ذكرت فى الجزء الأول التوسل وأنواعه، وتكلمت عن التوسل المشروع، وذكرت بعض أنواع غير المشروع، وأذكر الآن أنواعا أخرى مثل: التوسل بجاه النبى صلى الله عليه وسلم أو بجاه غيره لا يجوز، والحديث الذى فيه: ( إذا سألتم الله فاسألوه بجاهى، فإن جاهى عند الله عظيم)، حديث مكذوب لا يوجد فى كتب المسلمين المعتمدة ولم يذكره أحد من أهل العلم بالحديث، وكل عبادة لم تثبت بدليل صحيح صريح لا يجوز التعبد بها لله تعالى، كما قرر ذلك أهل العلم فى كتبهم، أضف إلى ذلك أن هذا الفعل لم يفعله خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين، وهم أصحاب النبى عليه الصلاة والسلام فلماذا نترك الجائز شرعا وهو الكثير والكثير وهذا من رحمه الله وسعته لنا ونلجأ إلى كل ما هو ضعيف وشاذ ؟.
ومن التوسل غير المشروع التوسل بذوات المخلوقين، والسبب كما قال أهل العلم، أن كان الباء للقسم فهو اقسام به على الله تعالى وإذا كان الإقسام بالمخلوق على المخلوق لا يجوز وهو شرك كما فى الحديث عَنِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَحَلَفَ رَجُلٌ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ)، الصحيحة، فكيف بالإقسام بالمخلوق على الخالق جل وعلا، وإن كانت الباء للسببية، فالله لم يجعل السؤال بالمخلوق سببا للإجابة، ولم يشرعه لعباده، ومن التوسل غير المشروع التوسل بحق المخلوق لا يجوز لأمرين، الأول: أن الله سبحانه لا يجب عليه حق لأحد، وإنما هو الذى يتفضل سبحانه على المخلوق بذلك، كما قال تعالى: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، الروم، فكون المطيع يستحق الجزاء هو استحقاق فضل وإنعام، وليس هو استحقاق مقابلة، كما يستحق المخلوق على المخلوق، الثاني: أن هذا الحق الذى تفضل الله به على عبده هو حق خاص به لا علاقة لغيره به، فإذا توسل به غير مستحقه كان متوسلا بأمر أجنبى لا علاقة له به، وهذا لا يجديه شيئا، وأما الحديث الذى فيه: (أسألك بحق السائلين)، فهو حديث ضعيف وحكى بعض المحدثين الإجماع على ضعفه وما كان كذلك فإنه لا يحتج به فى هذه المسألة المهمة من أمور العقيدة، ثم إنه ليس فيه توسل بحق شخص معين، وإنما فيه التوسل بحق السائلين عموما وحق السائلين الإجابة كما وعدهم الله بذلك، وهو حق أوجبه الله على نفسه لهم لم يوجبه عليه أحد، فهو توسل بوعده الصادق لا بحق المخلوق، فتنبه عبد الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة