سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 16 ديسمبر 1971.. ترحيل الكاتب الساخر محمود السعدنى إلى سجن القناطر لقضاء عقوبة السجن ثلاث سنوات

الإثنين، 16 ديسمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 16 ديسمبر 1971.. ترحيل الكاتب الساخر محمود السعدنى إلى سجن القناطر لقضاء عقوبة السجن ثلاث سنوات محمود السعدنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صعد الكاتب الساخر محمود السعدنى إلى سيارة الترحيلات لنقله مع بعض المحكوم عليهم بالسجن فى قضية 15 مايو عام 1971، وحين اقترب من السجن ظن- وبعض الظن إثم- أنه سيقضى العقوبة فى واحدة من القرى السياحية ذات الخمس نجوم، لكنه فوجئ بالعكس تماما، حسبما يذكر محمد توفيق فى كتابه «الملك والكتابة، قصة الصحافة والسياسة فى مصر».
 
كان «السعدني» فى سيارة الترحيلات يوم 16 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1971، وفقا لتأكيد «توفيق»، وكانت مدة عقوبته ثلاث سنوات سجن، بعد أن خففها السادات من خمس سنوات، فى قضية «15 مايو 1971»، وشملت العديد من كبار المسؤولين الذين عملوا فى ظل حكم عبدالناصر، فى مقدمتهم على صبرى نائب الرئيس الذى أقاله السادات يوم 2 مايو 1971، ثم إقالته لشعراوى جمعة وزير الداخلية يوم 12 مايو، فى حين تقدم الباقون باستقالتهم يوم 13 مايو 1971 وأبرزهم، الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية، ومحمد فائق وزير الإعلام، وسامى شرف مدير مكتب الرئيس جمال عبدالناصر ثم الرئيس السادات، وضياء الدين داود، وفريد عبدالكريم وعبدالمحسن أبو النور، ولبيب شقير رئيس مجلس الأمة، ومحمد عروق رئيس إذاعة صوت العرب، وآخرون.
 
كان السعدنى عضوا فى تنظيم «طليعة الاشتراكيين»عن محافظة الجيزة، وهو التنظيم السرى الذى أسسه عبد الناصر، وكان صديقا لفريد عبدالكريم أمين الاتحاد الاشتراكى بالجيزة وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي.. جاء اسم «السعدنى» فى أكثر من موضع فى «قضية 15 مايو 1971،أبرزها «إحراق أوراق التنظيم الطليعى»، ويكشف قصتها الكاتب الصحفى عبدالله إمام فى كتابه «انقلاب السادات، أحداث 15 مايو 1971»، مؤكدا أن شعراوى جمعة اتخذ آخر قرار له بعد إقالته كوزير للداخلية وهو حرق أوراق «تنظيم الطليعة» الذى كان أمينه العام، حتى لا تقع أسماء عضويته فى يد السادات، وتمت عملية الحرق فى «عزبة الخواجات» التى يملكها الفلاح الحاج «إبراهيم نافع» صديق «السعدنى» المقرب وعضو التنظيم عن محافظة الجيزة، وكانت مساحة المزرعة 13 فدانا، وتبعد عن شارع الهرم بحوالى عشرة كيلومترات على طريق سقارة.
 
كان فريد عبدالكريم والسعدنى ممن يترددون على المزرعة،حسبما ذكر عامل«مهدى إسماعيل» فى التحقيقات، وينقل عنه عبدالله إمام، قائلا، إنه فى مساء يوم 13 مايو 1971 فى حوالى الساعة الثامنة ذهب «عبدالكريم» بسيارته الصغيرة تتبعها سيارة ميكروباص بها ستة أشخاص، وقال لعامل المزرعة إن لديه أوراقا زائدة فى المكتب يريد أن يتخلص منها بالحريق، وأخرجوا من السيارة دوسيهات ولفائف وأحرقوها لمدة ساعة ونصف الساعة، وسأل عبدالكريم عن الحاج إبراهيم نافع، وطلب معاونتهم فى حرق الأوراق ثم انصرف، وجاء السعدنى أثناء الحريق، وسأل عن الحاج إبراهيم الذى لم يكن موجودا ثم انصرف، وبعد منتصف الليل جاء السعدنى وإبراهيم وسهرا فى العزبة حتى الصباح.
 
وقال «إبراهيم نافع» فى التحقيقات، إنه رجع مع السعدنى من العزبة حوالى الساعة الخامسة صباحا، وصعدا إلى بيت السعدنى، وأوضح: «فضلنا قاعدين لغاية ماسمعنا خطاب الريس، وبعدين محمود قال أنا هاسلم نفسى، فركبنا تاكسى ورحنا شارع قصرالعينى وقبل مجلة روزاليوسف هو نزل وأخذ تاكسى، وأنا على الجيزة ورحت بيت أخى محمد نافع».. يذكرعبدالله إمام: «فى يوم 22 مايو نشرت «الأهرام» فى صدر صفحتها الأولى واقعة إحراق أوراق التنظيم الطليعى، وخصصت الصفحة الثالثة لنشر صورة «السعدنى» وهو يرشد عن مكان حريق الأوراق».
 
كانت واقعة حرق أوراق التنظيم الطليعى فى عزبة الخواجات، إحدى الاتهامات التى واجهت المحكمة «السعدنى» بها، وبالرغم من صداقته القديمة مع السادات، عاقبته المحكمة بسجنه خمس سنوات، خففها السادات إلى ثلاث عند التوقيع على الأحكام فى القضية، وفى يوم 16 ديسمبر أقلته سيارة الترحيلات إلى سجن القناطر ليقضى عقوبته.. ينقل محمد توفيق عن «السعدنى» سبب شعوره حين اقترب من السجن أنه سيقضى فترة العقوبة فى واحدة من القرى السياحية ذات الخمس نجوم: «المظهر الخارجى للسجن يوحى أنه مكان شاعرى يصلح لتجول العشاق والمحبين، فأشجار السرو العالية تخفيه عن العيون، وأشجار الجميز العتيقة تحفه من كل جانب».
 
يضيف السعدنى: «لكن من تطأ قدمه البوابة الخارجية للسجن يجد نفسه فجأة فى مكان أشبه بمعسكرات الاعتقال، أسوار غليظة تعزل السجن عن العالم، وأبراج حراسة مزودة بالكشافات، والحراس مزودون بالمدافع الرشاشة، وفى فناء السجن يتجول الحراس، وقد نزع النظام الصارم المفروض على السجن قلوبهم من صدورهم، وتسلحوا بالعصى الغليظة والسياط، ومع الحراس تتجول عشرات من الفئران الضخمة التى تفر القطط أمامها، وتفسح لها الطريق، فهى تقرض كل شىء،خشب المقاعد وأبواب الزنازين، وتتحول فى النهاية إلى طعام يشارك فى حل أزمة اللحوم داخل السجن، فالمسجونون القدماء ينصبون الفخاخ لصيدها وشيها على النار، ويقسم الذين شاركوا فى وجبة الفئران هذه أنها ألذ ألف مرة من اللحوم التى تقدمها إدارة السجن».
 
يؤكد توفيق، أثناء وجود السعدنى فى السجن صدر قرار بفصله من روزاليوسف، وبمنعه من الكتابة، وحظر نشر اسمه حتى من صفحة الوفيات.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة