سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 7 نوفمبر 1973.. السادات وكيسنجر فى اجتماع مغلق ثلاث ساعات.. والرئيس يؤكد تصميمه على تصفية ميراث عبدالناصر ويشكو إخوانه العرب

الثلاثاء، 07 نوفمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 7 نوفمبر 1973.. السادات وكيسنجر فى اجتماع مغلق ثلاث ساعات.. والرئيس يؤكد تصميمه على تصفية ميراث عبدالناصر ويشكو إخوانه العرب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استيقظ هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكية، مبكرا صباح 7 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1973، فى مقر إقامته بفندق هيلتون بالقاهرة، بعد أن وصلها فى منتصف ليل 6 نوفمبر، وأحس بحرارة الاستقبال من اللحظة الأولى لوصوله بمطار القاهرة، واستطاع تحفيظ نفسه جملة باللغة العربية قالها لممثلى الإعلام المصرى، فور نزوله وهى «الل فات مات»، وقصد بذلك التعبير رغبته فى بداية صفحة جديدة، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «أكتوبر 73.. السلاح والسياسة».
 
جاءت هذه الزيارة بعد أن توقف إطلاق النار على جبهتى القتال المصرية والسورية ضد إسرائيل، الذى اندلع فى 6 أكتوبر 1973، ووفقا لـ«هيكل»، فإن كيسنجر بعد استيقاظه، دعا عددا من مستشاريه إلى فنجان قهوة، وعرف أن هناك رغبة من السادات فى تخصيص جزء مهم من جلسة المفاوضات المقررة صباح اليوم فى قصر الطاهرة لاجتماع مغلق بينهما وحدهما، ويؤكد «هيكل» أن كيسنجر اعتبر أن رغبة السادات فى اجتماعهما المغلق علامة طيبة، غير أن وزير الخارجية إسماعيل فهمى يؤكد فى مذكراته «التفاوض من أجل السلام فى الشرق الأوسط» أنه هو الذى رتبه، لأن غرور كيسنجر يدفعه إلى التعامل مباشرة مع رؤساء الدول، وحتى يعطى الاثنين فرصة للحديث بحرية.
 
يذكر «هيكل» أن قصر الطاهرة اشتعل بالنشاط، حين وصله كيسنجر فى العاشرة صباحا، ولقى استقبالا حارا أدهشه باعتباره الرجل الذى أعطى لإسرائيل كل السلاح الذى طلبته لتغيير الموازين لصالحها فى معركة ضد الجيش المصرى، وأدهشه أيضا أن كثيرين من مستقبليه الرسميين المصريين أخذوه بالأحضان والقبلات.
 
يؤكد «هيكل»: دخل ثلاثة من كبار مستقبلى كيسنجر هم حافظ إسماعيل، مستشار الرئيس للأمن القومى، وإسماعيل فهمى وزير الخارجية، والدكتور أشرف غربال المشرف على مكتب شؤون المصالح المصرية بواشنطن إلى الصالون الرئيسى فى القصر، وما كادوا يجلسون حتى دخل الرئيس السادات مرتديا زيه العسكرى، مرحبا بحرارة شديدة، أدهشت كيسنجر، وبدأ الجزء الرسمى للاجتماع، ولم يزد عن عبارات المجاملة وترحيب دافئ من جانب المضيف بضيفه، وبعد دقائق التفت السادات للوفدين قائلا: «إنه سيأخذ كيسنجر إلى اجتماع مغلق بينهما».
 
 استمر اجتماعهما ثلاث ساعات، وفقا لمانشيت الأهرام يوم 8 نوفمبر 1973، ويذكر «هيكل» أنه فى ربع الساعة الأخير منه التأم الشمل بين الجانبين مرة ثانية، وقال كيسنجر للجميع: إنه ناقش مع الرئيس السادات مشروعا لفك الارتباط بين القوات المصرية والإسرائيلية يشمل نقاط ست، وأن الرئيس السادات وافق عليه، وسيذهب به «سيسكو» إلى السيدة جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل، للحصول على موافقتها، ثم تلا النقاط الست.
 
كان ما دار خلال الثلاث ساعات بين السادات وكيسنجر هو الأخطر، ويذكر «هيكل» أن الروايات اختلفت بشأن هذا الاجتماع، لأنه لم يحضره طرف ثالث، ولا يوجد تسجيل له، مضيفا: هناك روايتان، واحدة للسادات فى مذكراته «البحث عن الذات»، ورواية لكيسنجر بعنوان «سنوات القلاقل» فى مذكراته.
 
يقول السادات فى مذكراته: «استغرقت الجلسة الأولى ثلاث ساعات، بعد الساعة الأولى شعرت أنى أمام عقلية جديدة فى السياسة، وأنى أرى وجه أمريكا الحقيقى الذى كنت فيما مضى أتمنى أن أراه، أعتقد أنه لو رآنا أحد بعد الساعة الأولى من اجتماعنا لأعتقد أننا أصدقاء منذ سنوات وسنوات، لم تكن هناك أية صعوبة فى التفاهم، فاتفقنا على النقاط الست، ومن ضمنها إقرار أمريكا بخط 22 أكتوبر فى فض الاشتباك».
 
أما «كيسنجر»، فيقول: فور أن دخلنا وحدنا، راح الرئيس السادات يحشو غليونه بالتبغ ويشعله، ثم قال: لقد كنت من زمن طويل أتشوق لهذه الزيارة، ولدى خطة سأحدثك عنها، ونستطيع أن نسميها خطة كيسنجر، ثم دعانى إلى جانب من الغرفة وضعت فيه بعض الخرائط، وقد رسم عليها خط فك الارتباط كما يتصوره، ويمتد من سيناء من العريش إلى رأس محمد جنوبا، واستغربت لأنه كان لا بد أن يعرف أن انسحاب إسرائيل لهذا الخط مهمة مستحيلة، ولم أكن أريد أن أبدأ معه برفض مقترحاته حتى مع اعتقادى أنها غير عملية، وهكذا رأيت أن أغير الموضوع، وقلت له: قبل أن نتحدث فيما هو أمامنا الآن، أريدك أن تروى لى كيف استطعت تحقيق مفاجأة السادس من أكتوبر؟.
 
يؤكد «كيسنجر»: كان سؤالى هذا نقطة التحول فى حديثنا، وقد ضاقت عيناه وهو يستعيد ذكرياته وراح ينفث دخان غليونه، ثم ابتسم مدركا أننى قدمت إطراء يعطيه قيمته وينقل إليه الإحساس بأنه لا يتفاوض من موقع ضعف، وكانت روايته فى البداية بطيئة، ثم راحت التفاصيل تتسارع وتتدفق حتى قال: أنا مصمم على إنهاء ميراث عبدالناصر، وأريد أن أعيد العلاقة مع الولايات المتحدة وبأسرع ما يكون، وراح يشكو لى من إخوانه العرب، الذين لا يفهمون رؤيته الاستراتيجية الواسعة، وأنه ليس مستعدا لقبول ابتزازهم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة