"الرهينة" حكايات عرفتها قصور الحكام ورصدها التاريخ والأدب

الجمعة، 25 سبتمبر 2020 02:00 م
"الرهينة" حكايات عرفتها قصور الحكام ورصدها التاريخ والأدب إبراهيم باشا
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نعرف كثيرا عن الرهائن التى تقع نتيجة للحروب، نسميهم فى لغة أخرى "أسرى"، وينتهى بهم الأمر إلى دفع الفدية والعودة إلى أهاليهم أو بيعهم عبيدا وأحيانا أخرى يقتلون، لكن اليوم سنتحدث عن نوع آخر من "الرهينة" قصتهم لا تحدث إلا فى بيوت الحكام وقصور السلاطين، وقد تقع بين العائلات لكنها ليست بالقوة نفسها.

عرف التاريخ القديم الظاهرة وكان الملوك يلجأون إليها لضمان عدم الغدر ممن ولوهم على الإمارات وأمور الناس، فكان الأصغار يعيشون فى قصر الملك، فينشأون على طاعته وعلى الانتماء له، فبجانب أنهم يمثلون نقطة ضعف لأهلهم، يمثلون خطة استراتيجية للملوك فيما بينهم.

وعرف العصر الحديث ذلك، وسنورد ما حدث مع إبراهيم باشا ابن محمد على باشا، ففى أوائل عام 1806، أنفذ محمد على جيشًا لمحاربة المماليك فى الصعيد بقيادة حسن باشا قائد الفرقة الألبانية، الذي اشتبك مع قوات محمد بك الألفي الأكثر عددًا في الفيوم، وانهزمت قوات محمد علي مما أدى إلى انسحابها إلى جنوب الجيزة، ثم فرّت جنوبًا إلى بني سويف من أمام قوات محمد بك الألفي الزاحفة نحو الجيزة، تزامن ذلك مع زحف قوات إبراهيم بك الكبير وعثمان بك البرديسي من أسيوط لاحتلال المنيا، التي كانت بها حامية تابعة لمحمد علي، إلا أن قوات حسن باشا دعّمت الحامية وأوقفت زحف قوات المماليك إلى المنيا.

في تلك الأثناء، صدر فرمان سلطاني بعزل محمد علي من ولاية مصر، وتوليته ولاية سالونيك، وأظهر محمد على الامتثال للأمر واستعداده للرحيل، إلا أنه تحجج بأن الجند يرفضون رحيله قبل سداد الرواتب المتأخرة، وفي الوقت نفسه، لجأ إلى عمر مكرم نقيب الأشراف الذي كان له دور في توليته الحكم ليشفع له عند السلطان لإيقاف الفرمان، فأرسل علماء مصر وأشرافها رسالة للسلطان، يذكرون فيها محاسن محمد علي وما كان له من يد في دحر المماليك، ويلتمسون منه إبقائه واليًا على مصر، فقبلت الآستانة ذلك على أن يؤدى محمد على 4 آلاف كيس، ويرسل ابنه إبراهيم رهينة في الآستانة إلى أن يدفع هذا الفرض.

 

رواية الرهينة لـ مطيع زيد دماج

تعد رواية الرهينة للكاتب اليمنى زيد مطيع دماج واحدة من أشهر الروايات العربية التى صدرت فى القرن العشرين، صدرت طبعتها الأولى عن دار الآداب فى بيروت عام `984م، وتم اختيارها واحدة من أفضل 100 رواية عربية فى القرن العشرين.

تُرجمت الرواية إلى اللغة الفرنسية، والإنجليزية، وكذلك الألمانية والهندية والروسية والصربية. وتم اختيارها ضمن بواكير الأعمال الإبداعية المنشورة فى مشروع اليونسكو (كتاب فى جريدة) - العدد الرابع، وأعيد طبع الرواية بالعربية الطبعة الثانية عن دار الشؤون الثقافية (بغداد) 1988م، والطبعة الثالثة عن رياض الريس للكتب والنشر (بيروت) 1977م، والرابعة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب (القاهرة) 1999م، وأما الطبعة الخامسة - اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين (صنعاء) 2010م، وصدرت الطبعة السادسة للرواية عن دار أروقة للنشر فى 2014.

تناقش سياسة عائلة الإمام الحاكمة فى اليمن وتكشف أسرارها العائلية فى نفس الوقت؛ فقد كانت العائلة الحاكمة تأخذ أبناء الشيوخ ورؤساء القبائل ومن يتمرد على نظام الحكم حتى يضمن الإمام ولاءهم له وعدم انقلابهم عليه بحجة وجود أبنائهم كرهائن لديه.

بعد أن يأخذ الإمام الرهائن ويضعهم فى قلعة القاهرة (مكان رهائن الإمام أو وزيره) يقوم باختيار صبيان من الرهائن وذلك ممن لا تتعدى أعمارهم سن الحلم لخدمة حرم الإمام وخاصته، ولكن ربما تتساءل: "لماذا الإمام يأخذ ما دون سن الحلم فقط؟ وهل عندما يأخذ الإمام هؤلاء الصبية أو كما يسمونهم بـ "الدوادرة" من رهائن القلعة يعاملهم معاملة الرهائن أم تختلف المعاملة؟"

تدور الرواية حول عالم "الإمام" فى اليمن حيث يأخذ من أبناء القبائل من لم يبلغ الحلم ويتمتع بحسن المظهر وذلك ليقوم على خدمة حرم الإمام وخاصته، وحتى لا تتطور علاقتهم بنساء القصر فيقومون بما يهين كرامة الإمام، لذا فمن الطبيعى اختيار من لم يبلغ الحلم، ليس هذا فقط، فحتى الصبى قد يبلغ الحلم فى أى لحظة أو حتى قبل أن يبلغ قد تهيئ له الظروف نساء القصر فيقوم بما لا يريده الإمام، ولذا فما إن يدخلوا القصر حتى يأمر الإمام بضرب خصيته حتى يفقده رجولته فلا يكون بمقدوره بعد ذلك ممارسة الجنس مع نسائه فيستخدمه بعد ذلك لخدمة خاصته دون أى خوف من خطر تواجد رجل بين نساء القصر فهو بعد ذلك يعتبر وكأنه إحدى نساء القصر لا أكثر.

يدخل الدويدار الجديد (الرهينة) قصر الإمام بعد أن أخذه عسكر الإمام من القلعة قسرًا فيلاقى دويدارًا آخر يعمل فى ذلك القصر فيحتفى كلٌّ منهما بمعرفة بعض ويقوم الدويدار بتعريف الرهينة على من فى القصر من نساء الإمام كـ "الشريفة حفصة" المطلقة فاتنة الجمال أخت نائب الإمام المدللة والغنية، فملكها يُعد أكثر من ملك والد النائب نفسه.

ثم يعرفه على بقية نساء القصر وغرفة نائب الإمام وبقية الحجرات، فيرى العيش الكريم وما تتمتع به الحاشية من رغد العيش ولكن فى نفس الوقت يلاحظ الكبت الذى تعيشه نساء القصر وتعطشهن لتواجد رجل يعيش بقربهن ولو حتى دويدارًا، من جهة أخرى يلاحظ تدهور صحة صديقة الدويدار لكثرة العمل ولمرضه دون أن يعتنى به أحد أو يأبه لمعالجته فيموت أخيراً ولا يمشى فى جنازته سوى قلة قليلة مع بعض نساء القصر ومن بينهن السيدة حفصة التى أحبت الرهينة، وهذا إذا دلَّ فإنما يدل على أن السلطة الحاكمة تأخذ ما تريده من الآخرين ثم تتركه دون أن تأبه لعاقبته، وهذا ما سيجعل الرهينة يفكر بالثورة والهرب.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة