هذه الأسطر القليل القادمة هى محاولة جادة من روح الكاتب لمواساة كل شخص فقد شخص آخر عزيز عليه.
مهما نضجنا أو تطورت عقولنا وأفكارنا وتحولنا إلى العزلة وحاربنا حياتنا ومصائرنا وحيدين، سيكون مثلنا مثل حال مليارات البشر الذين وجِدوا على ظهر هذا الكوكب، فنحن بشر والبشر فى حالة دائمة من الاحتياج وحتى فى أقل الاحتمالات فإننا فى حاجة شديدة لمن يسمعنا وإلا ستسوء حالنا النفسية ولا أستبعد سقوطنا فى الهاوية أو حتى الوصول لدرجة الجنون.
حتى وإن خُدعِت عزيزى القارئ من العديد من الأشخاص فى حياتك او حتى من كنت تحبهم أصبحوا –عابرين- فى حياتك، فإنك مع الوقت ستتعافى من جراحك وستواجه الحياة سواء رضيت أم أبيت فإن هذا هو الواقع وأننا جميع مهما كان عمق الجرح فإن الزمن هو الطبيب القادر على الإلمام بهذا الجرح ومعالجته.
إذا نظرت فى جميع البشر فأنك بالتأكيد ستجد فروقًا كثيرة حتى بين أقرب التوائم، ولكن هناك صفة وخاصية مشتركة وحيدة خُلِقنا بها جميعًا، الا وهى (الموت) نعم الموت، إن هذا الموت الذى لا يوجد حتى الآن تعريفًا واضحًا يعترف بيه أو يجتمع عليه العلماء إلا انه ما يزال غريبًا عنا، فى حياتك ستجد انك كنت تعرف الكثير من الناس الذين لم يعودوا موجودين فى حياتنا الآن، ويمكن ان تكون شاركت فى تشييع الكثير منهم إلى قبره ولكن دعنا نسأل سؤالنا المهم هنا، لماذا؟
لماذا يمر علينا مرور الكرام وفاة شخص ليس من دائرة معارفنا الصغرى او من المقربين إلينا او من المحببين إلى قلوبنا؟ أما إن مات شخص عزيز علينا وقريب إلى قلوبنا انهارت الحياة أمامنا واستوحشت، وأصبح كل ما حولنا سواد وضاع معنى الحياة وغايتها فى عقولنا؟.
حسنَا، إن كنت مؤمنًا بأن الإله هو من خلق هذا الكون، فإنك بالضرورة ستؤمن بأنه خالقنا، وعندما خلقنا الله بلغنا بأننا كنا عدمًا ولكنه أوجدنا من ذاك العدم، وقد بلغنا ايضا انه خلقنا بطريقة ستجعلنا مخلّدين ولكن هناك بعض المحطات التى يجد ان نمر بها كترياق ضد الموت وللحصول على الأبدية.
وأول شىء هو (الموت)، إن لله فى خلقه شئون، ولتعلم عزيزي القارئ انه قد حكم علينا بالموت حتى يختبرنا، فأيًا كانت علاقتك بالشخص المتوفى فأعلم انك مفارقه، وانه سيموت أو انك انت الميت قبله، وذلك لكى يبتليك الله ويختبر قوة ومدى إيمانك، لذلك يجب عليك ألا تجزع وان تدعو للفقيد كما يجب عليه ان يدعو لك ولا يجزع إن كنت انت المنتهى.
أيَا كان دينك او إلهك الذى تعبده فإن الاديان معظمها يٌبشّر بخلود فى مكان أفضل للناس وفى هذا المكان ستجتمع انت وكل أحبائك فى هذه الدنيا، او يتكلموا فى الاستنساخ وان روحك ستحل فى كائن آخر وحتى هنا أعتقد ان أرواحنا ستمتلك ذكريات حياتنا فنعيشها بكل حب باسترجاعها فى حياتنا الجديدة، أو العدم، وحتى فى العدم يجب علينا ان نتذكر هذا الشخص المحبب إلى نفوسنا وان نعظمه ونحفر ذكرياته فى ذاكرتنا وألا ننساه مهما عالج الزمن هذا الجرح الذى بدأه الموت، واكمله علينا التعود، وانهته مأساة الفقدان.
يا من تقرأ كلامى هذا، يا من حزنه أكبر بكثير من مجرد كلمات اكتبها فتحقق لك سلامًا داخليًا كافيًا، يا صاحب الروح المعذبة الحائرة، اتمنى ان اواسيك بكل ما اوتيت من القوة ولكنى لا أجد عزاءً افضل من أن اقول لك: إن فى الاديان السماوية يعدك خالق الكون بالخلود انت وكل أحبائك وبالتالى سيتجدد اللقاء فى جنة الخلد، وفى الاديان الاخرى ستتقابل انت وأحبائك المفقودين ولكن فى ذاكرتك بعد الموت ونزول روحك فى جسد آخر، وحتى مع العدميين ستكون انت وكل الأعزاء لديك فى موعد يومىّ فى ذاكرتك الأرضية.
لذا عزيزى القارئ، عـــش، وكنت على دراية كاملة ان الشخص المفقود يحيا وحتى إن مات، على الأقل فى ذاكرتك وفى خيالك وفى حياتك بالعموم، لذا عش حياتك على ذكراه إن لم تستطع تجاوزها وتسائل طوال حياتك عن اعظم سؤال قد تطرحه على نفسك بعد فقدان ذلك العزيز الا وهو: أيتجدد اللقاء؟؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة