"رجل التعريفات الجمركية" يعود إلى السلطة مرة أخرى وسط تهديدات كبيرة لأوروبا، حيث يصل دونالد ترامب للبيت الأبيض وهو ما يمثل بداية المشاكل إلى الاقتصاد الأوروبى الضعيف فى الأساس، والذى ظل راكدا تقريبا خلال الأعوام الماضية، وإذا تم تنفيذ تهديدات ترامب بشأن التعريفات الجمركية، فليس هناك شك في أن النشاط الاقتصادي سوف يتضرر، وحذرت بيوت التحليل الاقتصادي وخبراء التجارة الدولية من أن إعلانه عن انتخابه يتمتع بمصداقية كبيرة.
وقالت صحيفة الباييس الإسبانية فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى إن الرسوم الجمركية التى من المتوقع أن تفرضها إدارة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب قد تؤدى إلى تراجع النمو الاقتصادى وانخفاض التضخم فى دول منطقة اليورو، وهو ما حذر منه أيضا عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، بييرو سيبولوني.
وأضاف سيبولوني خلال مقابلة مسجلة مسبقًا في مؤتمر مالي، أن هذه الرسوم ستضعف الاقتصاد من خلال تقليل الاستهلاك، ما قد يؤدي إلى تخفيف الضغوط التضخمية.
وأوضح أن القيود التجارية الأمريكية ستزيد من قوة الدولار، ما يجعل واردات السلع الأولية أعلى تكلفة، كما أن الردود الأوروبية المحتملة قد تؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وفي تحليل آخر، قال سيبولوني: "من المحتمل أن يؤدي فقدان المنتجين الصينيين القدرة على دخول السوق الأمريكية إلى توجيه منتجاتهم نحو الأسواق الأوروبية، ما قد يخفض الأسعار هنا، و هذا الخليط من العوامل يجعلني أعتقد أننا سنشهد انخفاضًا في النمو وكذلك انخفاضًا في التضخم".
كما حذر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، من أنه "إذا تعرضت مصالح فرنسا للضرر فسوف نرد بإرادة من حديد"، وقال بارو في مقابلة مع صحيفة "ويست فرانس": "من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأمريكيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فالعديد من المصالح والشركات الأمريكية موجود في أوروبا، وأضاف: "إذا رفعنا رسومنا الجمركية، ستكون المصالح الأمريكية في أوروبا هي الخاسر الأكبر، والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأمريكية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية".
وتعتقد وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن ألمانيا مستعدة جيدا للولاية الثانية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب "باعتبارنا أوروبيين وألمانيا أيضا، كانت لدينا تجارب مع فترة ولاية ترامب الأولى".
وأضافت وزيرة الخارجية: "في السنوات التي تلت ذلك، وخاصة خلال فترة ولايتي للمنصب، عملنا بشكل مكثف في السياق الأوروبي لضمان أننا كأوروبيين نضع أنفسنا في موقف يتسم بالثقة الاستراتيجية".
تراجع اليورو بنسبة تزيد عن 5% منذ الانتخابات الأمريكية، ليصل إلى أدنى مستوياته خلال عامين عند حوالي 1.03 دولار، ويتوقع محللو "جي بي مورجان" و"مورجان ستانلي" أن الغموض حول التعريفات الجمركية قد يدفع العملة الأوروبية الموحدة إلى مستوى 1 دولار في 2024.
وقال استراتيجي العملات في "ING" فرانشيسكو بيسولي، إن فرض تعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي في آنٍ واحد قد يشكل "مزيجاً ساماً للغاية لليورو".
علاوة على ذلك، تتوقع الأسواق خفضاً بمقدار 100 نقطة أساس في أسعار الفائدة الأوروبية لدعم الاقتصاد المتباطئ، في حين يتوقع المتداولون أن يؤدي ارتفاع التضخم الأمريكى إلى خفض أقل حدة من الفيدرالي، مما يعزز جاذبية الدولار مقابل اليورو.
تخطيط أوروبا
يتأهب الاتحاد الأوروبي لولاية الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترمب الثانية في البيت الأبيض، في وقت تعاني دول التكتل من تباين في المصالح والأيدولوجيات، وكثير من الانقسامات في قضايا داخلية وخارجية، بدءاً من الإنفاق الدفاعي والهجرة، مروراً بالتوترات في منطقة الشرق الأوسط وصعود التيار اليميني، ووصولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح الدبلوماسي الأوروبي، الذي طلب عدم كشف هويته، أن هذه القوة تعد بمثابة "آلية رد فعل سريع" تهدف إلى التعامل مع تداعيات فوز ترمب، إذ تركز على إعداد "استجابات فورية" للسياسات الأمريكية المرتقبة، خاصة فيما يتعلق بتهديدات ترمب بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية، مثل السيارات ، لا سيما الألمانية والصلب والألومنيوم والغذاء والزراعة.