هند أبو سليم

يوماً ما..سترون الدنيا 4D

الخميس، 22 أكتوبر 2020 11:35 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أن ابدأ، أحتاج إلى أن اشير إلى شيئ سأحتاجه لاحقاً: المغالطة الأساسية لعلم الاقتصاد الحديث هي:"التركيز على الآثار القصيرة الأمد لسياسات بعينها على جماعات بعينها، وتجاهل الآثار طويلة الأمد على المجتمع ككل أو التقليل من شأنها".
 
باختصار: بنبص تحت رجلينا، و مبنفكرش غير في مصلحتنا الشخصية فقط في الوقت الحالي، بغض النظر عن اي حاجة هتحصل بكرة.
 
تمام!
فلنبدأ: أرسلت رسالة من هاتفي المحمول لاحد اصدقائي في الخارج، و الذي لم اتواصل معه من حول ٦ اشهر، افتقدته.... اذ اني اسميه شبيهي، هو شبيه روحي في ثوب رجل.رغم الاختلاف التام في أيدولوجية ( الايديولوجيا باختصار هي: السلوك المعبر عن افكارنا و معتقداتنا) تنفيذ هذا الشبه في الواقع ( كَوني امرأة، كَونه رجل، اني نشأت في بلد، و هو في بلد أخرى..إلخ).
 
هاتفني في الحال..وبمجرد أن سمعته يقول يا هنودا، شعرت بصوته يبث العاب نارية و  شموساً مضيئة، و قطعاً من الحلوى تتطاير من هاتفي المحمول، و حين استشعر سعادة المقربين الي، تنتقل موجات فرحهم إلي سريعاً، فأجبته بسعادة حقيقية: 
- صوتك متغير، صوتك سعادة، يا رب دايماً.
- ايوا، لا خلاص انا تعبت من محاولة ارضاء الغير، تعبت من اني استحمل الطاقة السلبية اللي بتسرق من روحي كل يوم....و قررت اني اعيش.             
 
كان صوته مليء بالطاقة التي اجبرتني على الابتسام طوال حديثنا.
و بمعرفتي بصديقي سألته:
- بس دة مش بسبب قرار فردي انت خدته! في حد، في حاجة؟!
- يا أوروبا، ايوة طبعاً.
وقع صديقي في الحب في الخامسة و الاربعين من عمره.... فاصبح صديقي مفضوح الصوت ( في هذه الحالة) وأتخيله مفضوح العينين..فالصب ( من الصبابة) كما قال الشاعر أحمد رامي ..تفضحه عيونه.
 
صديقي متزوج، رجل عاش قصة حب لبضع اعوام في بدايات هذا القرن، و تزوج من احب لما يقارب العقدين....
 
وصل به الزواج إلى مرحلة سد.. فما يفعله ليسترضي زوجته ( و هو يحبها و يحترمها حقاً) لا يرضيها، و ما تفعله زوجته لارضائه، هو لا يرضيه.
 
كلن منهما يقدم للأخر ما يتمناه هو، لا ما يريده الأخر ( الغلطة الاساسية في الزواج الحديث)... و حاول كثيراً ان يقرب وجهات النظر و يهون الأمور... و يشعل نار حبهم  مرة أخرى، و كان الفشل حليفه كل مرة، فكره نفسه و كره فشله. و دون أن يشعر، حدث ما حدث.... و بين ليلة وضحاها اصبح عاشقاً مدلهاً.
 
لو كان حدث ما حدث قبل أعوام، كنت ساثقب اذنيه نصائح و عقلانيات، و سارسم له حدوده المجتمعيه ( كأنه طفل صغير لا يعلم شيء) و كنت ساذكره بما كبرنا نسمعه و ترسخ داخلنا غيباً من ايديولجيات منذ نعومة اظافرنا.
 
و لكن بعد عامي الاربعين، اصبحت لا ارى المواقف مسطحة flat, بل اراها 4D.... من اكثر من زاوية..... و اصبحت لا شعورياً انظر لحكايا البشر  و من ضمنهم حكايتي بنظرة تحليلية.... لم تعد القصص ملونة بلونين اييض و اسود فقط..أصبحت أرى ألواناً مختلفة باختلاف البشر.
 
لا أعلم كيف وجدتني اربط بين حال صديقي العاشق و بين المغالطة الاقتصادية أعلاه.."التركيز على الآثار القصيرة الأمد لسياسات بعينها على جماعات بعينها، و تجاهل الآثار طويلة الأمد على المجتمع ككل أو التقليل من شأنها."
فصديقي هنا، لا يفكر او يرى غير الاثار القصيرة ( السعادة الغامرة التي يشعر بها و اثارها القصيرة عليه هو وحده) و هو قد تجاهل اثار هذه العلاقة ليس على زواجه و بيته. بل على رؤيته للأمور بعد الأن، فبالعشق يلبس الواحد منا نظارة مختلفة، في حين يرى جمال عاشقه، يبدأ يرى العيوب الذي كان يتغاضى عنها ممن حوله.... ممن اعطاهم الكثير و تحمل الأكثر من أجل سير المركب، او محاولات الحفاظ على علاقات متعبة.... فيبدأ يرفض هؤلاء الاشخاص الذين تحملهم سابقاً و تعايش معهم اعواما و اعوام. و حتى لو رحلت قصة عشقه الجديدة هذه.... فرفضه لهؤلاء الاشخاص سيظل باقياً.
 
صديقي هنا، اراد لاقتصاد قلبه ان يزدهر في الوقت الحالي، غير عابئ بما ستؤول اليه الأمور؛
- مش عايز أفكر يا هند.
- في حالات طلاق كتيرة حواليا ( كأنه يقول لذاته: مش انا لوحدي اللي زهقت). 
 
لم اعد بعد النضوج استطيع ان اقول رأيي كامرأة فقط ( أي من وجهة نظر انثوية بحتة)  في أي أمر، بل اصبح يغلبني فكرٌ موحد..... لا ينظر للمرأة وحدها او للرجل وحده. لا استطيع ان اقول: هما الرجالة، او هي الستات.... فنظرتي اصبحت للقلوب اعمق و للارواح اشمل.
 
ورغم نظرتي التحليلية السابقة للموقف التي ارفض ان اطرح سيناريوهات نهاية لها ( حلوة او وحشة) الا ان منطق الصديق دوماً و ابداً لا يخضع لاي معايير..فأنا رغم كل شيء، فرحة جداً بسعادة قلبه بعد اعوام طويلة من اكتئاب و انطفاء..سعيدة لأجل قلبه و لأجل روحه.
 
ولكم أن تحملوا اسواطكم  ( جمع سوط، كرباج)و تبدؤا الاحكام و الجلد، و لكن يوماً ما يا اعزائي.............. سترون الدنيا 4D.
 
شكراً
 
أخر الكلام:"الآن عرفت أن الوجوه مرايا النفوس ، تضيء بضيائها وتظلم بظلامها ."
مصطفى لطفي المنفلوطي.
 






مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

صبحى صقر

اصبتي

لو صدر هذا المقال عن كاتب رجل كانت السيدات تتسابقن فى جلدة لكنك اصبتى عين الحقيقة يجب النظر من الرجل والمرأة الى ما يريدة الاخر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة