ثورة يونيو تستلهم روح يوليو التحررية.. مصر تمكنت من الخلاص من الاستعمار 1952 وأنهت التبعية فى 2013.. الدولة اعتمدت نهجا تعدديا فى إدارة علاقاتها مع القوى الكبرى.. وأعادت صياغتها عبر تعزيز المصالح المشتركة

الثلاثاء، 23 يوليو 2024 11:00 م
ثورة يونيو تستلهم روح يوليو التحررية.. مصر تمكنت من الخلاص من الاستعمار 1952 وأنهت التبعية فى 2013.. الدولة اعتمدت نهجا تعدديا فى إدارة علاقاتها مع القوى الكبرى.. وأعادت صياغتها عبر تعزيز المصالح المشتركة ثورة 30 يونيو
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ربما كان التحرر من القوى الاستعمارية، في مقدمة أولويات الجمهورية الأولى، والتي تأسست على يد الضباط الأحرار، في أعقاب ثورة يوليو 1952، وهو ما بدا في جلاء أخر جندي إنجليزي من أرض مصر في يونيو 1956، لتعزز الدولة المصرية سيادتها، على كامل أراضيها، وتسيطر تماما على مواردها ومقدراتها، عبر قرارات عدة، في مقدمتها تأميم قناة السويس، بعد الجلاء الكامل بشهر واحد، خلال الاحتفال بالذكرى الرابعة للثورة، عندما أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرار التأميم الشهير، لتثور ثائرة القوى الكبرى، ويبدأ العدوان الثلاثي على مصر، دون أن تحقق تلك القوى نجاحا يذكر فيما يتعلق بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وتنتصر الإرادة الوطنية مجددا، عبر التكامل المطلق بين الجيش والشعب.

ولعل الحديث عن مبدأ التحرر، لم يكن بعيدا على الإطلاق عن أذهان ملايين المصريين الذين خرجوا بعد أكثر من 6 عقود كاملة، من ثورة يوليو، للمطالبة، بتنحية الجماعة التي سيطرت على البلاد، آثرت الاستحواذ على مفاصلها، في 30 يونيو، بينما لم يكن الأمر أكثر من مجرد هدف قصير المدى، تبعته أهدافا أخرى، أهمها تحقيق استقلالية القرار المصري، بعيدا عن التبعية المطلقة للقوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وهو ما بدا في توجه الدولة المصرية نحو تنويع التحالفات، وعدم الاعتماد على حليف واحد، مما ساهم في خلق مساحة أكبر من المناورة، في إدارتها لعلاقاتها الدولية، خلال السنوات الماضية، بينما وجهت بوصلتها الدبلوماسية نحو بناء العلاقات على أساس المصالح المشتركة، وهو ما يحقق أكبر قدر من المكاسب، في إطار التنوع في العلاقات.


التعددية، في إدارة العلاقات الدبلوماسية، لعبت دورا رئيسيا، في إضفاء مساحة كبيرة من الحرية، للدولة المصرية، في تعزيز تحالفاتها، بالإضافة إلى تدعيم دورها في إدارة الأزمات الإقليمية، التي تضرب مناطقها الجغرافية، بينما ساهمت في الوقت نفسه في إدارة مواردها، والعمل على تعزيزها في إطار تكاملي مع محيطيها الدولي والإقليمي، بعيدا عن الارتباط بحسابات قوى بعينها طالما سعت إلى تحقيق مصالحها بعيدا عن مصالح حلفائها، من أجل تعزيز قيادتها الأحادية للعالم.


ومن المقاربات الملفتة للانتباه، بين ثورتي يوليو ويونيو، يبدو أن التقارب مع روسيا هو أحد ملامحهما، وإن كانت الصين هي الأخرى، باتت أهم شركاء "الجمهورية الجديدة"، بما يعكس تواكبها مع معطيات الحقبة الدولية الجديدة، والتي شهدت بزوغ نجم موسكو وبكين، وقدرتهما على مزاحمة الولايات المتحدة على عرش القيادة العالمية، وهو ما ساهم بصورة كبيرة في تعزيز مكانة القاهرة، بين القوى المؤثرة، وبالتالي تعزيز دورها في مختلف القضايا.


فلو نظرنا إلى الدور الذي لعبته مصر في مناطقها الجغرافية، نجد أن الدولة نجحت في استعادة الزخم في إفريقيا، خلال السنوات الماضية، بعد سنوات من التهميش، حيث تمكنت من تحقيق حالة من الدعم المتبادل، مع دول القارة، من خلال الدفاع عنها في المحافل الدولية، بينما حظت بمواقفها في منطقة الشرق الأوسط، بدعم إفريقي كبير، أعاد إلى الأذهان المواقف الموحدة، التي تعود إلى الستينات من القرن الماضي، بينما يبقى الدور المصري في منطقة الشرق الأوسط، متجاوزا مجرد وسيط تهدئة، كما هو الحال في القضية الفلسطينية، نحو الرعاية الكاملة للقضية، وهو ما بدا بجلاء في أزمة غزة، في ضوء عدم قدرة كافة أطراف المعادلة الدولية والإقليمية، في تجاوز الدور المصري.


الأمر نفسه يبدو واضحا فيما يتعلق بالشراكات التي أبرمتها مصر، خلال السنوات الأخيرة، مع العديد من الدول في مناطقها الجغرافية، منها على سبيل المثال اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع كلا من اليونان وقبرص، والتي ولد من رحمها شراكة اقتصادية بين الدول الثلاثة، لينجم عنها منتدى غاز شرق المتوسط، والذي بات يضم في عضويته العديد من الدول الأخرى، وذلك بهدف الاستفادة من موارد الدولة الاقتصادية، وفي مقدمتها الغاز الطبيعي، وهي الخطوة التي تمثل استباقا للأزمات الكبيرة التي شهدها العالم بعد ذلك بسنوات، سواء تفشي الوباء، أو اندلاع الصراع في أوكرانيا، وما نجم عنها من تداعيات ضربت قطاعات مؤثرة، وعلى رأسها قطاع الطاقة.


وهنا يمكن القول بأن ثورتي يوليو ويونيو التقيتا في الكيفية التي أدارت بهما الدولة علاقاتها مع القوى الدولية، حيث سارا معا في إطار التحول نحو الاستقلالية، وإن اختلفت الوسائل التي تحققت بها، على خلفية اختلاف الظروف الدولية، والإقليمية، جراء صعود قوى جديدة، من جانب أو اختلاف طبيعة الأزمات والصراعات الدولية من جانب آخر، لتستلهم الجمهورية الجديدة روح يوليو التحررية، والتي تحررت من سيطرة القوى الاستعمارية على مقدرات الدولة، بينما ساهمت 30 يونيو في التحرر من التبعية لقوى دولية بعينها على حساب العلاقات مع القوى الأخرى.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة