سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 21 يونيو 1800.. إغلاق الجامع الأزهر وتسمير أبوابه من جميع الجهات استجابة لطلب مشايخه من الجنرال منو قائد الاحتلال الفرنسى

الأربعاء، 21 يونيو 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 21 يونيو 1800.. إغلاق الجامع الأزهر وتسمير أبوابه من جميع الجهات استجابة لطلب مشايخه من الجنرال منو قائد الاحتلال الفرنسى الجنرال منو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهب الجنرال منو قائد الاحتلال الفرنسى لمصر ومعه الحاكم العسكرى لمدينة القاهرة الجنرال بليار، والأغا «المحافظ» إلى الجامع الأزهر فى 21 يونيو، مثل هذا اليوم، 1800، وطافوا بأرجاء الجامع، وأمروا بحفر بعض الأماكن بداخله، حسبما يذكر الدكتور عبدالعزيز محمد الشناوى فى الجزء الثانى من كتابه «الأزهر جامعا وجامعة».
 
أقدم الجنرال منو على هذه الخطوة بعد أربعة أيام من تنفيذ قواته حكم الإعدام، يوم 17 يونيو 1800، بقطع رؤوس الثلاثة الأزهريين المتهمين بمعاونة سليمان الحلبى فى عملية قتله للجنرال كليبر، ثم إعدام سليمان الحلبى على الخازوق، وكان تنفيذ الحكم فى الجميع على مشهد من الجنود الفرنسيين وأعيان المدينة، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من كتابه «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر».
 
جرى تنفيذ الإعدامات أثناء تشييع جنازة كليبر ويصفها «الجبرتى» فى الجزء الخامس بموسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» قائلا:  «وضعوا الجثمان فى صندوق مسنم الغطاء، ووضعوا ذلك الصندوق على عربة، وعليه برنيطته وسيفه والخنجر الذى قتل به وهو مغموس بدمه، وعملوا على العربة أربعة بيارق صغار فى أركانها معمولة بشعر أسود، ويضربون بطبولهم بغير الطريقة المعتادة، وعلى الطبول خرق سود، والعسكر بإيديهم البنادق وهى منكسة إلى أسفل، وكل شخص منهم معصب ذراعه بخرقة حرير سوداء، ولبسوا ذلك الصندوق بالقطيفة السوداء وعليها قصب مخيش، وضربوا عند خروج الجنازة مدافع وبنادق كثيرة، وخرجوا من بيت الأزبكية إلى درب الجماميز إلى جهة الناصرية، فلما وصلوا إلى تل العقارب حيث القلعة التى بنوها هناك، ضربوا عدة مدافع، وكانوا قد أحضروا سليمان والثلاثة المذكورين، فأمضوا فيهم ما قدر عليهم، ثم ساروا بالجنازة إلى باب قصر العينى، فرفعوا ذلك الصندوق، ووضعوه على علوة من التراب بوسط تخشيبة صنعوها وأعدوها لذلك، وعملوا حولها درابزين وفوقه كساء أبيض، ووزعوا حوله أعواد سرو، ووقف عند بابها شخصان من العسكر ببنادقهما ملازمان ليلا ونهارا، يتناوبان الملازمة». 
 
يذكر «الرافعى»، أن الفرنسيين زاد ارتيابهم فى الأزهر بعد مقتل «كليبر » إذ كان يأوى إليه سليمان الحلبى وشركاؤه، وبه قضى القاتل نحو ثلاثين يوما مصمما على القتل، ولم يقتنع الفرنسيون بأن علماء الأزهر كانوا يجهلون نية القاتل قبل ارتكاب الجناية، وعلى هذا النحو قام الجنرال منو بالذهاب إلى الجامع الأزهر يوم 21 يونيو 1800، وحفر بعض الأماكن بداخل الجامع بحجة التفتيش على الأسلحة، ووفقا لعبدالعزيز الشناوى:  «عملوا حصرا لعدد طلبته وكتبوا أسماءهم فى قوائم، ثم أمروا بألا يبيت أحد من الغرباء فى الجامع، وألا يؤدى إليه أفاق، وأخرجوا من الطلاب العثمانيين ومنهم الشوام، واشتم سائر الطلاب أن السلطات الفرنسية تبيت لهم أمرا، ورأوا أن يفسدوا عليها خطتها، فشرعوا فى نقل متاعهم وكتبهم وإخلاء الأروقة، ونقل الكتب الموقوفة بها إلى أماكن خارجة عن الجامع ».
 
يضيف «الشناوى »:  «رأى الشيخ عبدالله الشرقاوى شيخ الجامع الأزهر وزملاؤه أن بقاء الجامع مفتوحا فى مثل هذه الظروف العصيبة التى تجتازها البلاد أمر لا يخلو من أخطار، فقر رأيهم على أنه من الأفضل إغلاق الجامع كلية، وكان يترتب على هذا الإغلاق إيقاف الدراسة وتعطيل الصلاة، وفى عصر ذات اليوم ذهب وفد من العلماء يتكون من المشايخ الشرقاوى والمهدى والصاوى، إلى الجنرال منو، واستأذنوه فى إغلاق الجامع وشرحوا له وجهة نظرهم ».
 
يذكر «الشناوى» نقلا عن «الجبرتى » أن المشايخ قالوا لمنو: «إنهم يهدفون إلى منع الريبة بالكلية، فإن للأزهر سعة لا يمكن الإحاطة بمن يدخله، فربما دس العدو بمن يبيت به، واحتج بذلك على إنجاز غرضه، ونيل مراده من المسلمين والفقهاء، ولا يمكن الاحتراس من ذلك، فأذن كبير الفرنسيين بذلك لما فيه من موافقة غرضه باطنا، وفى صباح اليوم التالى، تم إغلاق الجامع الأزهر وتسمير أبوابه من جميع الجهات، وكإجراء وقائى تم إغلاق وتسمير جامع محمد بك أبى الدهب المواجه للجامع الأزهر، وأخرج من المدرسة القائمة فيه الطلبة الأتراك ».
 
ظل الجامع الأزهر مغلقا زهاء عام، ويذكر الشناوى، أنه لما أذيعت أنباء الصلح وشرع الفرنسيون فى الجلاء، بادر أولو الأمر بفتح أبوابه وكنسه وتنظيفه يوم 2 يوليو 1801، وحرص يوسف ضياء باشا الصدر الأعظم على زيارته فى ذات الأسبوع، الذى أعيد فيه افتتاحه، وطاف بمقصورته وأروقته، وأنعم على خدم الأزهر بالعطايا، ثم رجع إلى معسكر بناحية الحلى بشاطئ النيل فى بولاق، بعد أن قضى فى رحاب الجامع الأزهر ساعة لطيفة، وعادت الحياة الدينية والعلمية إلى سيرتها الأولى، وأخذ طلبة الأروقة يتوافدون على أروقتهم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة