نلقى الضوء من خلال سلسلة قرأت لك على كتاب "النول والمغزل.. سوسيولوجيا المتخيل السردى" لـ الدكتور شريف حتيتة الصافي، والذي يقدم قراءة جديدة فى 8 روايات مثلت فى مجملها خريطة للسرد العربي الراهن.
يقول شريف حتيتة فى مقدمة كتابه
تأتي هذه الدراسة إيمانا بأن الرهان الاجتماعي الذي تواجهه الرواية العربية هو رهان محايث لا يمكن لها أن تتجاوزه، وهو رهان لا يتعارض بأي صورة مع رهاناتها الأخرى المتعلقة بتطوير اللعبة السردية والقالب الفني الذي هو ميدان التجريب التقني ولعل هذه فرضية تكتسب مشروعيتها من راهن المجتمعات العربية التي لم تنه بعد من حسم الصيغة النهائية لعلاقات الفرد بالآخر داخل المجتمع الواحد وموقفه من التقاليد والحداثة والسلطة وغيرها من العلاقات والمفاهيم التي لا تزل فى دائرة الالتباس.
يقارب هذا العمل ثماني روايات يفترض فيها التشابه من حيث تأسيس منظوراتها على تخييل البنى الاجتماعية وتمثيلها تمثيلا أقرب للشمول وكان هذا التشابه في الموضوع الروائي الذي مثلته على الرغم من اختلاف مجتمعاتها العربية دافعا لاستدعاء معادل استعاري لفعلها التخيلي يشتمل عليه عنوان الدراسة فى مفردتي (النول – المغزل) فيصير فعل الغزل وأداته المغزل في يد نساج مكافئا لفعل الكتابة السردية ولكنه فى ظل المساحة الممكنة بالغزل محكوم بحدود النول الذي يجري عليه الغزل، وعلى هذا النحو فهو يماثل الالتزام بحدود الاجتماعي موضوعا للكتابة .
إن هذه الروايات هي عينة روعي في اختيارها انتماؤها إلى مناطق جغرافية مختلفة من العالم العربي كالمغرب العربي ومصر والسودان والشام والخليج واليمن، وجاء هذا التنوع فى الاختيار فى سبيل تكوين رؤية تحاول اكتشاف المتخيلات المتجانسة فى موضوعها الروائي وتتشكل هذه العينة المتنوعة من الأعمال الآتية مرتبة وفق تاريخ صدورها: طعم أسود رائحة سوداء، للكاتب اليمني على المقري، 2008، الجانقو .. مسامير الأرض، للكاتب السوداني، عبد العزيز بركة ساكن، 2009، ترمي بشرر،للكاتب السعودي عبده خال، 2010، سيدات القمر، للكاتبة العمانية جوخة الحارثى 2010، ساق البامبو، للكاتب الكويتي سعود السنعوسي 2012، الطلياني، للكاتب التونسي شكري المبخوت 2014، بريد الليل، للكاتبة اللبنانية هدى بركات 2018، سيدة الزمالك، للكاتب المصري أشرف العشماوي، 2018.
ويقول شريف حتيتة:
منذ أن انشغلت بالنقد الروائي والعلاقة بين الرواية والمجتمع تُمثِّل محدِّدًا يوجّه اهتماماتي بمعالجة نص ما دون غيره معالجةً نقدية؛ بل لا أبالغ إذا ما قُلت إني انصرفت مؤخرًا إلى قراءة النصوص الروائية التي تُخيِّلُ المجتمعات، دون غيرها من النصوص الكثيرة المعنية بالتجريب وتقنيات الكتابة. ربما كانت هذه الحالة، أو هكذا أنظر إليها، مرحلةً من مراحل افتتاني بالرواية فنًّا وموضوعًا للنقد، لعلِّي أتركها وأنصرف عنها إلى غيرها؛ ولذا أردتُ في هذا الكتاب أن أسجِّلها موضوعًا للدَّرس النقدي الذي يتوجَّه إلى نصوص روائية قادتني إليها –بدايةً- ذائقتي المولعة بموضوعاتها، ونشوتي بقراءتها. وقد يُلقي هذا الحديث ظلالًا من الشعور بالذاتية والانطباعية، والقارئ معذور إذا ما انتقل إليه هذا الشعور، الذي أؤكّده له؛ فهي حقًّا فتنة بِلَوْن من النصوص؛ فتنة قبل أي اعتبار آخر، ومع ذلك فإنها فتنة منظَّمة إذا صح الوصف، أو هكذا حاولتُ أن تكون في هذا الكتاب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة