د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: ميثاق أمانة

الجمعة، 03 فبراير 2023 02:08 ص
د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: ميثاق أمانة د. داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ميثاق الأمانة، لا يقل في أهميته عن ميثاق الشرف، فهذا الميثاق لا يخضع للأحكام الدولية، ولكنه يخضع للأحكام الإنسانية في المقام الأول والأخير.
 
فميثاق الأمانة هو أن تصدق القول مع مَنْ أمامك، وأن تكون صريحًا معه على الأقل فيما يخصه، فهو يعني الكثير، فأن تُعاهد إنسانًا على أمر ما، وتُقسم له بأنك لن تخون العهد، وستظل أمينًا عليه طيلة عمرك، فهذا يعني أنك لابد أن تُوفي بعهدك، لسبب بسيط للغاية، أنك لا تدرك مدى قسوة الموقف عندما تخون أمانتك وعهدك معه، فربما تتسبب في إيذائه نفسيًا، لأنه سيفقد إحساسه بالأمان، وربما تزرع بداخله عقدة نفسية، تجعله لا يمنح الثقة لأي إنسان مهما كان.
 
فللأسف نحن نتصرف ونسلك سلوكيات لا إرادية، دون أن نُفكر في المردود الذي ينعكس من ورائها، ودون أن نقدر تبعاتها على الآخرين، فما أصعب أن تجعل كلمتك مُجرد حروف ليس لها قيمة أو معنى، فهذا في حد ذاته خيانة لنفسك، فلابد أن تخلق حالة من المصداقية مع نفسك ومع الآخرين، وأن تجعل الأمانة نُصب عينيك، بمعنى أن تفي بوعودك وعهودك، والأهم من ذلك أن تعيش بوجه واحد، فلو أحبك إنسان بسبب استشعاره لسمو أخلاقك، وطيب نشأتك، وصدق حديثك، فكم سيُؤلمه اكتشاف أنك تملك وجهًا آخر، مُجافيًا تمامًا لوجهك الذي عرفك به، وتعلق بك من خلاله، فأنت في هذه الحالة تخلق فجوة إنسانية بينك وبينه، وبالقطع ستفشل في تضييقها والسيطرة عليها مع الزمن.
 
وهناك سؤال يُساورني بشدة، ما الذي يستفيده الإنسان من خرق العلاقات الإنسانية التي تربطه بالآخرين؟ هل هذه قوة من وجهة نظر البعض، أم تُراه يستشعر أن الآخرين مجرد دُمى عليه أن يحركهم كيفما يشاء، ووقتما يشاء، ربما سينجح لبعض الوقت في شرخ الآخرين من ضحاياه، ولكنه في الواقع سينكسر مع الزمن ومع الأيام، ولن يجد من يربأ صدعه مهما حاول، لأن الضربة سترد عليه بلا شك، لأن القدر يأبى الظلم، ولابد أن يرده إلى الظالم، ومَنْ يخون أمانته، سواء في كلماته، أو سلوكياته، أو أحاسيسه، فبالقطع سيجني ثمار كل هذا مهما طال الزمان أو قصر، ويكفي أنه سيخسر إنسانًا صدقه الوعود، وأخلص له في الإحساس، فما قيمة أن تكسب موقفًا خلقته أنت في لحظة قوة وهمية، وتخسر مقابله إحساس صادق وحقيقي كان سيدوم معك طيلة العمر، لو كنت حافظت على ميثاق أمانتك؟
 
ففكروا قبل أن تتحدثوا مرة، وقبل أن تتصرفوا مرتين، وقبل أن تتخذوا القرار ألف مرة، لأن هناك أشخاص وأشياء وذكريات لو ذهبت مرة، لن تعود لك مرة أخرى، حتى لو بكيتها مليون ألف مرة.
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة