الرئيسية

تحقيقات وملفات

حلم بائع كتب وتصميم معمارى توارثه الأجيال.. ساجرادا فاميليا كنيسة تشيد فى 144 سنة.. جدرانها توثق حياة المسيح.. رحلة بناء بدأت 1882 تخلدها فى قائمة كنوز إسبانيا الـ12.. وغرامة 40 مليون لمخالفة التراخيص.. فيديو

الثلاثاء، 18 فبراير 2020 05:00 م

كنيسة ساجرادا فاميليا

كتبت: هناء أبو العز

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حين تجتمع قدسية المكان، مع ابداع التصميم، وعراقة التاريخ، تجد نفسك أمام إحدى كنوز أسبانيا الإثنى عشر.. ساجرادا فاميليا والتى تعتبر أطول المنشآت تنفيذا، حيث يبلغ تاريخ إنشائها منذ عام 1882، وتم تحديد موعد الانتهاء منها 2026 مع الذكرى المئوية لرحيل مهندسها، لتصبح محط أنظار العالم، وجاذبة للسياحة.

الكنيسة التاريخية يزورها ما يزيد على 4.5 مليون سائح سنويًا، ليس فقط لتصميمها الذى يجمع في هندسته بين القوطية العبقرية، والآيات الفنية الحديثة، فلا يوجد جزء في المنشأة غير منحوت، وتختلف دلالته عن الآخر.

احدى واجهات الكنيسة

ورغم عدم اكتمال بنائها أصبحت كاتدرائية ساجرادا فاميليا، أول كنيسة تنتمى إلى مواقع التراث العالمى لليونسكو، وهو ما دفع "اليوم السابع" للإقدام على جولة بين أركانها، ليستعرض فى السطور التالية تاريخ هذا الكنيسة حيث البداية في زيارة بائع الكتب الأسبانى خوسى ماريا بوكابيلا، وهو مؤسس الجمعية الروحية لمحبي القديس سان خوسى، الفاتيكان فى إيطاليا سنة 1872، عاد بفكرة بناء كنيسة مستوحاة من لوريتو، وبدأ جمع التبرعات والبدء فى عملية بناء سرداب صدر الكنيسة يوم 19 مارس سنة 1882، حيث بدأ العمل فيها المهندس فرانسيسكو باولا، وبعد أن عمل سنة فى الموقع، استقال عن هذا العمل الذى أدرك احتياجه للكثير من السنوات للانتهاء منه، فيتسلم بعده المهندس المعمارى الأشهر حاليًا أنطونيو جاودى، ليحول إرادته الفنية التى يجمع فيها بين القوطية القديمة والفن العصرى الحديث.

احدى واجهات الكنيسة

ورغبة منه فى أن يتحدث العالم عن هذه الكنيسة أراد أن يتم بنائها دون تسرع، لأن كل قطعة منها تستحق العمل الشاق، فصمم الشكل وسلمه لتلاميذه المهندسين، وكرس باقى حياته لإنشاء المبنى حتى عام 1926 وهو عام وفاته، ليكمل خلالها نحو 25% من بناء الكنيسة.

الكنيسة من الخارج

وكما مر البناء بالكثير من الأزمات، منها توقف البناء بسبب الحروب الأهلية عام 1936م، وكانت الفوضى الكتالونية فى كل مكان، إلى أن تواصل العمل بعد عام 1940م، بعديد من المهندسين الذين أدخلوا العديد من التقنيات حتى يتم البناء في الموعد المخصص له، فقد أصبحت مئوية عالمية، وهم الآن على أتم استعداد لتسليم البناء إلى العالم كله، رغم احتراق عدد من أعمال جاودى، إلا أن المهندسين مصممون على إتمام العمل بالشكل الذي أراده، وبالطريقة القوطية الحداثية، والتقنيات الحديثة تستخدم لبناء القبب والأعمدة التى من الصعب نقشها بهذه الطرق الاحترافية، التى أرادها جاودى، الرجل الذى أحب ساجرادا فاميليا حد الجنون.

الكنيسة من بعيد

وكل جزء في هذا المبنى يروى حكاية كنائسية تاريخية عبقرية، وتمتاز ساجرادا فاميليا عن غيرها بثراء التفاصيل الجميلة، حيث لا يخلو قدم من سطحها من النقوش والأيقونات والتفاصيل الفنية الغنية والمفعمة بالأحاسيس، والتى تحكى فى تفاصيلها قصصا مبنية على حياة المسيح.

المنوتات مزدحمة على واجهة الكنيسة

فالنقوش داخل البناء تتحدث عن الأصالة القوطية والروعة الحداثية، جاودى أراد أن يتحدث العالم عن كيفية توظيف كل ما هو حديث؛ ليخدم الماضي ويظهر عبقريته، وكل من جاء بعد هذا المهندس، طبق هذا الشرط.

بحيرة البط

ويتضمن تصميم الكنيسة، 18 برج، وتضم الأبراج الأشكال المختلفة للأناجيل والتى تتمثل فى أربعة منهم، ثم يأتى البرج الأول والأعظم، ليمثل برج يسوع المسيح، وفى عام 2005، قد تم الانتهاء من الرسومات الخاصة بالأبراج كلها، إلا أن مراجعة تقارير جاودى قد أثبتت أن الإنجيلين قد أعطوا للعذراء طولًا أكبر من الذى أراده جاودى.

تذكار من الكنيسة

كما أن المداخل الخاصة بالكنيسة تمثل صورًا إعجازية مختلفة، وهى واجهة المهد، وهى تنظر إلى الشرق فى عظمة، وتعتبر هذه الوجهة، هى الأقرب إلى أعمال جاودى، وتأتى بعدها واجهة العاطفة، وهى تنظر إلى الجهة الغربية، وأعظم الوجهات وجهة الجنوب، بوابة المجد، التى تعبر عن النهاية المسيحية العظيمة.

تصميم السقف المعمارى

وعند واجهة المهد سنلاحظ بداية المسيح، ومراحله الأولى وكيفية الخروج إلى هذا العالم، فى صورة يعشقها كل محبى التاريخ وعشاق الروائع الحقيقية، أما واجهة العاطفة فهى أقرب إلى أفكار جوزيب، التى تعبر عن الهزيمة والشخصيات المعذبة، والصور الخاصة بالمسيح والصلب، والأبراج تجتاح كل هذه الواجهات بأشكال رائعة، تعطى للنقوش والرسومات تعبيرات مختلفة.

تمثال المسيح

واجهة المجد هى الأعظم والأصعب فى التمام، لأنها تعبر عن طرق الصعود إلى الله، والصور المختلفة للجحيم والفضائل السماوية، وتحمل هذه الجهة الأشكال المختلفة للحياة الأخرى، ومليئة بالصور والصراعات الداخلية الخاصة بكل زائر لهذه الأماكن المتعددة.

تمثال يسوع المسيح معلق

المفاجأة أن سلطات مدينة برشلونة الإسبانية، قد منحت تصميم أنطونيو جاودى لكنيسة ساجرادا فاميليا التى انطلقت أعمال البناء فيها من العام 1882، أول رخصة بناء، عام 2019 وأصبح بحوزة موقع التراث العالمى لليونسكو الترخيص الرسمى من المجلس المحلى للمدينة بما يتيح إنهاء أعمال البناء.

جانب من المنحوتات

ونشرت جانيت سانز نائب عمدة برشلونة المختصة بالشؤون البيئية والحضرية والتنقل تغريدةً تعلن من خلالها التوقيع على الترخيص، مشيرة إلى أن الكنيسة ستقوم بدفع 4.6 مليون يورو للمدينة من أجل الرخصة، إضافةً إلى 36 مليون يورو وافقت سابقاً على دفعها مقابل نفقات ناجمة عن سنوات العمل على إنهاء البناء.

جانب من داخل الكنيسة

ومن المقرر أن تدوم صلاحية رخصة البناء الممنوحة للكنيسة الكاثوليكية حتى العام 2026 فى ظل وجود معماريين مصممين على الانتهاء من أعمال بناء البازيليكا ضمن المهلة المحددة.

وما إن يكتمل تشييد القبة المركزية بارتفاع 170 متراً فإنها ستشكل أطول كنائس العالم التي ترتفع بعلو عشرة أمتار أكثر من أولم مينستر في ألمانيا.

جانب من كنيسة ساجرادا فاميليا

وفى آخر سبتمبر 2007 تمت مسابقة دولية لإختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة، ولكن بعد أربعة أشهر من هذه المسابقة، قامتا شركتان من أسبانيا وهما شركة أوندا ثيرو، وشركة أنتينا 3، بتبني حملة لإختيار ما أطلق عليه كنوز أسبانيا الأثني عشر.

حالة من الهدوء والسلام بجانب الكنيسة

وكنوز أسبانيا الأثنى عشر هي قائمة تضم 12 من أهم الآثار، التي تُعد معالم ونفائس المملكة الأسبانية وهُمْ: جامع قرطبة، كهف ألتميرا، كاتدرائية اشبيليه، قصر الحمراء، كاتدرائية نويسترا دلبيلار، حديقة تيد الوطنية، المسرح الروماني، كاتدرائية سانتياجو دي كومبوستيلا، مدينة الفنون والعلوم، ساجرادا فاميليا، شاطئ لاكوتشا، ومتحف جوجنهايم في بلباو.

داخل الكنيسة

وبموجب اتفاق، ستدفع الكاتدرائية 36 مليون يورو خلال عشر سنوات مقابل 136 عاما من البناء دون ترخيص. حيث كانت أعمال البناء قد بدأت قبل 136 عاما، ولكنها لم تحصل على ترخيص بناء من قبل سلطات برشلونة.

وقالت شبكة "سي أن أن" الأمريكية إن الكاتدرائية وافقت على دفع الغرامة للحصول على ترخيص البناء، وسيخصص جزء من المبلغ لصيانة الكاتدرائية التى تستقطب 4.5 مليون زائر سنويا.

رسم توضيحى للكنيسة

كما يوجد فى موقع الكنيسة بناية مدارس ساجرادا فاميليا وهى مدرسة من تصميم جاودي سنة 1909 لأطفال عمال البناء، وتستضيف البناية ايضا منذ سنة 2002 معرضا فنيا وهو مكان اقامة المهندس أنطونيو جاودى فى مدينة برشلونة.

ساجرادا فاميليا من أمام بحيرة البط

وفي الآونة الاخيرة اثار حفيظة المهندسين المكلفين بإتمام بناء الكنيسة مشروع نفق للقطار فائق السرعة المخطط إنشائه في برشلونة. والذي من المتوقع أي يمر بالقرب من الواجهة الرئيسية للكنيسة. معظم المهندسين أكدوا انه لا توجد ضمانات بان النفق لن يؤثر على الكنيسة، في الوقت الذي تقول فيه وزارة الاشغال الاسبانية ان المشروع لن يؤثر على الكنسية الاكبر في أوروبا.