علا رضوان

الفورمات الدرامية .. الورد البلاستيك الصناعي

السبت، 27 يوليو 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من الظواهر الملفتة للنظر في السنوات الأخيرة هو انتشار الأعمال الدرامية والكوميدية المأخوذة من أصول أجنبية أو فيما يعرف بالفورمات، وتعني إعادة إنتاج قوالب درامية أو كوميدية لمسلسلات وأفلام سبق تقديمها في دول غير عربية مثل أمريكا وكوريا والمكسيك وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وتركيا.

الظاهرة ليست جديدة، فقد حدثت مع بدايات السينما المصرية وحتى في أعز أوجها في الخمسينات والستينات، فيكفي أن تعرف أن الفيلم الكوميدي العظيم إشاعة حب بطولة النجم العالمي عمر الشريف وسعاد حسني ويوسف وهبي مأخوذ عن مسرحية أميركية بعنوان حديث المدينة The Whole Town's Talking من تأليف أنيتا لوس وجون إميرسون عام 1926، والتي تم اقتباس المسرحية في فيلم إشاعة حب للمخرج فطين عبد الوهاب عام 1960، وكتب السيناريو له علي الزرقاني ومحمد أبو يوسف الذي انفرد بكتابة الحوار، ولنفس المخرج فطين عبدالوهاب فهناك أيضا  فيلم  نصف ساعة زواج  عام 1970، وهو العام التالي الذي ظهر فيه الفيلم الأمريكي «زهرة الصبار» من إخراج جين ساكس.
النجم الكوميدي الكبير عادل إمام دوره في فيلم البحث عن فضيحة  1973 لنيازي مصطفى، مأخوذ عن الفيلم الأمريكي دليل الرجل المتزوج الذي أخرجه جين كيلي عام 1967 وفيه رأينا والتر ماتاو ينصح صديقه الراغب في الزواج بنصائح عديدة، ويروي له قصصا تتعلق بالزواج، ولم يتوقف عادل إمام عند الاقتباس من السينما الأمريكية كما في الفيلم السابق البحث عن فضيحة أو فيلم واحدة بواحدة، لكنه أخذ عن السينما اليابانية فيلمه شمس الزناتي لكن القصة الأصلية للفيلم التسعيناتي هي مأخوذة عن قصة فيلم  الساموراي السبعة إنتاج عام 1954، إخراج العظيم أكيرا كوروساوا، وهو يحكي عن مجموعة من قطاع الطرق المشردين الذين اعتادوا شغل الهجامة على القرى النائية وسلب أهلها، في إحدى المرات قرر  بعض القرويون وضع حد لهذا العدوان السافر، فأرسلوا بعضا منهم للبحث عن رجال ساموراي يمكنهم القبول بتولي مهمة الدفاع عن القرية.

التاريخ حافل بالاقتباس، لكن أهم ما يميز الاعمال القديمة هو جودة التمصير لدرجة تشك معاه أن فيلم إشاعة حب مثلا مقتبس، ولكن ما كان يعيب تلك الحقبة هو السطو على تلك الأعمال، دون الإشارة لمصادرها وذلك قبل زمن حقوق الملكية الفكرية، الآن الوضع اختلف فأنت ترى على تترات الفيلم والمسلسل أن هذا العمل مأخوذ من فيلم كذا أو مسلسل كذا، بتصريح من المصدر الأصلي والذي يحصل على الثمن، ويضع شروطه غالبا، وهي عدم إحداث تغييرات كبيرة عن العمل الأصلي وهذا رأينه في فيلم أصحاب ولا أعز المأخوذ عن الفيلم الإيطالي غرباء بالكامل، وستعجب إذا عرفت أن هذا الفيلم مباع منه أكثر من عشر نسخ ناطقة بلغات مختلفة، فمنه النسخة العربية والايطالية والفرنسية والانجليزية والتركية، وهذا يطرح مسألتين جدليتين وهما أن هذه الأعمال تصبح غريبة ودخيلة على المجتمعات التي لم تنبع منها القصة الأصلية فتحدث ارتباك لدى المشاهد وأحيانا عدم مصداقية وخلق قيم مغايرة ومرحلة اشتبك، المسألة الجدلية الثانية هي المتعلقة بالمؤلف فأنت بذلك تسد السبل على المؤلف المحلي ليبدع افكارا نابعة من وطنه وهمومه ومشاكله، لذلك الخوف كل الخوف من أن تفرغ هذه الأعمال الفن من وظيفة أساسية له وهو الإشارة على بعض المآخذ الاجتماعية التي يمكن أن تساهم في تطور مجتمعنا، ويجعل الفن مجرد تسلية فارغة وجميلة لا طعم لها ولا رائحة كورد بلاستيك صناعي لم ولن يشبه الورد البلدي الطبيعي أبدا.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة