د.داليا مجدى تكتب: دعوة صُلح

الجمعة، 31 مارس 2023 03:49 م
د.داليا مجدى تكتب: دعوة صُلح د.داليا مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عادةً عند بداية شهر رمضان، يُحاول كل المتخاصمين عقد الصلح فيما بينهم، لكي يسود الوفاق والوئام، وتتوارى الروح الشريرة، وتحل محلها روح الخير والبر.
 
ولكن هناك دعوة صُلح أخرى ينساها الإنسان في غمرة انشغاله بعلاقاته الخارجية، وهي عقد الصلح بينه وبين نفسه، فالإنسان ينشغل عادةً بخلافاته مع الآخرين، وفي محاولة تقريب وجهات النظر بينه وبينهم، وفي رأيهم في شخصه وفي سلوكياته، ويتجاهل تمامًا فكرة رضائه عن نفسه، ومحاولة التقريب بين أحاسيسه وأفكاره، وعقد الصلح بين عقله وقلبه، والقدرة على كبح جماح جوارحه.
 
فالشتات النفسي يُنغص على الإنسان معيشته، ويُغلق مفاتيح النور في وجهه، ويدرأ عنه السعادة والهناء. وهذا الشتات يتأتى من تفاقم الخلافات بين الإنسان ونفسه، وعدم قدرته على التوفيق بين أفكاره المتضاربة.
 
ولذا، لابد من إيجاد فرصة للم شمل النفس المشتتة، ومحاولة التفاهم معها، ليس عن طريق جلدها، أو مُسايرتها، ولكن بنقاشها وإقناعها، فيجب على كل إنسان أن يمنح لنفسه فرصة الجلوس مع نفسه، مرة على الأقل في الأسبوع، ليس لمُحاسبتها ومُعاتبتها ومُعاقبتها، وإنما لمُناقشتها ومُصارحتها والتصالح معها. 
 
فالإنسان لابد أن يتعرى أمام نفسه، ويُصارحها بكل ما يدور في خُلْده، وتارةً يلتمس لها العذر، وأخرى يُحاسبها ويُعاقبها، ولكن في النهاية لابد أن يتصالح معها، وأن يتعهد أمامها بمحاولة تغيير سلبياته، والبحث عن إيجابياته، ويسير بالفعل في طريق التغيير.
 
وأرجو أن نتذكر جميعًا أننا لو فشلنا في مُحاولة عقد الصلح مع أنفسنا، كيف يتسنى لنا أن نتوافق مع الآخرين، وأن نتصالح معهم؟
 
فالأحرى بالإنسان أن يبدأ بنفسه أولاً، لأن هذا هو الأساس، ولو اختل الأساس بالقطع سينهار البُنيان بأكمله.
 
ومما لا شك فيه أن كل العلاقات الإنسانية التي تربطنا بغيرنا مبناها الأول علاقتنا بأنفسنا، وإلا تحولت إلى مجرد أوهام منبتة الصلة عن الواقع، فمَنْ يفشل في التأقلم مع نفسه، ومُحاولة التصالح معها، بالقطع سيفشل في التوافق مع الآخرين، ولو حدث ذلك التوافق سيكون توافقًا ظاهريًا ومؤقتًا.
وليس هناك أجمل من هذه الأيام الروحانية، لكي نُقرر عقد الصلح مع أنفسنا، حتى تتغير حياتنا إلى الأفضل، وبالقطع، لو حدث هذا الصلح سيمتد تلقائيًا إلى كل تفاعلاتنا الإنسانية الأخرى.
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة