محمود عبدالراضى

مبادرات تخفيض تكاليف الزواج

الجمعة، 03 يونيو 2022 01:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بين الحين والآخر، تظهر مبادرات رائعة، تدعو لخفض تكاليف الزواج بالقرى والنجوع في الأرياف، لا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، التي تجتاح العالم كله، منذ ظهور وباء كورونا وانطلاق الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أصاب رذاذ منها بلادنا الحبيبة، التي تقدم المشروعات والإنجازات لتحقيق حياة كريمة للمواطنين.
 
البعض يتظاهر فخرًا، بما تحمله عشرات السيارات من أجهزة ومستلزمات، لا حاجة للعروسين بها على مدار 50 سنة قادمة، وربما يأتي الحفيد، ولا يتم استخدام كل هذه الأدوات والأجهزة، فالأهم لديهم التفاخر والتباهي، حتى وإن كان ذلك على حساب الاستدانة وتوقيع ايصالات أمانة على بياض، تنتهي في المطاف بهؤلاء خلف الأسوار.
 
بصفتي متابعا لملف الشئون الأمنية، وزيارتي المتكررة لمراكز الإصلاح والتأهيل، ولقائي النزلاء خلف الأسوار، لا سيما الغارمين والغارمات، أستطيع أسرد لك عددًا من القصص الممزوجة بالأسى والألم تقف خلفها "ثلاجة" أو "بوتاجاز" أو "نيش"، كانوا سببا في دخول مواطن أو مواطنه السجن.
 
ما أقوله لك هنا ليس دربًا من الخيال، وإنما هي حقائق رصينة، فبمجرد أن تطأ قدمك خلف الأسوار تجدهن يتحركن بملابسهن البيضاء، ملامح الحزن والحسرة مرسومة على الوجوه، قبل أن تسألها عن سبب سجنها، تبادرك بالإجابة: "أنا مسجونة فى قضية شيكات بدون رصيد.. أنا غارمة..لا سرقت ولا قتلت ولا مشيت بطال لا سمح الله.. أنا موجودة هنا بسبب "ثلاجة أو بوتاجاز".
 
العديد من السيدات تركن الأهل والأقارب، إلى خلف أسوار عاتية تمنعهن من رؤية فلذات الأكباد، يحلمن باليوم الذى يتنفسن فيه هواء الحرية، تتعدد القصص و"الحواديت" داخل كل زنزانة، ويبقى سبب السجن قاسمًا مشتركًا بينهن ، وهو عدم القدرة على سداد مستحقات مالية.
 
خلف الأسوار، تتحرك بحياء وتتحدث بصوت منخفض، لا تكاد ترفع رأسها إلى السماء، إذا سألتها عن اسمها، تجيبك بصوت خافت:"اسمي فلانة"، وتستحى أن تقوله ثلاثيًا، تحكى قصة جديدة من قصص الغارمات، تعود بذاكرتها إلى سنوات ماضية، عندما فوجئت بابنتها أصبحت "عروسة" وتبارى الشباب للزواج منها، لكن الفقر والحاجة يقفا حائلاً دون إتمام الفرحة، وتفشل الأسرة فى تجهيزها، وتحاول الأم أن تحمى فرحة ابنتها، فتذهب إلى شركة تبيع الأجهزة الكهربائية تشترى منها جهاز العروس، وتوقع إيصالات أمانة بعشرات أضعاف ثمن البضاعة ويحل موعد سداد الدين، فتعجز الأم عن الوفاء، ليكون السجن نهاية المطاف.. يطلقها زوجها وتفقد ابنتها العريس الذى رفض أن تكون حماته "رد سجون"، ويذهب كل شىء، ولا يتبقى سوى الحسرة والدموع.
 
العديد من قصص وحواديت الغارمات خلف الأسوار، يمل القلم من سردها.. قصص لأمهات كان مصيرهن السجن بسبب ثمن ثلاجة أو تليفزيون، "حواديت الصبر" منقوشة على جدران الزنازين، تلعن الجهل وعدم الوعي والإصرار الكاذب والزائف بالتباهي والتفاخر بعشرات الأجهزة والملابس التي لا حاجة للعروسين بها.
 
مؤخرًا، أطلق شباب قرية شطورة بشمال محافظة سوهاج مبادرة رائعة لتخفيض تكاليف الزواج، التف حولها جموع القرية، باركوها ودعموها، وباتت حديث القرية والقرى المجاورة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وباتت بمثابة حل سحري للخروج من الأزمات الاقتصادية، وعدم التضييق على الناس، وفرصة لإنهاء عقود زواج تعطلت سنوات بسبب تكاليف واهية، أتمنى تعميمها في كل شبر من أرض مصر، فلن يكلف الله نفسا إلا وسعها.
 
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة