الحياة لا تسير بمحض الصدف، فلا تنتظر منها أن تهبك ضربة حظ، ولا تظن أن مشاكلك ستحل عن طريق المشاركة فى المسابقات التليفزيونية أو ورق اليانصيب، فالحظ لا يزور المتقاعسين ولا يقرع أبواب الكسالى.
الحظ هو اغتنام الفرص، والسعى الدائم لتطوير الذات، أن تقف وقفة مع نفسك وتبادرها بالسؤال : بماذا تحلم وما ترغب أن تحققه فى مشوارك الوظيفى، ثم تبدأ بوضع الأهداف التى من شأنها أن تساعدك فى تحقيق هذا الحلم، وما تلبث بعدها حتى تسلك السبيل الذى سيوصلك فى النهاية إلى تلك الأهداف، الأهم من كل هذا أن تضع خطة زمنية، وأن تحدد لنفسك المدة التى ستستغرقها من أجل الوصول إلى مبتاغك. فكلما اكتشفت نفسك فى سن مبكرة، كلما اتضحت لك الرؤية، واستطعت أن تصبو إلى أهدافك واحداً تلو الآخر.
فكم من شخص تجاوز سن الأربعين ولايزال يجهل من أين يبدأ، وكيف يسير، كذلك يشعر بالتيه والضياع كلما سألته عن رغباته وميوله لأنه يعجز على الرد عليك ويلتزم الصمت، خشية من أن تنهال عليه المزيد من التساؤلات التى تخص مستقبله وأحلامه، فلا أحد يدرى أنه هو نفسه يفقد ملامح هذ المستقبل، وأن تلك الاحلام بالنسبة له ضبابية لم تتضح معالمها له حتى الآن.
قد يلعن المرء حظه على ضآلة مجموعه بالثانوية العامة الذى حال بينه وبين الجامعة التى يرغب الانضمام بها، فى حين أن آخر حصل على نفس المجموع والتحق أيضا بذات الجامعة، إلا أنه كان يملك رؤية مختلفة عنه، فقد اعتبرها خطوة جديدة فى مسيرته التعليمية، وانكب على دراسته، حتى استطاع أن يحقق نجاحاً منقطع النظير بها، فضلاً عن أنه لم يلق بحلمه جانباً، بل أخذ يبحث فى المجال الذى كان يحلم بدراسته بالجامعة عن طريق الإنترنت ومحاضرات أون لاين، إلى جانب الكورسات التى تهتم بهذا المجال، وكل ما يدور حول هذا الأمر حتى ينمى مهاراته، و يطور مداركه بخصوصه، على عكس الآخر الذى اعتبرها بمثابة نهاية العالم، و تخلف عن مواكبة أبناء جيله و بقى ساكناً إلى أن فاته قطار العمر دون أن يترك أثره الذى يميزه عن غيره.
أحيانا تلعن الحظ، وتظن أنه من اختار لك هذه الوظيفة أو تلك، ومع مرور الوقت تكتشف أنها كانت الأنسب لك أكثر من غيرها، لأنك قد أخذت عهداً على نفسك أن تتعلمها حتى تتقنها جيداً وتحسن أداءها، على عكس شخص آخر نظر إليها على أنها مجرد وظيفة يتحصل من ورائها على دخل ثابت يساعده على العيش وحسب، مما أدى فى نهاية الأمر إلى خفقانه وبالتالى عدم ترقيته وبقاءه فى ترتيبه الوظيفى لعدة سنوات متتالية دون أى إنجاز يذكر له فى مشواره الوظيفى.
نحن من نصنع حظنا، ولا دخل له فى اختياراتنا، فنحن من نملك سياسة التغيير والتعديل، فلا يجوز أن نعلق إخفاقاتنا على شماعة الحظ، بل علينا أن نعترف أننا من نقترف الأخطاء، لذا علينا أن نتحلى بطرق التفكير السليم فى معالجتها. وفى النهاية كل يرى بعين طبعه، فهناك من يختار الطريق السهل ويردد على لسانه "حظى كدا " ليرضى نفسه بتلك الأكذوبة، و آخرون لا يستسلمون لتلك الكلمة ولا توجد بقواميسهم مصطلح يسمى "ضربة حظ"، إنما يركضون وراء أحلامهم ويلهثون خلف أهدافهم إلى أن يحققوا طموحاتهم ونجاحاتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة