هند أبو سليم

في الشتاء يرحل الطيبون

السبت، 09 يناير 2021 03:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قالت: كم أكره الشتاء، فهو يختطف منا الأحبة كل عام.

نظرت حولي، لم اشعر بذلك الشتاء الذي كان ممطراً بارداً ونحن صغار... شتاء، نلتحف به أغطيتنا، باحثون عن دفء يشدنا لأحلام طفولة تؤنس ليالينا، حتى تشرق شمسٌ خجولة، تحاول أن ترسل أحضان دفئها مع كل شعاع ضوء.... أحلام طفولة غادرتنا منذ أعوام....

كيف للموت أن يكون ذا رهبة وفاقدها في ذات الوقت...

فعلى كم تواجده اليوم منذ بدء الوباء.... إذ أصبح  الكلام عنه عادياً،  و نعتقد أننا أقوى منه، وأننا نتخطاه، إلا أنه لا زال ينزل كالصاعقة كل مرة.... كل مرة... كل مرة.

رغم كل التوقعات والمؤشرات والتحضيرات....

فحين يحضر ماداً يده ليصطحب روحاً من أرواح الله.... تصيب قلوب المعنيين رجفة وهلع ... نشعرها قيامة صغيرة... حيث يذهب فيها الأحبة و نظل وحدنا منتظرين دورنا.... نعم حضور ملك الموت، هو قيامة صغيرة.

كنا كبارا أو صغارا ، كنا أقوياء أو ضعاف، وحدنا أو مع عائلاتنا الصغيرة، بصحة أو في علة، لا زال وسيظل رحيل الوالدين بمثابة قصمة الظهر الأولى.... والأخيرة.

سيظل وداعهم الأصعب والأبشع....

سيظل فراقهم حياً محملاً بالدموع دوماً حتى نرحل نحن.

سيظل رحيلهم عنوان التيه والشتات الذي لن يعرف به أحد إلا نحن.

سنظل نخاف أن ننسى ملامحهم، فسنبحث دوما عن صورة أو صوت تجدد ذكراهم في أرواحنا.

ولكن!

- ما أجمل ما تركوه حياً في الذاكرة، حياً فينا، وحياً في أبنائنا.

- ما أروع ما خزنوه من دفء داخلنا لهذه الشتاءات القادمة التي لن يكونوا فيها.

- ما أصدق ما علقوه من مظلات في سمائنا لتحمينا من مطر الدنيا و سقيعها.

- ما أطيب ما تمنوه لنا وعملوا لأجله، لكي يطمئنوا ولو قليلاً علينا ( و لكنهم لا يطمئنوا أبداً طالما نحن لسنا أطفالا صغار في أحضانهم).

- ما أجمل شجارهم معنا لصالح أبنائنا ودلالهم المتفاني لهم.

- ما أروع من مزارع زرع حباً وحناناً ورأى حصيده بأم عينه.

- ما أصدق من نظرة حب لأمٍ أو لأب ينظرون بكل الفخر لأبنائهم مهما كانت الإنجازات بسيطة.

- و لا أحلى و لا اجمل و لا ابسط من طبطبة من ام او اب تنير شعاع امل و تجبر خاطر.

وداعاً أمهاتنا وأبائنا....

وداعاً ذلك الجيل الذي حاول أن يناطح العصر الحديث بأن لا زال يقرأ صحيفته كل صباح، ولا زال يستمع لمحطة الشرق الأوسط وإذاعة القرآن الكريم، إلى من يعتبر الصداقة رباط لا حل منه، وأن للزواج قدسية لا يحلها إلا الموت... وداعاً ذلك الجيل الذي في مشيته احترام، و في جلسته احترام، و في كلماته احترام.

وداعاً جيل المحترمين.

و للأسف في الشتاء يرحل الطيبون.

وداعاً انكل محي.









الموضوعات المتعلقة

يا أَوْلَ المَنْفِيينْ

الخميس، 29 أكتوبر 2020 04:09 م

يوماً ما..سترون الدنيا 4D

الخميس، 22 أكتوبر 2020 11:35 ص

أحمد شرب الشوربة

الخميس، 15 أكتوبر 2020 12:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة