سما سعيد

كلنا باباراتزى.. بين انتهاك الخصوصية وإلحاق الأذى بالآخرين

الخميس، 05 يناير 2023 07:49 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هاتف محمول مزود بكاميرا عالية الجودة أصبح وجوده لا يعنى التقاط صور جميلة وتوثيق ذكرياتنا الحلوة فقط، بل جعل الجميع "باباراتزي" تقمصوا هذه الشخصية التى تلهث وراء الخفايا وليس الأخبار، نشر فضيحة أو مشهد لا نرغب فى رؤيته، وليس إنجازا وفرحة تسعد قلوبنا، الأمر الذى كان مرتبطاً بالمشاهير فقط أصبح ناقوس خطر لنا جميعاً، فكلنا مراقبون بأعين الكاميرات التى قد تنتهك خصوصيتنا فى تناول طعام مع أحد الأصدقاء، أو حتى السير فى إحدى الحدائق أو حتى لحظات المرح فى رحلة أو فرح أحد الأقارب، ما يسعنا إلا أن نقول إن انتهاك الخصوصية مهما كانت بسيطة أو على سبيل المرح والكوميديا قد تمر على فلتر الانتقاد وتتحول هذه الصورة أو المقطع إلى سكين يذبح الآخرين دون علم من ناشره.

لدينا جميعًا مساحات خاصة وأفكار وكلمات خاصة بنا وحدنا لا نحب أن نشاركها مع الآخرين، حياة هادئة لا نحب أن نعلنها، حتى حامل هذه الكاميرا فى هاتفه، لا بد أن يعلم أن من آداب الإنسانية عدم استخدام هذا الفلاش القاسى لتسجيل أى حد يخص الغير دون إذن مسبق منه، وتتطلب أخلاقيات الخصوصية أن يحترم الآخرون هذه الحقوق، فى حين أن هناك العديد من القوانين المعمول بها لضمان بقاء أسرار الأشخاص طى الكتمان، فهناك أيضًا حجج أخلاقية قوية لصالح احترام حق الآخرين فى الخصوصية ما دام يفعل شيئا طبيعى لا يؤذى به نفسه أو أحد.

لا نتحدث هنا عن أحداث كارثية أو فعل يعاقب عليه القانون، ولكنى أتحدث عن سرعة استخدام الهاتف فى تسجيل كل شيء وأى شيء بل ونشره دون حتى التفكير فى مدى العواقب الناجمة عن هذا الفعل، ليس على من تم تصويره.

فتسجيل القضايا المجتمعية هو عمل منصب على جهات معينة، من شأنها تسجيل وتوثيق الظاهرة للإبلاغ عنها، وليس للعامة أن يتداولونه على وسائل التواصل الاجتماعى للإضرار بمصلحة الوطن، عن طريق ذرع صورة ذهنية للأجانب بعكس ما هو موجود فى الواقع، ولا ننكر ما يتم رصده من العامة بالصورة والفيديو، ولكنها حالات فردية ما يلبث أن يتم استخدامها فى غير محلها وغير موضوعها لأهداف اخرى تختلف تماماً عن أهداف صاحب التسجيل أو التوثيق نفسه.

القانون وحده لا يكفى للحد من تلك الظاهرة، بل يلزم وجود عامل أخلاقى لكل فرد، وتوعية حقيقية بفكرة تصوير شخص بدون علمه أو مكان بدون إذن، ينبغى الإقرار بعدم معرفة أغلبنا بالقوانين الخاصة بذلك الموضوع، وعدم وجود معيار أخلاقى حقيقى متفق عليه عند العامة، لذا فأهمية هذا الموضوع قد بلغت دراجاتها القصوى حالياً، فى ظل وجود كاميرا مدمجة بهاتف كل فرد، وايضاً اهمية الموضوع كونه تحول لهوس اجتاح السوشيال ميديا فى سبيل زيادة عدد المشاهدات والمتابعين والارباح الناتجة عنه.

الموضوع على الرغم من تفاهته إلا أنه قادر على تعطيل التقدم، والتأثير على الاقتصاد، وأيضاً خلق مناخ تشاؤمى فى المجتمع عن طريق فرض صورة وحيدة أمام العوام وتجاهل الإيجابيات، فالبابارتزى يهمه الفضائح أكثر من الإيجابيات، فهدفه الأول والأخير هو الشهرة ولو على حساب الآخرين جميعا.

 

 

 

 

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة