القمر "المعبود" الأكبر عند حضارات العالم القديم ورمز "الحب".. كيف رآه الأقدمون؟

الخميس، 24 ديسمبر 2020 07:00 م
القمر "المعبود" الأكبر عند حضارات العالم القديم ورمز "الحب".. كيف رآه الأقدمون؟ القمر
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ارتبط البشر، منذ فجر التاريخ، بـ"القمر"، فكان إلها ومقدسا عبر الحضارات، وأحد الأجرام السماوية التى لفتت إليها أنظار البشر بتأثيرها فى الإنسان، ومنذ بداية الخلق كان رمزًا للجمال والحب، فكل جميلة فى نظر حبيبها هى "قمر" وكل حسناء هى ابنة أو جارة لـ"القمر"، وكل العشاق يسهرون على ضيه ويتقربون منه، فهو "نور وجمال" خالد وحقيقى ينير سماء العالم، و"نصرا" حقيقيا للخير والجمال والحب.
 
ظهور القمر كان دائما رمزا للسكينة والحب، ورمزًا لدلال الحسنوات والجميلات، مما جعل الأقدمون يقدسونه ويعبدونه ويفتتنون بوجوده الساهر، ويبقى الدافع وراء تقديس الإنسان والتقرب من هذا الجرم السماوى، كان الحاجة الماسة للأمان الروحى فى مساحات الكون الواسعة، وكأن الجسد يظل تائها عن مركزه حتى تظهر تلك النقطة الناصعة البياض فى السماء، فيضئ للعالم غموضه وظلمته، ويشعره بدفء الأم، و"النور" الإلهى كى يواجه به عجزه تجاه العالم.
 
ورغم ما يظنه البعض عن أفضلية لتقديس "الشمس" فى حضارات العالم القديم على القمر، إلا أن الباحثون يدافعون عن عبادة القمر، معتبرين أن عبادة هذا الجرم السماوى الذى يضئ سماء كوكبنا ويستلهم منه العشاق رمزا لعشقهم، كانت أولى العبادات قبل حتى أن يعرف الإنسان عبادة "الشمس" فقد ظهرت رموزه منقوشه على النصب الآشورية بصفته رمزا مقدسا، وإلها عظيما.
 

مكانة القمر فى الأديان الإبراهيمية

وبعيدا عن عبادته فالقمر أيضا له دور هام، وذكرا مقدس فى الأديان الإبراهيمية (السماوية) الثلاث: "اليهودية، المسيحية، الإسلام"، ففى الكتاب المقدس ذكر اسم "القمر" نحو 34 مرة، وبحسب الإيمان المسيحى، فإن وقت صلب المسيح كان القمر غائبا وكانت الأرض "ظُلْمَةٌ"، ودائما ما يظهر القمر بجانب الشمس أعلى أيقونة صلب المسيح الشهيرة لدى الطوائف المسيحية، أما فى القرآن الكريم، فورد القمر فى القرآن الكريم (27) مرة، وخصص الله سورة كاملة فى القرآن باسم القمر، وذكره غير ذلك فى عدة آيات منها: " فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي"، فضلا عن ارتباط الإسلام نفسه بالقمر، ويطلق على أشهر تقويمه الهجرى "الأشهر القمرية".
 
202003060959455945
 
 

الفراعنة

 
علق المصريون القدماء أهمية كبيرة على القمر، ورغم أنهم لم يعدوا "القمر" إلها بحد ذاته، لكنه مثل تجليات عددد من آلهتهم، ويجمع كثير من الأساطير المصرية القديمة بين البدر والهلال والآلهة، مثل تحوت أو "توت" وأوزيرس وحورس، وهو يتجلى رمزيًا على شكل قرص أو عين، ويعد القمر كناية للشباب.
 
إله القمر خنسو
إله القمر خنسو
 
وفى العصور المتقدمة من العصور القديمة، ارتبط الفراعنة بعبادة القمر، وكان له ثلاثة آلهة وهم طبقا لأقدميتهم الإله "إعح" أى الإله القمر، ثم "خونسو" وهو اسم يعنى الهائم أو المسافر، ويوجد معبد له يدعى معبد "إله القمر" بالأقصر، أما الإله الثالث المرتبط بالقمر هو الإله "تحوت" مخترع التقويم القمري.
 

الإغريق

ربه القمر أرتيميس
ربه القمر أرتيميس
 
فى القديم جسدت الأساطير الإغريقية لدى القدماء اليونانيين، القمر على هيئة ربة سميت "أرتيميس" أو سلينى، ووفقا لكتاب "القمر طبيعة وثقافة" تأليف إدجار وليامز، تقول الأسطورة اليونانية أن "سيلينى" أنجبت خمسين بنتا تمثل خمسين قمرًا بين كل دورة أولمبية، من رفيقها "إنذيميون"، وهو بشرى، ويقال إن بسببها احتفظ "إنذيميون" بشبابه ووسامته الدائمين، ويقال أن سيلينى كانت تزوره فى كهفه فى جبل لاتموس كل ليلة، تمام مثلما يزور المقر السماء كل ليلة.
 

السومريون

الإله القمر فى السومرية
الإله القمر فى السومرية
 
ويفسر الأنثروبولوجيون الأطوار الأربعة التى طرأت على تلك القبائل خلال تحولها من الأمومية إلى الأبوية، ففى أغلب المجتمعات البدائية عبد القمر كأسمى آلهة ثلاثية أطلقوا عليها اسم "نجم" وعند الساميين.
 
وبحسب كتاب "مدخل لدراسة الفولكلور والأساطير العربية" تأليف شوقى عبد الحكيم، تمثل الانتقال الثانى فى ظهور الإله الأب ـ الذكرـ أو المذكر الذى تبنى أيام الأسبوع السبعة عند السومريين ـ اللاساميين ــ وكأسطورة شبه متفق عليها عند أغلب المجتمعات البدائية، فقد تزوجت الإلهة الأم ــ نجم أو هلال من مخلوق وهمى أو سماوى ــ ومن هنا أصبحت كل شعيرة قبيلة مرتبطة بواحدة من القوى السبعة للكواكب السبعة السيارة، وقدم لطوطم الإلهة القمرية ــ نجم أو هلال ــ زواج مقدس سنوى، يقتل فيه الكهنة التجسيد البشرى للإله الذى هو الملك زوج الإلهة القمرية الأم، يقتله الكهنة فى نهاية كل عام.
 

العرب قبل الإسلام

الإله القمر
الإله القمر
ولقد كشفت نصوص المسند عن أن القبائل العربية أو المتعربة البائدة، وهى قبائل عاد وثمود وطسم وجديس وجرهم والعماليق والصفوة، كانت تتبع الإلهة القمرية والانتساب الأموي، ويرى البعض أن لفظة «قمر» كانت الاسم المتأخر الذى أخفى به الساميون اسم «رب الأرباب»، أى بعد أن تحولت الإلهة القمرية الأنثى إلى إله ذكر أب بظهور الملك الإلهى الذى وقر على اعتبار أنه الهيئة الذكرية للقمر، فخطب من أتباعه ومن عبدته «ود أب» أو «أب ود»، كذلك فقد أصبح من ألقابه «عم» وهو ما يشير أكثر إلى الانتساب الأبوى.
 
فالإله «ود» أو «ود شهر» معناه «ود القمر»، ويرى البعض أن لفظة قمر «هى تسمية متأخرة أطلقها الساميون من أبناء الجيل الثانى لإخفاء الاسم الحقيقى لرب الأرباب»، كذلك فقد تسمت بإله القمر قبائل كهلان باليمن، إذ إن من ألقاب إله القمر فى نصوص العرب البائدة فى اليمن اسم «كهل»، كما أنه عُرف بهذا الاسم «كهل» فى النصوص أو النقوش التى خلفتها وتركتها القبائل البائدة للعرب الشماليين فى الحجاز ونجد أو السعودية اليوم.
 

الحضارة الهندية

تجسيد الإله فيشنو فى هيئة القمر
تجسيد الإله فيشنو فى هيئة القمر
 
الهنود القدماء أرتبطوا بعبادة القمر أيضا، وكثيرا ما تم تجسيد الإله "فيشنو" على هيئة "شاندرا" أو القمر، ويطلق على مرحلتى تزايد وتناقص حجم القمر فى اللغة السنسكريتية تسميتى "شوكلا باكش" و"كيرشنا باكش" أى الجانب الأبيض والجانب الأسود على التوالى، فتكامل القمر وظهوره هو الجانب الأبيض وتناقصه وغيابه هو الجانب الأسود، كذلك فى يرى البوذيون أن القمر ارتبط بالجوانب الإيجابية للحياة، ويعتقدون أن أنه عدما يقسم الشهر القمرى إلى أربعة أقسام، فإن كل قسم منها يتوافق مع إحدى الحالات الإنسانية الأربع: اليقظة، الحلم، الوسن، النوم العميق.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة