أفخاخ وألغام مزروعة في مناطق سكنية وتحت الركام، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين، وخصوصًا الأطفال"، مؤكدًا أن هذه المخلفات "تتسبب يوميًا بإصابات واستشهادات بين السكان".

اضافة 7160818
 


شبكة المنظمات الأهلية: أولى خطوات التدخل الإنساني تتطلب فتح الطرق وإزالة الركام

ويضيف مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: "لدينا حالات موثقة لاستشهاد وإصابة العديد من المواطنين نتيجة العبث بمخلفات متفجرة، منها حادثة مؤلمة وقعت خلال الأيام الماضية، حيث عثر طفل على دمية مفخخة انفجرت به، مما أدى إلى بتر ذراعه وإصابته بجراح خطيرة، هذه الحوادث تتكرر للأسف الشديد".


ويؤكد أن هذه المخلفات لا تعيق فقط عودة الأهالي إلى منازلهم، بل تعطل أيضًا عمليات الإنقاذ والإغاثة وإزالة الركام، وهو ما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية، محذرًا من آثار بيئية وصحية طويلة الأمد ستستمر في التأثير على واقع الحياة في غزة بسبب بقاء هذه المواد المتفجرة.

ويوضح أن أولى خطوات التدخل الإنساني تتطلب "فتح الطرق وإزالة الركام، ثم التعامل الفوري مع هذه المخلفات"، إلا أن الاحتلال، بحسب الشوا، "يماطل حتى الآن في السماح بدخول الفرق الفنية المختصة من وكالة الأمم المتحدة المعنية بشؤون الألغام  (UNMAS)، إضافة إلى منع إدخال المعدات والأجهزة اللازمة للتعامل مع هذه المواد الخطرة".

ويشير إلى أن المنظمات الأهلية الفلسطينية بدأت حملات توعية ميدانية مكثفة لتحذير السكان من الاقتراب من أي جسم مشبوه، مع دعوات للإبلاغ الفوري عن أي مخلفات، لكنه نوه إلى أن "الاستجابة بطيئة جدًا بسبب غياب الإمكانيات وضعف القدرة على التعامل مع هذه الحالات، مما يزيد من خطورة الوضع".

ويختتم الشوا تصريحه بالقول إن استمرار وجود هذه المخلفات "سيؤدي حتمًا إلى تباطؤ كبير في عودة السكان وفي الاستجابة الإنسانية الشاملة، وسيخلف مزيدًا من الضحايا، في ظل غياب تدخل دولي حقيقي وفعّال لرفع هذا الخطر عن المدنيين".

20 ألفا من قنابل وصواريخ لم تنفجر

وفي 16 أكتوبر، أكد جهاز الدفاع المدني بغزة، أن  ما بين 65 إلى 70 مليون طن من الركام والأنقاض تضم آلاف المنازل والمنشآت والمرافق التي دمّرها الاحتلال عمدا، موضحا أن حجم الركام حول القطاع إلى منطقة منكوبة وأدى لإعاقة وصول المساعدات وعرقلة جهود الإنقاذ والإغاثة.

 

وتوقع أنه يوجد نحو 20 ألفا من قنابل وصواريخ لم تنفجر بعد، وأنها تمثل تهديداً لحياة المدنيين، وتتطلب معالجة هندسية وأمنية دقيقة قبل بدء أي أعمال إزالة، لافتا إلى أن عمليات إزالة الركام بالقطاع تواجه معوقات جسيمة أبرزها غياب المعدات والآليات الثقيلة نتيجة منع الاحتلال إدخالها.

 

الصحفي الفلسطيني مصطفى صرصور، والذي يقطن في مدينة غزة، كشف هو أيضا عن شاهدته عن مخلفات الحروب، قائلا: "أنا فوق آلية تابعة لجيش الاحتلال، درعٌ آلي يحتوي، بحسب ما يبدو، على كمية كبيرة من مادة متفجرة سائلة مسكوبة على أحد جوانبه، والناس فككوا مكوّناته اليوم نزعوا بطارياتِه وأفشلوا عمله"، موضحا أن هذا الروبوت الذي كان يُستخدم لتفجير مناطق وإحداث دمار واسع خُرِّب وفُكك، وبات خارج الخدمة بعد تدخل السكان.

الصحفى الفلسطيني مصطفى صرصور يلتقط صورة أمام مخلفات الحروب
الصحفى الفلسطيني مصطفى صرصور يلتقط صورة أمام مخلفات الحروب


عمليات إزالة الركام تواجه معوقات جسيمة

وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في 16 أكتوبر، أكد أن حجم الدمار والركام الناتج عن حرب الإبادة الجماعية التي شنّها الاحتلال على القطاع منذ عامين بلغ مستوى غير مسبوق في التاريخ الحديث، لافتا إلى أن هذا الركام يضم آلاف المنازل والمنشآت والمرافق الحيوية التي دمّرها الاحتلال عمدا، مما حوّل القطاع إلى منطقة منكوبة بيئياً وإنشائياً، وأدى إلى إعاقة وصول المساعدات الإنسانية وعرقلة جهود الإنقاذ والإغاثة.

وأضاف أن عمليات إزالة الركام تواجه معوقات جسيمة أبرزها غياب المعدات والآليات الثقيلة نتيجة منع تل أبيب إدخالها، وإغلاق المعابر بشكل كامل، إلى جانب المنع الإسرائيلي المتعمد لإدخال أي معدات أو مواد لازمة لانتشال الجثامين، موضحا أن هذا الواقع المأساوي يفرض على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية بالضغط على الاحتلال لفتح المعابر والتمكين من البدء الفوري بإزالة الركام وأنقاض المباني بعدما دمّرته آلة الحرب "الإسرائيلية".

وأكد أن هناك أجسام ملغومة لم تنفجر بعد، من قنابل وصواريخ زرعها جيش الاحتلال، وأنها تمثل تهديدا كبيرا لحياة المدنيين والعاملين في الميدان، وتتطلب معالجة هندسية وأمنية دقيقة قبل بدء أي أعمال إزالة، مشيرا إلى ضرورة صياغة خطة شاملة لإدارة الركام، تشمل تحديد أماكن التكدس، والتعامل مع المخلفات الخطرة، ووضع تصور لإعادة التدوير والتخزين المؤقت بما يضمن إعادة الحياة إلى قطاع غزة بأمان وكفاءة بعد الكارثة الإنسانية الكبرى التي لحقت به.

وأعرب شهود عيان فلسطينيين عن مخاوفهم من انتشار أجسام مشبوهة في مدن القطاع، مما يهدد حياة العشرات رغم توقف الحرب، قائلين إن الحرب وقفت لكن بدأت حرب من نوع أخر وهي مخلفات الحرب، وأصبح القطاع كله عبارة عن مخلفات حرب.

خطورة مخلفات الحروب
خطورة مخلفات الحروب

 

وكشفت واقعة إصابة عدد من الأطفال بعد وقف الحرب مباشرة، بعدما انفجرت فيهم عبوة من مخلفات الحرب بخان يونس، مخاطر انتشار تلك الأجسام المشبوهة، وتدخل الأهالى لإنقاذهم وإبعادهم عن مركز الانفجار.

وأعلن محمد مصطفى رئيس الحكومة الفلسطينية، في 16 أكتوبر، أن إعادة إعمار غزة يجب أن تكون تحت قيادة فلسطينية وبدعم عربي ودولي، قائلا في بيان للحكومة :"قمنا بإعداد خطة شاملة مع الأشقاء والشركاء للتعافي في غزة وسينظم الشهر المقبل بمصر مؤتمر لإعادة إعمار القطاع، و المرحلة الأولى لإعادة الإعمار تركز على إزالة الحطام وإعادة تأهيل البنى التحتية".

وأعرب شهود عيان فلسطينيين عن مخاوفهم من انتشار أجسام مشبوهة في مدن القطاع، مما يهدد حياة العشرات رغم توقف الحرب، قائلين إن الحرب وقفت لكن بدأت حرب من نوع أخر وهي مخلفات الحرب، وأصبح القطاع كله عبارة عن مخلفات حرب.

وكشفت واقعة إصابة عدد من الأطفال بعد وقف الحرب مباشرة، بعدما انفجرت فيهم عبوة من مخلفات الحرب بخان يونس، مخاطر انتشار تلك الأجسام المشبوهة، وتدخل الأهالى لإنقاذهم وإبعادهم عن مركز الانفجار.

وأعلن الدفاع المدني في غزة، في 11 أكتوبر، العثور على لعب أطفال ومعلبات طعام مفخخة تعمد الاحتلال زرعها لإسقاط مزيد من الضحايا، ليعلن بعدها بيومين فقط، إصابة ثلاثة أطفال بجروح متفاوتة جراء انفجار  جسم مشبوه من مخلفات الجيش الإسرائيلي في محيط مشفى الشفاء غرب مدينة غزة.

50 مليون طن من الحطام خلفتها الحرب

وأعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن تكلفة إعادة إعمار غزة تقدر بنحو 70 مليار دولار، مشيرا خلال بيان له في 14 أكتوبر، أنه يحتاج نحو 20 مليار دولار لإعادة إعمار القطاع خلال العاميين القادميين، خاصة أن نحو 50 مليون طن من الحطام خلفتها الحرب، بجانب  425 ألف وحدة سكنية تضررت أو دمرت بشكل كامل، متوقعا أن يتم اكتشاف جثث كثيرة خلال عملية إزالة الحطام.

تفكيك إحدى مخلفات الحرب

وأفاد شهود عيان في مدينة غزة بتعرض مركبة آلية قتالية تابعة لجيش الاحتلال لتخريب وخلع أجزائها من قبل مدنيين عقب وقف الحرب مباشرة، بعد اكتشاف أنها محمَّلة بكمية كبيرة من مادة متفجرة سائلة، ما حال دون استخدامها لتنفيذ تفجير في مناطق مأهولة.

وشهدت إحدى المناطق في مدينة غزة – والتي شهدت اقتحام عسكري - حادثة غير عادية عندما فكك عدد من السكان مركبة آلية مدرعة كانت على الأرض بعد انسحاب عناصر من الجانب الآخر، حيث أكد شهود عيان فلسطينيين أنها تحتوي داخل هيكلها على مادة متفجرة سائلة بكميات كبيرة، بحسب ما بدا لهم عند تفقدها.


وقال شهود إن الأشخاص المشاركين في التفكيك عمدوا إلى خلع بطاريات المركبة وفتحوا بعض أجزائها، في محاولة لمنع إمكانية تشغيلها أو استخدامها كأداة تفجير، وأضافوا أن تدخل الأهالي أدى إلى تعطيل القدرة التشغيلية للمركبة، وتحويلها من "روبوت قتالي" قابل للاستخدام إلى جسم غير فعال.

مخلفات الحروب في غزة
مخلفات الحروب في غزة


وأثار العثور على مادة متفجرة سائلة داخل مركبة آلية مخاوف كبيرة بين السكان، لا سيما أن استخدامها داخل مناطق مأهولة قد يؤدي إلى خسائر فادحة، ورغم تعطيل المركبة من قبل الفلسطينيين، تظل الحاجة ملحة لتعامل مختص وآمن من الجهات المعنية للتعامل مع بقايا المواد المتفجرة وإزالة المخاطر بطريقة مهنية وآمنة.

وسلطت تلك الواقعة الضوء على المخاطر اليومية التي يواجهها المدنيون في غزة جراء الأساليب القتالية والأجهزة العسكرية المتروكة أو المحتجزة في المناطق المأهولة، وتبرز كذلك استجابة الأهالي الفورية لحماية مجتمعاتهم، مع ضرورة تدخل الجهات المختصة لضمان سلامة الجميع.

وفي 14 أكتوبر، أعلن محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة، أن مخلفات الحرب والمواد المتفجرة تشكل خطرا كبيرا على حياة الناس، مشيرا إلى انتشار أكثر من 250 جثمانا منذ وقف الحرب بعضها كان في الشوارع، بجانب مواجهة عجزا كبيرا في المعدات الثقيلة للتعامل مع الركام، في ظل وجود أكثر من 10 آلاف شخص تحت الأنقاض ولا نملك الوسائل للوصول إليهم.


جهود ميدانية للحكومة الفلسطينية في مواجهة مخلفات الحرب والركام

ويؤكد المهندس عاهد بسيسو ، وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني، أن الوزارة تواصل جهودها الميدانية المكثفة في مواجهة مخلفات الحرب والركام المنتشر في مختلف محافظات غزة وذلك بالتعاون مع شركائها من المؤسسات الدولية والإقليمية والبلدية والهيئات المحلية بالإضافة إلى القطاع الخاص، ضمن خطة وطنية شاملة تهدف إلى تهيئة الأرضية الفنية واللوجستية لبدء عملية إعادة الإعمار بعد الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب الأخيرة، والذي خلفت ما يقارب من ستون مليون طن من الركام نتيجة حجم الدمار الكبير لجميع مناحي الحياه.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الوزارة أعدت الدليل الخاص بنقل الركام لعشرة مناطق تم اختيارها لتخزين وإعادة تدويرها تمهيدا لإعادة استعماله في مواد البناء وردم البحر لإقامة جزيرة على مساحة 14 كيلومتر لاستخدامها في مشاريع سياحية، مع التأكيد على آلية رفع الركام والتي تحتوي علي القنابل غير المتفجرة، بالإضافة إلى جثث الشهداء التي مازالت تحت الأنقاض، وكذلك المواد السامة الناتجة عن مادة الأسبست والصوف الصخري.

تكلفة الركام والإعمار في غزة
تكلفة الركام والإعمار في غزة


وأوضح أن فرق الوزارة الميدانية، بالتعاون مع البلديات والأجهزة المختصة، تعمل على فتح الطرق الرئيسية وإزالة الركام من المواقع الحيوية ومناطق الإيواء المؤقتة، وفقاً لأولويات إنسانية عاجلة، كما أكد أن التقديرات الأولية تشير إلى وجود عشرات الملايين من الأطنان من الأنقاض والمخلفات التي تعيق الوصول إلى الأحياء السكنية والمرافق العامة.

وأشار إلى أنه في إطار التعاون الدولي، رحّبت الوزارة بالدعم الذي تبديه الأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)،  وكذلك مؤسسه UNMAS التابعة للأمم المتحدة لازالة المتفجرات والبنك الدولي، وعدد من الشركاء الإقليميين والدوليين، لتنفيذ برامج عاجلة لإزالة الركام وتأمين المناطق التي تحتوي على مخلفات غير منفجرة ومواد خطرة.

وأكد وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني، أن استمرار تكدّس الركام يشكل عائقا أساسيا أمام انطلاق عملية إعادة الإعمار، ويُهدد البيئة والسلامة العامة، داعيا المجتمع الدولي إلى توفير التمويل والمعدات اللازمة لتسريع أعمال الإزالة، مع التأكيد على التزامها الكامل بتطبيق المعايير الفنية والبيئية في جميع .
ويوضح أن إزالة الركام ليست نهاية الجهد، بل بدايته الحقيقية نحو إعادة بناء غزة من جديد، مشيدا بجهود الطواقم الوطنية العاملة في الميدان رغم الظروف الإنسانية الصعبة.


تحذيرات الجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني

وحذرت الجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، من مخاطر المخلفات الحربية في غزة، قائلا في منشور له عبر صفحته على "فيسبوك"، في 15 أكتوبر، وجهه لسكان القطاع: "احذروا مخاطر المخلفات الحربية ، تذكّركم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بأنّ بقايا الحرب لا تزال تشكّل خطرًا حقيقيًا على حياتكم، خاصة المخلفات الحربية، والأجسام غير المنفجرة في المناطق التي تعرّضت للقصف أو التدمير".

ووجهت الجمعية عدة نصائح للفلسطينيين: "لا تقترب من أي جسم غريب أو معدني مجهول الشكل أو اللون، و لا تحاول لمسه أو تحريكه أو العبث به مطلقًا، و أبلِغ فورًا  الجهات المختصة في منطقتك، وحافظ على سلامتك وسلامة من حولك، وذكّر الأطفال بعدم اللعب في الأماكن المفتوحة أو المدمرة".

تأثير مخلفات الحروب حول العالم وجهود الأمم المتحدة

تأثير مخلفات الحروب له تأثير كبير على كافة الدول التي نشرت فيها حروب، وهو ما يكشفه تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، في الثالث من أبريل 2025، من أن أكثر من 100 مليون شخص حول العالم يواجهون خطر الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع.

وقال في رسالة يكشف فيها الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في إزالة مخلفات الحروب الأسلحة وحماية المدنيين: "من أفغانستان إلى ميانمار، ومن السودان إلى أوكرانيا، وسوريا، والأرض الفلسطينية المحتلة وغيرها، تنتشر هذه الأجهزة الفتاكة في المجتمعات المحلية الريفية والحضرية، فتقتل المدنيين بشكل عشوائي وتسد الطريق أمام الجهود الإنسانية والإنمائية الحيوية، وحتى عندما تصمت المدافع، تتبقى مخلفات الحرب هذه، تتوارى في الحقول وعلى الدروب والطرق وتهدد حياة المدنيين الأبرياء وسبل عيش المجتمعات المحلية".


مناشدة فلسطينية لإخلاء منطقة الصفطاوى من مخلفات الحرب

من جانبهم، أطلق سكان حي الصفطاوى في شمال قطاع غزة، استغاثة من انتشار مخلفات الحرب التي تعوق عودتهم لأماكنهم، حيث قال عدد من سكان الحي عبر مشادتهم: "المناشدات تتوالى من منطقة الصفطاوي إلى جميع جهات الاختصاص مازالت مخلفات الحرب من ذخائر وصواريخ طائرات غير متفجرة على أعتاب المنازل والبيوت في حى الصفطاوى وهذا يعيق عودة أهالى الحي لأنه يشكل خطرا كبيرا عليهم".

مناشدة من أهالى حي الصفطاوى قطاع غزة
مناشدة من أهالى حي الصفطاوى قطاع غزة

وأضافت المناشدة التي وجهها السكان للدفاع المدني بالقطاع :"نرجو من أصحاب الاختصاص واللجان المختصة الدولية والمحلية أخذ الموضوع بجدية، ونرجو الاستجابة من جميع أهل الاختصاص والمبادرين لتنظيف مخلفات الحرب والشوارع الفرعية من الردم".

وفاة شخص كل ساعة نتيجة مخلفات الحروب


وقال ريتشارد بولتر، رئيس قسم التصميم والدعم التشغيلي والرقابة في أونماس، في بيان للمنظمة الدولية، إن معدل ضحايا مخلفات الحروب حول العالم يبلغ شخصا واحدا في المتوسط كل ساعة، والعديد من الأطفال من بين الضحايا، لافتا إلى أن استخدام العبوات الناسفة يدوية الصنع قد توسع، مما يهدد المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.

تقرير الأمم المتحدة عن مخلفات الحروب
تقرير الأمم المتحدة عن مخلفات الحروب


وأوضح أن دائرة أونماس نسقت في عام 2024 أنشطة ذات صلة لـ 12 إدارة ووكالة وبرنامج وصندوق تابع للأمم المتحدة، وقامت بمسح وتطهير المناطق الخطرة، وتطهير الطرق لتسهيل الحركة الآمنة والتجارة، وتدمير عشرات الآلاف من الألغام ومخلفات الحرب، ودعم بعثات الأمم المتحدة والدول المضيفة في إدارة الأسلحة والذخائر، متابعا :" لقد تصرفنا كملاذ أخير في أماكن مثل غزة عندما استمرت الأمم المتحدة في الخدمة وتنفيذ ولايتها الإنسانية".

وحذرت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام "أونماس" من خطر مخلفات العدوان على غزة وخاصة الذخائر غير المنفجرة، في وقت يواصل فيه مئات الآلاف من النازحين والعاملين في المجال الإنساني الانتقال عبر المناطق المتضررة بعد وقف إطلاق النار.

تحديد أكثر من 550 قطعة ذخيرة متفجرة داخل القطاع


ونقل مركز إعلام الأمم المتحدة تصريحات لنائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، أكد فيها أن منظمة أونماس وشركاؤها يعملون بلا كلل لحماية المجتمعات المحلية وهم على أهبة الاستعداد لتسهيل العمل الإنساني وتوسيع نطاقه والتخفيف من تلك المخلفات المميتة للحرب.

وأوضح أنه منذ أكتوبر 2023، حددت الدائرة أكثر من 550 قطعة ذخيرة متفجرة في المناطق التي تمكنت من الوصول إليها رغم  أن المدى الكامل للتلوث بتلك الذخائر في غزة لا يزال غير معروف.

وأشار إلى أن الشركاء يقدمون توعية بالمخاطر للمجتمعات المحلية منذ عام 2023 وخاصة الأطفال وتدريب العاملين في المجال الإنساني، موضحا أن عملهم بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح وتمكين وصول المساعدات إلى المحتاجين. 

مطالب بإدخال فرق متخصصة لإزالة المتفجرات قبل وقوع كارثة


من جانب آخر، قال مدير جمعية الإغاثة الطبية في قطاع غزة، محمد أبو عفش، إن المسؤولية الرسمية عن إزالة مخلفات الحرب تقع على عاتق وزارة الداخلية الفلسطينية، وتحديدًا وحدة إزالة المتفجرات، إلا أنه شدد على أن الإمكانيات المحلية محدودة للغاية، ولا ترتقي إلى حجم الكارثة التي خلفها العدوان الإسرائيلي الأخير.

ويقول أبو عفش في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "كنا نأمل بدخول فرق مختصة من خارج القطاع، للمساعدة في إزالة المتفجرات المنتشرة في مناطق واسعة من القطاع، لقد تم الوعد بإدخال فرق إنقاذ ميدانية وفرق خاصة للتعامل مع هذه المخلفات، لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن."

ويشير إلى أن الاحتلال ترك كميات كبيرة من المتفجرات، بعضها لم ينفجر بعد، مما يعرّض حياة المدنيين لخطر دائم، مضيفًا: "نخشى أن يصل المواطنون إلى هذه المواد المتفجرة دون علمهم، ما قد يؤدي إلى سقوط ضحايا، وبالفعل سُجلت بعض الإصابات، لكن الأعداد لم تكن كبيرة بفضل جهود الدفاع المدني ورجال الأمن الذين منعوا السكان من دخول المناطق الخطرة، خاصة في الشجاعية، الزيتون، نهاية جباليا، والشيخ رضوان."

ويكشف أبو عفش عن وجود عبوات على شكل ألعاب ودمى متفجرة، تم اكتشافها في بعض المناطق، مما يضاعف حجم المخاطر المحدقة بالأطفال بشكل خاص، متابعا  "نناشد المجتمع الدولي، والمؤسسات الإنسانية، وفي مقدمتها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، الذي كان له دور فاعل سابقًا، بالتدخل العاجل لإرسال فرق متخصصة لتطهير القطاع من هذه المواد القاتلة."

مخلفات الحروب والقانون الدولي


وبحسب الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن البروتوكول المتعلق بمخلفات الحرب القابلة للانفجار ، الذي اعتمدته الدول الأطراف في الاتفاقية المعنية بأسلحة تقليدية معينة لعام 1980، في نوفمبر 2003، يشكل تقدما ملحوظا في الجهود الرامية إلى وضع حد للمعاناة الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة والمتروكة.

القانون الدولى ومخلفات الحروب
القانون الدولى ومخلفات الحروب


ويدعو البروتوكول كل طرف من أطراف النزاع لإزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار من الأراضي الخاضعة لسيطرته بعد توقف الأعمال العدائية، كما يلزمها بتقديم المساعدة الفنية والمادية والمالية لإزالة هذه المخلفات في المناطق غير الخاضعة لسيطرتها والتي نتجت عن عملياتها الخاصة، ولما كان تطهير بلد ما من هذه الأسلحة قد يستغرق سنوات، فإنه يجب اتخاذ تدابير مثل وضع العلامات والتسييج وتوعية المجتمعات المحلية بالمخاطر للمساعدة على حماية المدنيين. ويتعين على الدول أيضًا تقديم المساعدة لرعاية الضحايا وإعادة تأهيلهم إذا كان بوسعها القيام بذلك.

وتيسيرا لهذه التدابير، يطلب البروتوكول إلى أطراف النزاع تسجيل معلومات عن المتفجرات التي استخدمتها أثناء النزاع وتبادل تلك المعلومات مع الأطراف الأخرى ومع المنظمات المعنية بإزالة الأسلحة عند انتهاء القتال، وقد أدى الافتقار إلى المعلومات في أغلب الأحيان إلى إبطاء وتيرة الجهود التي بذلت في الماضي للتعامل مع مخلفات الحرب القابلة للانفجار.

كما يشكل البروتوكول تطوراً هاماً ويوفر إطاراً بالغ الأهمية لتيسير الاستجابة العاجلة حيثما تبقى مخلفات الحرب القابلة للانفجار، وإذا التزمت كافة الدول بالبروتوكول ونفذت أحكامه تنفيذًا كاملًا فسيؤدي ذلك إلى تعزيز سلامة المدنيين على نحو كبير.

ويؤكد الدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون الفلسطيني، أنه في ضوء قواعد القانون الدولي الإنساني، ولا سيما البروتوكولات الملحقة باتفاقيات جنيف لعام 1949، يتحمل الطرف الذي استخدم الأسلحة أثناء النزاع المسلح المسؤولية الأساسية عن إزالة أو تحييد مخلفات الحرب المتفجرة بعد توقف العمليات القتالية.

ويضيف في تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن البروتوكول الخامس بشأن مخلفات الحرب المتفجرة لعام 2003 الملحق باتفاقية الأسلحة التقليدية (CCW) نص صراحة في المادة 3 على أن “كل طرف سامٍ متعاقد، بعد انتهاء الأعمال العدائية الفعلية، عليه أن يزيل أو يدمر أو يتأكد من إزالة أو تدمير جميع مخلفات الحرب المتفجرة الموجودة في الأراضي الواقعة تحت سيطرته.” كما أوجبت المادة 4 من البروتوكول نفسه أن يقدم الطرف الذي تسبب في ترك هذه المخلفات داخل أراضٍ لا تقع تحت سيطرته “المساعدة التقنية والمالية والمعلومات الضرورية لتيسير عملية الإزالة.”

ويوضح أن هذه الالتزامات تُعد تعبيراً عن المبادئ الجوهرية للقانون الدولي الإنساني المتمثلة في حماية السكان المدنيين والتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، مشيرا إلى أنه في حالة غزة، فإن الواقع الإنساني الكارثي الناتج عن حرب الإبادة الجماعية التي استمرت على مدار عامين متتاليين يُظهر أن الاحتلال الإسرائيلي قد استخدم كميات غير مسبوقة من المتفجرات والصواريخ الثقيلة التي تجاوزت ـ بحسب تقديرات هندسية ميدانية ـ 70 ألف طن من المواد المتفجرة، أي ما يعادل نحو ثلاث قنابل نووية من تلك التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي.

ويؤكد أن هذا الاستخدام الكثيف في منطقة مكتظة سكانياً كغزة يُخالف بوضوح مبدأ التناسب الوارد في المادة 51/5/ب من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، والذي يحظر الهجمات التي “قد يتوقع منها أن تسبب خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بهم أو أضراراً بالأعيان المدنية تكون مفرطة بالنسبة إلى الميزة العسكرية المباشرة المتوقعة،” كما يخالف مبدأ التمييز المنصوص عليه في المادة 48 من البروتوكول ذاته، والذي يلزم أطراف النزاع “بأن تميّز في جميع الأوقات بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.”

ويشير إلى أن ترك كميات ضخمة من الصواريخ والقنابل غير المنفجرة بين أنقاض المباني المهدمة، وفي محيط المخيمات والملاجئ المؤقتة، يشكّل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، إذ يعرّض حياة المدنيين لخطر دائم حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية.

ويؤكد أن الوقائع تشير إلى أن هذا السلوك ليس حادثا عرضيا، بل هو نهج إسرائيلي متكرر في كل عدوان على غزة، حيث تتعمد قوات الاحتلال ترك ذخائر ومتفجرات غير منفجرة أو مزروعة بأجهزة تحفيز مموهة، إلا أن خطورة الأمر في الحرب الأخيرة تتضاعف، لأن طول فترة الحرب ـ التي امتدت على مدار عامين ـ أدى إلى تراكم هائل في كميات الذخائر غير المنفجرة، فضلاً عن استخدام أنواع جديدة من المتفجرات ذات أشكال مبتكرة، تم زرع بعضها عمدًا في الشوارع وبين الركام بطريقة خادعة تستهدف الإيقاع بالمدنيين والأطفال بعد انسحاب القوات إلى ما يُعرف بـ"الخط الأصفر".

ويوضح أن هذا السلوك الممنهج يكشف نية متعمدة لاستمرار القتل بعد توقف القتال المباشر، مما قد يرتقي إلى مستوى جريمة حرب وفقاً للمادة 8/2/ب/1 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تجرم توجيه هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين بوصفهم مثل هؤلاء، بل وقد يشكل أيضاً جزءاً من جريمة إبادة جماعية إذا ما ثبت القصد إلى تدمير جزء جوهري من الشعب الفلسطيني، طبقاً للمادة 6 من النظام ذاته.

ويقول: "بموجب المادة 56 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، يتحمل الاحتلال واجباً قانونياً صريحاً في ضمان الصحة العامة ومنع انتشار الأخطار التي تهدد حياة المدنيين، بما في ذلك تلك الناجمة عن مخلفات الحرب المتفجرة"، لافتا إلى أن امتناع الاحتلال الإسرائيلي عن إزالة هذه المخلفات أو السماح بدخول فرق دولية مختصة بنزعها ـ وهو ما وثقته منظمات إنسانية عدة ـ يعد إخلالاً فادحاً بالتزاماته كقوة قائمة بالاحتلال، ويؤكد عنصر الإهمال المتعمد الذي يفاقم المسؤولية الدولية.

فى السياق، قال جهاد أبو لحية، إن هذه الانتهاكات تتطلب من إسرائيل الالتزام بالتعويض الكامل عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين، وبالاستجابة الفورية لإجراءات الإغاثة والوقاية وفق ما نصت عليه المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والمادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول التي تُقر بمسؤولية الدولة عن أفعالها غير المشروعة دولياً.

ولفت إلى أن استمرار سقوط الضحايا المدنيين في غزة نتيجة الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة يمثل حلقة جديدة في سلسلة من الجرائم الممنهجة التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني، ويؤكد أن الاحتلال لا يكتفي بالقتل أثناء القتال، بل يسعى إلى تمديد الأثر المميت للحرب بعد انتهائها، موضحا أن الواجب القانوني والإنساني يقتضي إدخال فرق متخصصة دولية في إزالة المتفجرات، تحت إشراف الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مع فرض مساءلة جنائية دولية على القادة الإسرائيليين المسؤولين عن إصدار الأوامر باستخدام هذه الأسلحة وتركها في بيئة مدنية مأهولة، والقانون الدولي لا يعترف بالحصانة إزاء جرائم الحرب أو الإبادة، والمسؤولية عن هذه الأفعال لا تسقط بالتقادم.

تأثيرات بيئية خطيرة

مخاطر بيئية كارثية يتعرض لها القطاع نتيجة انتشار تلك المخلفات الحربية، وهو ما حذر منه الدكتور علاء سرحان، أستاذ الاقتصاد البيئي بجامعة عين شمس، مشيرا إلى أن تأثير الحروب لا يقتصر فقط على الدمار المباشر، بل يمتد إلى تدهور عميق في النظم البيئية والصحية، كما هو الحال في قطاع غزة.

وأكد سرحان في تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن الحروب والنزاعات المسلحة تُخلف تأثيرات كارثية على البيئة، تتجاوز مجرد الأنقاض والمخلفات، بل تدمير ممنهج للبنية التحتية البيئية، ما يفاقم الأزمات المزمنة التي كانت موجودة أساسًا قبل الحرب، لافتا إلى أن غزة، حتى قبل تصاعد العدوان العسكري عام 2023، كانت تعاني من انهيار كبير في أنظمة المياه والصرف الصحي، وتدهور للأراضي، ونقص في الإدارة البيئية للنفايات الصلبة، فضلًا عن تلوث حاد في المياه الجوفية.

وأوضح أن ما حدث خلال العامين الماضيين أدى إلى تفاقم هذا الانهيار بشكل غير مسبوق، حيث طالت الضربات الإسرائيلية محطات معالجة مياه الصرف الصحي، شبكات الكهرباء، وخطوط المياه، كما خَلّفت الحرب أكثر من 50 إلى 55 مليون طن من الأنقاض، تحتوي على مواد خطرة مثل الإسبستوس، معادن ثقيلة، وذخائر غير منفجرة."

وتابع سرحان، أن هذه المخلفات تسببت في تلوث مباشر للتربة والمياه الجوفية والبحرية، نتيجة تسرب المواد السامة واختلاط مياه الصرف الصحي غير المعالجة بالتربة والبيئة المحيطة، مما أدى إلى آثار صحية خطيرة، من أبرزها تلوث مياه الشرب، تلوث الهواء بالغبار السام، وارتفاع مخاطر الأمراض المزمنة على المدى الطويل.

ودعا أستاذ الاقتصاد البيئي إلى تحرك دولي عاجل لتقييم الأضرار البيئية قائلا:"نحتاج إلى تحديث عاجل لتقييم الأثر البيئي الذي أجراه برنامج الأمم المتحدة للبيئة منذ أكثر من عام، لأن الوضع تغيّر جذريًا منذ ذلك الحين"، مطالبا بتعاون مشترك بين الأمم المتحدة، المؤسسات الدولية المانحة، ومنظمات مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهابيتات)، والبنك الدولي، من أجل التخطيط الفعّال لإعادة الإعمار وتحقيق تنمية بيئية مستدامة في القطاع.

فيما أوضح المهندس بهجت جبارين، رئيس لجنة حصر الأضرار على غزة، ومدير الرقابة والتفتيش في سلطة البيئة الفلسطينية، أن هناك خطة لتقييم إزالة المخلفات بشكل كامل وتنفيذها من خلال عطاءات وشركات دولية ، حيث سيتم التعامل المتفجرات والألغام غير المنفجرة وتحديد المواد الخطيرة واعتماد الصور الجوية، بالإضافة إلى تجميع البيانات والمعلومات عن الأراضي وتقسيماتها ومخططات إعادة استخدام الأراضي .

وتابع في تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الخطة شمولية لكل ما له علاقة بالمخلفات الهدم وما له علاقة بالمكونات الموجودة سواء جثث أو قنابل أو مواد خطيرة، لاسيما أن الموضوع له جوانب أخلاقية ودينية وفنية وإدارية ومالية.

وأشار إلى أن هناك ميزانية مرصودة من أجل عمل الدراسات الكاملة والشاملة والدقيقة إزالة المتفجرات والألغام وكل ما له علاقة بالماد الخطيرة وتحديد العمليات التي لها علاقة بإعادة استخدام مخلفات الهدم سواء في عملية البنية التحتية أو استخدامها كأرصفة أو استخدامها لرصف الطرق بعد فصل كل المواد الخطيرة بالإضافة لتحديد أماكن التجميع ودفن المواد الخطيرة.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة