تفسير القرآن..ما قاله القرطبي في إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث

الجمعة، 05 أبريل 2024 08:00 ص
تفسير القرآن..ما قاله القرطبي في إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث تفسير القرطبي
محمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نواصل، اليوم، الوقوف مع كلام الإمام القرطبى فى تفسيره المعروف بـ"الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآى الفرقان"، ونقرأ ما قاله فى تفسير سورة يس فى "الآية الـ 14" (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ).

في قوله تعالى "إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ".


إذ أرسلنا إليهم اثنين وأضاف الرب ذلك إلى نفسه، لأن عيسى أرسلهما بأمر الرب، وكان ذلك حين رفع عيسى إلى السماء، فكذبوهما، قيل: ضربوهما وسجنوهما، فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون أي: فقوينا وشددنا الرسالة "بثالث"، وقرأ أبو بكر عن عاصم: "فعززنا بثالث" بالتخفيف، وشدد الباقون، قال الجوهري: وقوله تعالى: "فعززنا بثالث" يخفف ويشدد، أي: قوينا وشددنا، قال الأصمعي: أنشدني فيه أبو عمرو بن العلاء للمتلمس:
أجد إذا رحلت تعزز لحمها وإذا تشد بنسعها لا تنبس


أي: لا ترغو، فعلى هذا تكون القراءتان بمعنى، وقيل: التخفيف بمعنى غلبنا وقهرنا، ومنه: وعزني في الخطاب، والتشديد بمعنى قوينا وكثرنا، وفي القصة: أن عيسى أرسل إليهم رسولين فلقيا شيخا يرعى غنيمات له، وهو حبيب النجار صاحب "يس" فدعوه إلى الله وقالا: نحن رسولا عيسى ندعوك إلى عبادة الله، فطالبهما بالمعجزة فقالا: نحن نشفي المرضى، وكان له ابن مجنون، وقيل: مريض على الفراش، فمسحاه، فقام بإذن الله صحيحا، فآمن الرجل بالله، وقيل: هو الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، ففشا أمرهما، وشفيا كثيرا من المرضى، فأرسل الملك إليهما - وكان يعبد الأصنام - يستخبرهما فقالا: نحن رسولا عيسى، فقال: وما آيتكما؟ قالا: نبرئ الأكمه والأبرص ونبرئ المريض بإذن الله، وندعوك إلى عبادة الله وحده، فهم الملك بضربهما، وقال وهب: حبسهما الملك وجلدهما مائة جلدة، فانتهى الخبر إلى عيسى فأرسل ثالثا، قيل: شمعون الصفا رأس الحواريين لنصرهما، فعاشر حاشية الملك حتى تمكن منهم، واستأنسوا به، ورفعوا حديثه إلى الملك فأنس به، وأظهر موافقته في دينه، فرضي الملك طريقته، ثم قال يوما للملك: بلغني أنك حبست رجلين دعواك إلى الله، فلو سألت عنهما ما وراءهما، فقال: إن الغضب حال بيني وبين سؤالهما، قال: فلو أحضرتهما، فأمر بذلك، فقال لهما شمعون: ما برهانكما على ما تدعيان ؟ فقالا: نبرئ الأكمه والأبرص، فجيء بغلام ممسوح العينين، موضع عينيه كالجبهة، فدعوا ربهما فانشق موضع البصر، فأخذا بندقتين طينا فوضعاهما في خديه، فصارتا مقلتين يبصر بهما، فعجب الملك وقال: إن هاهنا غلاما مات منذ سبعة أيام ولم أدفنه حتى يجيء أبوه، فهل يحييه ربكما؟ فدعوا الله علانية، ودعاه شمعون سرا، فقام الميت حيا، فقال للناس: إني مت منذ سبعة أيام، فوجدت مشركا، فأدخلت في سبعة أودية من النار، فأحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله، ثم فتحت أبواب السماء، فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة شمعون وصاحبيه، حتى أحياني الله، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن عيسى روح الله وكلمته، وأن هؤلاء هم رسل الله، فقالوا له: وهذا شمعون أيضا معهم؟ فقال: نعم، وهو أفضلهم، فأعلمهم شمعون أنه رسول المسيح إليهم، فأثر قوله في الملك، فدعاه إلى الله، فآمن الملك في قوم كثير وكفر آخرون.


وحكى القشيري أن الملك آمن ولم يؤمن قومه، وصاح جبريل صيحة مات كل من بقي منهم من الكفار، وروي أن عيسى لما أمرهم أن يذهبوا إلى تلك القرية قالوا: يا نبي الله، إنا لا نعرف أن نتكلم بألسنتهم ولغاتهم، فدعا الله لهم فناموا بمكانهم، فهبوا من نومتهم قد حملتهم الملائكة فألقتهم بأرض أنطاكية، فكلم كل واحد صاحبه بلغة القوم، فذلك قوله: وأيدناه بروح القدس فقالوا جميعا: إنا إليكم مرسلون.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة