هند أبو سليم

ما حياتي إلا جمعٌ من صلواتٍ غير مستجابة ولك فيها النصيب الأكبر

الخميس، 26 نوفمبر 2020 05:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأ الحب من طرف واحد حين قدم قابيل قربانه لله طالبًا منه أن يوافق على زواجه بمن أحب.... وكان أول قربان، وأول رفض، وأول حبٍ من طرف واحد.
 
لا يهمنا هنا جريمة القتل، ولا حكمة الغراب، ولا اللعنة التي أصابتنا وسلسالنا حتى يومنا هذا.
لكن يهمنا الحالة التي  خلقت بداخلنا مع بدء الخليقة.... أن نحب ولا نبادل هذه المشاعر مع الآخر.... أن نراه كأس مر نتجرعه كل صباح وكل مساء... وألا يكون باليد حيلة... تارة نستسلم لعذاباتنا، وتارة نحارب، ولكننا لا نحارب إلأ أنفسنا.
 
ظلت البشرية على مر آلاف السنين ترسم هذه الحالة بألوان معتمة، بألوان مؤلمة.... بألوان تتساقط دموع أصحابها فشكلت بحيرات وأنهار وبحار جارية الى يومنا هذا.
مهما اختلفت الالقاب والمسميات....
معجب، مراقب صامت، محب من بعيد، صديق مقرب... كلها حالات مختلفة من: الحب من طرف واحد.
وعلى الرغم من ما تغناه خالد عجاج باصعب حب، لما تلاقي اللي أنت تحبه مبيحبكش....
وعلى الرغم من تناول الأطباء النفسيين له كحالة مؤلمة ليها خطوات للتخلص منها....
وعلى الرغم من كل الروايات وقصائد الشعر والخواطر والنثريات بكل اللغات....
وعلى الرغم أيضًا من قسوة مشاهد الأفلام التي تصور وجه العاشق الملكوم... العاشق المرفوض.... العاشق الصامت...
 
وعل كل الرغميات السابقة إلا أن مشهدًا في فيلم لخص هذه الحالة بعبقرية لم توصف من قبل... مشهدٌ حول حالة ألم أزلية لحالة تفرد سرمدية انطباعية كلوحات بيكاسو، إذ مهما كانت خربشاتك وشخابيطك فالنتيجة.... لوحة عالمية.
إليكم المشهد بين بطل الفيلم والرجلٌ الحكيم:
البطل: أليس بالأمر الصعب؟!
الحكيم: ماذا؟!
البطل: أن تحب شخصًا لا يبادلك المشاعر...
الحكيم: إنه أجملُ شعورٍ في العالم.
البطل: ألا يشعرك ذلك بالضعف؟!
الحكيم: على العكس تمامًا.... لا شيء يضاهي قوة الحب من طرف واحد... إذ بخلاف العلاقات الأخرى، هو شيء لا تشاركه مع أحد... إنه لي.... و لي وحدي.... 
من أجل حبٍ كهذا، أنا لست بحاجة لأحد لكي أحب.... 
ليس هناك حبٌ يضاهيه....
إذا راهنت باسم الحب وضده،  فراهن بكل ما لديك.... ما الداعي من الخوف؟! إن ربحت رهانك ضد الحب فهذا أمر عظيم، وأن خسرت... فأنت لم تخسر الرهان.
 
انتهى المشهد.
أعزائي جماعة الحب من طرف واحد؛
لو كنتم تعلمون:
إن كل هذا الحب، وكل هذه المشاعر.... عشتموها وحدكم، ملككم، لم تخسروها في شراكة هي عبارة عن رهان دائم.
- إنكم تعيشون حالة من حالات الصوفية البشرية.... فهو حب لا ينتظر مردود.... عشقٌ لا يعيش إلا داخل الروح.... ترقصون رقصة أمل وألم، وترددون اسم المعشوق في لوعة مسكرة....
- إنكم ذوو خيالٌ رائع، تحدثون المعشوق وتخبرونه عن يومكم واحداثه، عن شجاركم ذاك، وضحكتكم تلك.... وتتخيلون رد المعشوق حلوٌ، محب، مطمئن.....
- إنكم من كثرة الألم تستشعرون أوجاع الآخرين.... تصبح لديكم ملكة للتعاطف والإحساس بالآخر لا توجد بسهولة بين البشر...
- إن سقف تحملكم للآلام أصبح عاليًا، فأوجاع القلوب الأخرى بالنسبة لكم... شكة دبوس....
- إن شعوركم بالسعادة الغامرة لأجل من تحبون دائمًا مختلط بقمة التعاسة، لأنكم لستم من خط سطور سعادتهم.
- إنكم جميلون بروعة الشلال، الذي يحيا متفرداً، هادراً عطاء لذلك النهر في الأسفل... ولا راد لعطائه.
- إن حبكم هذا سيعيش ويدوم كاساطير يونانية، في حين كل قصص الحب المتبادلة تتناثرها الرياح.
-  وأنكم وأنكم وأنكم.....
 
أعزائي:
أنتم أناسٌ استغنيتمْ، فغنمتمْ، فغنيتمْ.
استغنيتم عن الانتظار.... 
عن المشاركة
عن الاحتياج.... 
عن التبادل....
عن لقاء الأرواح... 
 
وغنمتم....  غنمتم صحةً وخيالاً وفلسفةً وتصوفاً وحُلماً تستيقظون لأجله كل يوم.
 الصحة: قصص الحب مرتبطة دائماً بكل المشاكل الصحية عقلياً، نفسياً وجسدياً للأسف)
وغنيتم بالحب وحدكم، ظفرتم بهذه الحالة لكم وحدكم ...غنى يملأ أنفاسكم ووجدانكم وحياتكم، فعدم الحب...هو قمة الفقر....
أعزائي وأنتم كثر:
هنيئاً لكم حبكم الأوحد، وهنيئاً لكم حلمكم الأجمل.... دمتم ودامت قلوبكم عامرة.
شكراً
آخر الكلام:
" ياما عيون شاغلوني، لكن ولا شغلوني".
سيرة الحب/ أم كلثوم
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة