أحمد أبو الغيط يحدد أسباب تأزم العلاقات مع إيران وتركيا.. ويؤكد: كلا الدولتين تتبنيان مشروعاً سياسياً وتسعيان لتطبيقه فى المنطقة العربية.. رئيس البرلمان العربى يشدد على ضرورة التحرر من "التبعية الطائفية"

الإثنين، 17 يونيو 2019 05:00 م
أحمد أبو الغيط يحدد أسباب تأزم العلاقات مع إيران وتركيا.. ويؤكد: كلا الدولتين تتبنيان مشروعاً سياسياً وتسعيان لتطبيقه فى المنطقة العربية.. رئيس البرلمان العربى يشدد على ضرورة التحرر من "التبعية الطائفية" البرلمان العربى
كتب مصطفى عنبر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حدد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أسباب تأرم العلاقة مع تركيا وإيران، مؤكدا أن كلا الدولتين يحمل مشروعاً سياسياً يرى تطبيقه خارج حدود دولته، وبالتحديد في المنطقة العربية .
 
وأكد أبو الغيط أن الحوار مع هاتين الدولتين(إيران،وتركيا) أصبح صعباً، بل وغير مجدٍ في الوقت الحالي.
 
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط اليوم اليوم الإثنين في افتتاح ندوة "نحو بناء استراتيجية موحدة" للتعامل مع دول الجوار الجغرافي التي ينظمها البرلمان العربي.
 
وقال أبو الغيط : تأخرنا كثيراً في تناول موضوع العلاقات العربية مع دول الجوار بصورةٍ مُعمقة تتجاوز الجاري من الأحداث أو الطارئ من القضايا .. إلى ما هو استراتيجي ومستقبلي وبعيد المدى.
 
وأضاف: "من هنا تأتى أهمية اجتماعنا اليوم الذي يطرح مسألة التعامل مع دول الجوار الجغرافي على طاولة البحث الفكري، والحوار العملي ، معربا عن يقينه بأن علاقةً صحية وصحيحة، تنطلق من أسس سليمة مع دول الجوار، ينبغي أن تحتل مكانها كأولوية رئيسية على أجندة الفكر الاستراتيجي العربي، في جانبه النظري وتطبيقاته العملية على حدٍ سواء".
 
وأشار إلى أنه من حيث المبدأ، فإن الحوار المباشر يظل السبيل الأنجع والجسر الأقصر لتناول هذه المعضلات جميعاً، بصورة تستجيب لشواغل الجميع وتحقق مصالح الجميع.
 
غير أنه استدرك قائلاً: " أننا نقف هنا ونقول: هل يكون هذا الحوار من دون أسس أو مبادئ تُحدد وجهته وأهدافه وإطاره العام؟"
 
وأضاف: "إنني أتحدث هنا على وجه التحديد عن دولتين جارتين للعالم العربي، هما إيران وتركيا.
 
وقال إن الأمور تأزمت مع إيران وتركيا الآونة الأخيرة إلى حد صار معه الحوار صعباً، بل وغير مجدٍ في الوقت الحالي، فالحوار لغرض الحوار، من دون إطار مفاهيمي يحكمه أو نقاط مرجعية تضبطه، لا يكون سوى تمرين ذهني، أو استعراضٍ شكلي.. لا يُعالج القضايا الجوهرية ولا يؤسس لعلاقة صحية.
 
وأضاف: "لا أريد أن أخوض فيما هو معروف للكافة من مظاهر التوتر الشديد في العلاقة مع هاتين الجارتين .. ولكن يكفي أن أقول إنه كان هناك منتدى للتعاون العربي التركي، تأسس منذ عام 2007، وعقدت خمس دوراتٍ له على المستوى الوزاري، قبل أن يتوقف في 2013 لأسباب معروفة لنا جميعاً".
 
وأشار إلى أن تدخلات إيران في الشئون الداخلية للدول العربية، صارت بنداً دائماً على أجندة مجلس الجامعة العربية منذ 2015.
 
وقال:"نشاهد اليوم ما تُباشره إيران وأذرعها من تهديدات خطيرة للأمن القومي العربي .. بل وللأمن العالمي في واحدٍ من أدق مفاصله المتعلقة بأمن طرق التجارة والممرات البحرية وسلامة المنشآت البحرية". 
 
وتابع قائلا إن هناك كثيراً من التفاصيل الكثيرة والمؤلمة في العلاقة مع الدولتين الجارتين للعالم العربي، التي انحدرت لحد مؤسف  لا يتمناه أي عربي لعلاقة مع دولتين إسلاميتين تربطنا بهما روابط التاريخ والجغرافيا، وأواصر الدين والثقافة. 
 
وقال إن أصل المعضلة –من وجهة نظري- يتمثل في أن كلا الدولتين يحمل مشروعاً سياسياً يرى تطبيقه خارج حدود دولته.. وبالتحديد في المنطقة العربية 
 
وأضاف أن إيران تعتبر أن المنطقة العربية ساحة مفتوحة ومباحة لمشروعها التوسعي، وتُعطي لنفسها حق التدخل في أزمات الدول العربية، بل إشعال هذه الأزمات في أحيان كثيرة، من أجل الدفع قُدماً بهذا المشروع الذي يتعارض مع أسس الدولة الوطنية على طول الخط .. ويضرب بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية عُرض الحائط.. ويدفع بالمنطقة إلى أتون حروب طائفية نرى تجلياتها –للأسف- في عدد من نزاعات المنطقة اليوم. 
 
ولفت إلى أن تركيا  تدفع بمشروع آخر لا يقل خطورة .. يعتنق الإسلام السياسي في ثوب من العثمانية الجديدة، ويسعى إلى الترويج لمنطلقاته الأيديولوجية في منطقةٍ ثبت أنها ترفض هذا المشروع .
 
وقال إن تركيا، تُعطي لنفسها الحق بالتدخل والتوغل في أراضي دولٍ عربية دفاعاً عما تعتبره أمنها القومي، ومن دون أي اعتبار لأمن الآخرين أو سيادة الدول.. وهو توجه مرفوض ولا يؤسس لعلاقة سليمة ومتوازنة بين طرفين تقوم على الاحترام المتبادل.
 
وشدد على أن كلا المشروعين، الإيراني والتركي، توسعي ويؤسس لعلاقة تقوم بين طرف مُهمين وآخر تابع .. وكلاهما يقفز فوق الدول وسيادتها.. وكلاهما يرى في الصراعات الدائرة في المنطقة فُرصة للتغلغل والتمدد .. وهو نظرٌ قاصر يقتنص مغانم قريبة ولا يهتم بعلاقة طويلة الأمد تقوم على الثقة المتبادلة، وتُحقق منفعة مشتركة للجميع عبر التعاون في مواجهة تهديدات، هي بطبيعتها، تستلزم حواراً إقليمياً.
 
وأعرب عن التطلع إلى يوم يتغير فيه ذاك النهج، فيكون للحوار ساعتها معنى ونتيجة.
 
وانتقل أبو الغيط  إلى العلاقات مع الجوار الأوروبي، مشيرا إلى أن الحوار العربي الأوروبي مستمرٌ منذ سبعينات القرن الماضي.
 
وقال إن العرب وأوروبا تربطهما مصالح راسخة وقواسم مشتركة وأطر مؤسسية ممتدة، سواء على الصعيد المتوسطي أو الأوروبي العام.. منوها باختراق مهم تحقق مؤخراً بانعقاد القمة العربية-الأوروبية الأولى بشرم الشيخ في فبراير الماضي.. حيث مهدت هذه القمة الطريق لحوارٍ صريح وبناء يخاطب شواغل الطرفين؛ العربي والأوروبي.
 
وشدد على أن هذا الحوار، لكي يكون مثمراً، لابد أن يشمل القضايا التي تهم الطرفين، وألا ينطلق أو يتأسس على قضية بعينها، كالهجرة غير النظامية أو غيرها.. وإنما يخاطب مختلف أوجه العلاقات بين منطقتين تجمعهما روابط سياسية واقتصادية وثقافية .. ولكل منهما شواغلها الأمنية والسياسية.
 
وقال إن المشكلة إن الأوروبيين يركزون في العلاقة مع العرب على الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى انه أبلغهم مراراً أن سبب تفجر مثل هذه الأزمات هو سياساتهم على مدى عقد كامل تجاه المنطقة خاصة في سوريا وليبيا.
 
وبالنسبة للعلاقات مع الجوار الإفريقي، قال أبو الغيط إنها –وبكل صراحة- تحتاج إلى دفعة تُنشطها وتبث الحياة في أوصالها..مشيرا إلى أن أربع قممٍ عربية-افريقية قد عُقدت إلى اليوم، معربا عن التطلع إلى انعقاد الخامسة بالمملكة العربية السعودية في نوفمبر القادم.
 
وقال أن هذه العلاقات ما زالت بعيدة عن المستوى الاستراتيجي المأمول في ضوء كون عشر دول عربية أعضاء في الاتحاد الإفريقي ... وكذلك في ضوء أهمية الجوار الإفريقي المتزايدة، سواء على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بقضايا بعينها مثل الهجرة غير النظامية والإرهاب والتعاون الاقتصادي والأمن المائي.
 
وأشار إلى أن أفق العلاقات مع جوارنا الإفريقي واعدٌ ومبشر.. وثمة دول عربية تُباشر علاقات نشطة ومتشعبة مع هذا الجوار ودوله.. إلا أن  هذه العلاقات تجري في أغلبها في مسارات ثنائية بين هذه الدولة العربية أو تلك ونظيراتها من الدول الإفريقية.. ولا يتم التخطيط لها أو تنسيقها على صعيد جماعي.. ومن ثم فلا يعود أثرها على المنطقة العربية ككل، ولا تنعكس على قضاياها الجماعية .. مثل القضية الفلسطينية .
 
وقال "ليس سراً أن افريقيا كانت ميدان تأييد تقليدي لهذه القضية المركزية لدى الجانب العربي.. إلا أن مياهاً قد جرت تحت الجسور، فتغيرت الصورة نوعاً ما .. وبعض المسئولية نتحمله كطرف عربي من دون شك.
 
وقال إننا لم نذكر إسرائيل في سياق الحديث عن الجوار العربي، إلا أننا ننظر إليها أيضاً بوصفها دولة جوار.. بيننا وبينها قضية واضحة ومحددة هي القضية الفلسطينية .
 
وأضاف "إذا اختارت إسرائيل السبيل الوحيد المعقول والمقبول من جانبنا كعرب لحل هذه القضية .. وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.. فسيتم قبولها في المنطقة كطرفٍ إقليمي طبيعي.. وهذا هو جوهر مبادرة السلام العربية .
 
وشدد على أنه إذا ما أطلت إسرائيل وراوغت من أجل قنص ثمار السلام من دون دفع ثمنه العادل .. فإن قبولها كطرفٍ إقليمي نقيم معه علاقات طبيعية سيظل بعيد المنال.
 
وأضاف أن "تلك هي المعادلة ببساطة .. وأي التفاف عليها، بمبادرات دولية أو غيرها، لن يُفضي إلى شيء.. طالما بقي أصل القضية وجوهر الصراع من دون حلٍ عادل ودائم.
 
وخلص أبو الغيط إلى أن أي تعاملٍ مع جوارنا الإقليمي، ولكي يكون نافعاً ومجدياً، لابد أن يسبقه اتفاق بيننا كدول عربية على أولويات أمننا القومي، وتوافق واضح حول منطلقاتنا الاستراتيجية الرئيسية .
 
وأردف قائلا : " إنه لا يُضعف الموقف العربي شيء قدر الحوار مع الآخرين فرادى .. من دون أولويات واضحة متفق عليها، أو موقف جماعي محدد ننطلق منه .. ومن ثمّ فإن الحوار المطلوب –أولاً- هو حوار مع الذات، قبل أن ننتقل إلى مرحلة الحوار مع الآخر.
 
وأعرب عن قناعته بأن الجامعة العربية هي خيرُ من يرعى مثل هذا الحوار الذي طالب به منذ توليه المسئولية ، مشيرا إلى أن لقاء اليوم يأتي في هذا الإطار.
 
واختتم كلمته بالقول: "أرجو أن تتواصل مثل هذه المبادرات من جانب كافة الفاعليات المعنية بالشأن القومي والتفكير الاستراتيجي والقضايا العربية .. بامتداد العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
 
من جهته، أكد الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي، ضرورة وجود استراتيجية عربية موحدة للتصدي للمطامع الاستعمارية والأعمال العدوانية للدول الإقليمية.
 
وأوضح السلمى، فى كلمته أمام الندوة، أن المطامع الاستعمارية للدول الإقليمية وصلت إلى دعم وتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف ضرب منشآت اقتصادية حيوية داخل الدول العربية وسفن تجارية مدنية في المياه الإقليمية للدول العربية، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وتنامي الإرهاب والتطرف العنيف وتمدد الجماعات الإرهابية وتكوين الميليشيات المسلحة داخل الدول العربية والتي فاق خطرها كل حد، وتداعيات كل ذلك على الأمن القومي العربي ووحدة المجتمعات العربية.
 
وشدد السلمى على ضرورة التحرر من التبعية الطائفية والمذهبية والفكرية للدول الإقليمية والتي وصل تدخلها السافر في الشؤون العربية لدرجة غير مسبوقة، من خلال الاحتلال المباشر للأراضي العربية وفرض سياساتها ومواقفها وتوجهاتها الفكرية والطائفية على الدول والمجتمعات العربية. لقد غاب المشروع العربي في مقابل تنامي المشاريع العدوانية للدول الإقليمية والأجنبية. 
 
وقال السلمى: إننا بحاجة ماسة إلى مشروع عربي يصون الثوابت العربية ويدافع عن السيادة العربية ويحافظ على الأمن القومي العربي ويتصدى للتدخلات الإقليمية والأجنبية في الشؤون العربية. ولعل أحد أهم تجليات المشروع العربي بلورة إستراتيجية عربية موحدة للتعامل مع دول الجوار الجغرافي العربي.
 
 
 ونوه السلمى إلى أن تنظيم البرلمان العربى لهذه الندوة الهامة؛ جاء استشعاراً لمسؤوليتنا كممثلين عن الشعب العربي، وإدراكاً منا للتحديات الجسيمة التي تواجه أمتنا العربية، وكأحد أهم توصيات "الوثيقة العربية لتعزيز التضامن ومواجهة التحديات"، التي أعدها البرلمان العربي من خلال نخبة من القيادات العربية رفيعة المستوى وناقشها واعتمدها في جلسة البرلمان العربي التي انعقدت في شهر فبراير الماضي، وذلك في إطار استكمال مبادراته للتصدي للقضايا الاستراتيجية والكبرى للأمة العربية، ومواجهة المطامع الاستعمارية والمشاريع العدوانية والتهديدات الإقليمية، بإستراتيجيات عربية متكاملة، توحد المواقف والجهود العربية، وتقف سداً منيعاً لإفشال مشاريع التخريب والتدمير والفتنة التي تستهدف نشر الفوضى وغياب الأمن داخل الدول العربية وإذكاء نار الخلافات البينية بين الدول العربية وبين أبناء المجتمع الواحد.
 
 
وأوضح السلمى، إن التطورات الأمنية الخطيرة التي شهدتها منطقة الخليج العربي مؤخراً، والتي تمثلت في القيام بعمليات إرهابية استهدفت محطتي ضخ نفط في المملكة العربية السعودية بهدف تهديد إمدادات الطاقة العالمية والتأثير على أسعارها، واستهداف سفن تجارية في المياه الإقليمية لدولة الامارات العربية المتحدة وخليج عُمان لتعطيل طرق الملاحة الدولية في خليج عُمان والخليج العربي، والتي استدعت عقد قمتين طارئتين خليجية وعربية بمكة المكرمة بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تستوجب موقف عربي ودولي حازم للتصدي للأعمال الإرهابية والعمليات التخريبية المدعومة من بعض الدول الإقليمية ومحاسبتها وتجريمها طبقاً للقانون الدولي. إن هذه التطورات تؤكد أهمية وجود استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع هذه التحديات الخطيرة من دول الجوار الجغرافي، هدفها حفظ أوطاننا، والتصدي للتدخلات الخارجية والإقليمية في شؤوننا العربية، وصيانة أمننا القومي العربي الذي هو كلٌ لا يتجزأ من المحيط إلى الخليج، وتقديم الحلول الناجعة بما يضمن عدم السماح بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والمساس بسيادتها واستهداف أمنها والتعرض لمصالحها.
 
ويهدف البرلمان العربي من تنظيم هذه الندوة الهامة التي يشارك فيها نخبة عربية بارزة من الوزراء والبرلمانيين والسياسيين والخبراء وأساتذة العلوم السياسية، وحضور رؤساء لجان الشؤون السياسية والعلاقات الدولية في المجالس والبرلمانات العربية ورؤساء أقسام العلوم السياسية في عدد من الجامعات العربية، وتقديم أوراق عمل ورؤي، لبلورة الأسس والأهداف والأحكام "للإستراتيجية العربية للتعامل مع دول الجوار الجغرافي"، من أجل بناء موقف عربي موحد للتعامل مع دول الجوار الجغرافي.
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة