منظمة العمل الدولية: الذكاء الاصطناعى يهدد 25% من الوظائف العالمية خلال السنوات القادمة.. والعمال غير المنتظمين يشكلون 58% من إجمالى العمالة فى 2025.. وتكشف: 800 مليون شخص يعيشون بأقل من 3 دولارات يوميًا

الأربعاء، 01 أكتوبر 2025 05:00 ص
منظمة العمل الدولية: الذكاء الاصطناعى يهدد 25% من الوظائف العالمية خلال السنوات القادمة.. والعمال غير المنتظمين يشكلون 58% من إجمالى العمالة فى 2025.. وتكشف: 800 مليون شخص يعيشون بأقل من 3 دولارات يوميًا منظمة العمل الدولية

كتبت آية دعبس

يكشف التقرير الجديد لـ منظمة العمل الدولية عن صورة متناقضة لحالة العدالة الاجتماعية فى العالم بعد مرور ثلاثين عامًا على انعقاد أول قمة عالمية للتنمية الاجتماعية فى كوبنهاجن عام 1995، حيث اجتمع آنذاك مندوبون من 186 دولة فى أكبر تجمع لقادة العالم فى التاريخ، وبينما يُظهر التقرير تحسنًا ملحوظًا فى العديد من المؤشرات، إلا أنه يكشف عن استمرار التفاوتات الصارخة وتراجع الثقة فى المؤسسات على مستوى العالم.

 

تظهر البيانات أن العالم أصبح أكثر ثراءً وصحة وتعليمًا مقارنة بعام 1995، حيث انخفضت معدلات الفقر المدقع من 4 من كل 10 أشخاص عام 1995 إلى 1 من كل 10 أشخاص عام 2023، كما شهدت عمالة الأطفال انخفاضًا كبيرًا من 20.6% عام 1995 إلى 7.8% عام 2024، بينما ارتفعت معدلات إتمام التعليم الابتدائى بنسبة 10% ومعدلات إتمام التعليم الثانوى بنسبة 22% منذ عام 2000، وعلى صعيد الإنتاجية، سُجل ارتفاع فى الإنتاج السنوى لكل عامل بنسبة 78% منذ عام 1995، وبنسبة مذهلة تبلغ 215% فى البلدان متوسطة الدخل العليا.


رغم هذا التقدم، يستمر 138 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا فى العمل، مع انخراط ما يقارب 50% منهم فى أعمال خطيرة، وما زال 800 مليون شخص يعيشون على أقل من 3 دولارات أمريكية يوميًا، بينما يفتقر واحد من كل 4 أشخاص إلى الحصول على المياه النظيفة، وتكشف الإحصائيات عن استمرار الفجوة فى الأجور بين الرجال والنساء، حيث تبلغ نسبة أجور النساء إلى الرجال 78% فى عام 2025، ومن المتوقع أن تستغرق هذه الفجوة ما بين 50 إلى 100 عام للإغلاق بالاتجاهات الحالية.


يبنى التقرير رؤية منظمة العمل الدولية لتعزيز العدالة الاجتماعية على أربع ركائز أساسية، الركيزة الأولى تتمثل فى حقوق الإنسان الأساسية والقدرات، والتى تشكل الأساس الذى لا غنى عنه لتحقيق العدالة الاجتماعية، وقد شهدت هذه الركيزة تقدمًا مختلطًا، حيث انخفضت معدلات عمالة الأطفال والإصابات المهنية القاتلة بشكل حاد منذ 1995، لكن درجات الامتثال لحقوق حرية تكوين الجمعيات والمفاوضة الجماعية لم تتحسن منذ 2015، كما أن العمل القسرى لا يزال قريبًا من 3.5% من السكان.


الركيزة الثانية تركز على المساواة فى الوصول إلى الفرص، وهنا يكشف التقرير عن تحديات كبيرة تواجه العالم، ففى عام 2025 يعمل 58% من العمال فى القطاع غير الرسمى، مما يشكل حاجزًا واسع النطاق ومستمرًا أمام الفرص، وقد تراجعت العلاقة بين النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل الرسمية، حيث كان نمو الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 1% يؤدى إلى ارتفاع فى العمالة الرسمية بنسبة 0.50% فى بداية القرن الحادى والعشرين، لكن هذه العلاقة انخفضت إلى 0.38% فى العقد الماضي.


تستمر الفجوات الكبيرة فى معدلات المشاركة فى القوى العاملة بين الرجال والنساء، حيث تصل إلى 27 نقطة مئوية، وذلك إلى حد كبير لأن النساء يتحملن غالبية مسؤوليات الرعاية غير المدفوعة الأجر بنسبة 76% على مستوى العالم، كما يستمر التحدى الذى يواجه الشباب، خاصة الشابات، فى معدلات عدم الانخراط فى العمل أو التعليم أو التدريب، حيث وصل معدل الشابات فى هذه الفئة إلى 28% فى عام 2024 على مستوى العالم.


على صعيد التعليم، شهدت السنوات الثلاثين الماضية اتجاهات إيجابية، خاصة بالنسبة للفتيات والشابات، فقد ارتفعت معدلات إكمال التعليم الثانوى الأدنى بـ14 نقطة مئوية للأولاد و21 نقطة للفتيات من 2000 إلى 2023، وبحلول 2023 وصلت معدلات إكمال التعليم الابتدائى إلى 86.8% للأولاد و89.1% للفتيات، بينما وصلت معدلات إكمال التعليم الثانوى الأدنى إلى 76.6% للأولاد و78.7% للفتيات، ومعدلات إكمال التعليم الثانوى الأعلى إلى 58% للأولاد و61% للفتيات.


الركيزة الثالثة تتناول التوزيع العادل، وهنا يُظهر التقرير أن اللامساواة فى الدخل تبقى على مستويات غير مقبولة رغم بعض التحسن، فبينما انخفضت حصة أعلى 10% من الدخل الإجمالى بـ3 نقاط مئوية من 1995 إلى 2024، إلا أنها تبقى عالية جدًا عند 53%، وما زالت أعلى 1% من الفئات تسيطر على 20% من الدخل و38% من الثروة العالمية.


تظهر معدلات الفقر النقدى العالمى تحسنًا ملحوظًا، حيث انخفض معدل من يعيشون على أقل من 3 دولارات يوميًا من 39.3% عام 1995 إلى 10.2% عام 2023، كما انخفض معدل من يعيشون على أقل من 4.20 دولار يوميًا من 53.7% إلى 19.3%، ومعدل من يعيشون على أقل من 8.30 دولار يوميًا من 71.3% إلى 47% خلال نفس الفترة.


أما بالنسبة لحصة العمالة من الدخل القومى، فقد شهدت اتجاهات متباينة حسب مستوى الدخل، حيث ارتفعت فى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ولكنها انخفضت فى البلدان عالية الدخل، ونظرًا لوزن البلدان عالية الدخل فى الدخول العالمية، فإن الاتجاه العالمى هو نحو الانخفاض.


تستمر مجموعات معينة فى مواجهة فجوات فى الأجور مدفوعة بعوامل لا علاقة لها بخصائص الوظيفة أو مستويات المهارة أو الخبرة العملية أو الأداء، فالنساء ما زلن يحصلن على 75% فقط مما يحصل عليه الرجال فى البلدان عالية الدخل، و46% فقط فى البلدان منخفضة الدخل، والفجوة بين العمال ذوى الإعاقة وغيرهم لم تُظهر أى علامات على الانخفاض الجوهرى خلال العقد الماضى وتبقى عند 20% للرجال و46% للنساء.


شهدت الحماية الاجتماعية توسعًا كبيرًا، حيث يُغطى أكثر من نصف سكان العالم بمخطط واحد على الأقل فى عام 2023 مقارنة بمستويات أقل بكثير فى 2015، فتغطية الأمهات ذوات المواليد الجدد ارتفعت من 30% إلى 36%، وتغطية الأطفال من 22% إلى 28%، وتغطية كبار السن من 74% إلى 80%، وتغطية الأشخاص ذوى الإعاقات الشديدة من 33% إلى 39%، كما ارتفعت نسبة السكان المغطاة بمنفعة حماية اجتماعية واحدة على الأقل من 43% إلى 52%.


الركيزة الرابعة والأخيرة تتناول التحولات العادلة، حيث يواجه العالم اليوم ثلاثة تحولات رئيسية متزامنة: بيئية ورقمية وديموغرافية، على الصعيد البيئى يؤثر تغير المناخ على 71% من العمال فى 2024 من خلال الإجهاد الحرارى، وبينما قد تؤدى الجهود للتحول إلى مصادر طاقة أنظف إلى فقدان 6 ملايين وظيفة فى صناعات الوقود الأحفورى، فإنها قد تخلق فى الوقت ذاته حوالى 24 مليون وظيفة جديدة فى الطاقة المتجددة والقطاعات الخضراء، مما يتطلب إعادة تأهيل مهارات 70 مليون عامل على الأقل.


على الصعيد الرقمى، تعيد الرقمنة تعريف طبيعة العمل والنشاط الاقتصادى، حيث يؤثر الذكاء الاصطناعى التوليدى بالفعل على واحدة من كل 4 وظائف، مع تعرض بعض الوظائف مثل أدوار الدعم الكتابى لخطر الأتمتة الكاملة، والنساء أكثر عرضة لفقدان الوظائف لأن عملهن مُركز فى هذا القطاع.


أما التحول الديموغرافى فيقدم تحولات طويلة الأمد لكنها ذات معنى عميق، حيث تنخفض معدلات الخصوبة عالميًا ولكن بمعدلات مختلفة فى بلدان مختلفة، وبينما تزيد القوى العاملة المتقلصة فى البلدان عالية ومتوسطة الدخل العليا من المخاوف حول نقص العمالة المستقبلى، فإن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل الدنيا ما زالت تشهد نموًا سكانيًا مما قد يؤدى إلى فوائض فى العمالة.


رغم التقدم الملحوظ فى العديد من الأبعاد، يستمر عدم الرضا الواسع النطاق وتآكل الثقة فى المؤسسات، مدفوعًا بالتقدم الاجتماعى غير المتكافئ واللامساواة المستمرة فى العديد من البلدان، ولمضى قُدمًا، يدعو التقرير إلى التزام متجدد بالعدالة الاجتماعية، مدعومًا بالعمل الحاسم وصنع السياسات الشاملة.


تبدأ هذه الرؤية بإعادة تطبيق مؤسسات العمل الحالية مثل أنظمة الحماية الاجتماعية وسياسات سوق العمل النشطة وحماية العمل على التحديات التى نواجهها الآن، لكن السياسات الحالية ليست كافية لمعالجة التحديات الجديدة، فالمؤسسات يجب أن تتكيف لتلبية المتطلبات الفريدة لعصرنا، خاصة مع تصارع المجتمعات مع التحولات البيئية والرقمية والديموغرافية.


يُشكل انخفاض نسبة الفقر العاملين من 27.9% عام 2000 إلى 6.9% من الموظفين فى الفقر عام 2024 إنجازًا مهمًا، كما أن انخفاض الوفيات المرتبطة بالعمل بأكثر من 10% منذ عام 2000 يُظهر تحسنًا فى ظروف العمل، لكن اللامساواة فى الإنتاجية العملية بين البلدان انخفضت بنسبة 40% منذ 1995، مما يشير إلى بعض التقارب فى مستويات التنمية الاقتصادية.


يخلص التقرير، إلى أن النهج التحويلى الحقيقى يجب أن يُضخم البُعد الاجتماعى لصنع السياسات، حيث لا ينبغى أن تقتصر سياسات العمل على الأطر الضيقة بل يجب نسجها فى مجالات أوسع مثل التمويل والصناعة والصحة والتخطيط البيئى، والأهم من ذلك أن كسر الحواجز بين القطاعات على المستوى الوطنى والعالمى أمر أساسى، حيث ستسمح الشراكات بين الوزارات الحكومية والمؤسسات الدولية والشركاء الاجتماعيين باستجابات أكثر شمولية وتنسيقًا لتحديات اليوم العالمية المترابطة.


وتعتبر الشراكات مثل التحالف العالمى للعدالة الاجتماعية الذى أنشأه أعضاء منظمة العمل الدولية والقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية القادمة فرصًا وأدوات حاسمة لتسهيل وتعزيز الالتزام والتعاون فى السعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والعمل اللائق للجميع.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة


الرجوع الى أعلى الصفحة