بعد عودة المخطوطة الهاربة.. قصة نجاح تعاون الصحافة مع مؤسسات الدولة.. اتحاد الأثريين استغاث و"اليوم السابع" كشف ووزارة الثقافة أعادت ثروة مصر الضائعة.. وإيناس عبد الدايم تؤكد: ذلك يحدث لأول مرة

يمكن القول إن لدينا تجربة "مهمة" فى العلاقة "المفيدة" بين الصحافة ومؤسسات الدولة من أجل الصالح العام، أتت أكلها اليوم، وهو ما حدث فى عودة المخطوطة المهمة "المختصر فى علم التاريخ" لـ محيى الدين الكافيجى.

بدأت القصة، فى يوم 26 أبريل الماضى، عندما تواصل الزميل أحمد منصور مع الدكتور محمد الكحلاوى، أمين عام اتحاد الأثريين العرب، والذى أخبره عن عرض مخطوطة "المختصر فى علم التاريخ" لـ محيى الدين الكافيجى فى مزاد بونهامز.

وعلى الفور بحث "اليوم السابع" عن مزاد بونهامز، وقام بنشر  30 صورة من المخطوط، وطالب وزارتى الثقافة والآثار بالتدخل لإنقاذ هذا المخطوط المهم.

ولم يطلق "اليوم السابع" دعوته فى الفراغ، بل تواصل الزميل أحمد منصور مع الدكتور هشام عزمى رئيس دار الكتب والوثائق، والذى كان مكلفا بإدارة دار الكتب والوثائق منذ أقل من 15 يوما، لكنه فى الحقيقة كان مهتما بشكل كبير، وكان على علم كامل بقيمة المخطوطة وأهميتها، ويومها أكد على مخاطبة الجهات المعنية لوقف البيع، لحين استكمال إجراءات إثبات ملكيتها لمصر، حيث كان المخطوط النادر موجودا فى دار الكتب فترة السبعينيات.

ولم يكتف "اليوم السابع" بذلك، بل تواصل الزميل أحمد منصور مع الأثرى شعبان عبد الجواد، رئيس إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار، لمعرفة مدى متابعة الإدارة لتلك المزادات، والذى أكد أن الإدارة تتابع باستمرار مواقع بيع الآثار، والمزادات العالمية التى تقوم بعرض قطع أثرية مصرية، حتى تتم مخاطبتهم حال ثبوت أثرية القطع المعروضة.

المهم أن "اليوم السابع" تابع مع دار الكتب الوثائق لمعرفة الإجراءات التى اتخذها لاسترداد المخطوط.

ــ محضر إثبات فقد المخطوط المثبت فقده قبل جرد عام 1976م، وصورة من سجل تزويد دار الكتب تثبت ملكية دار الكتب لهذا المخطوط.

ــ صورة من فهرس الكتبخانة الخديوية "ص 145 ج 5"، تثبت أن هذه المخطوطة ضمن مخطوطات دار الكتب المصرية.

ــ بعض لقطات من المخطوط عليها خاتم الكتبخانة الخديوية ورقم الحفظ "528 تاريخ"، وهذه الصور مطابقة للمخطوط المسترد.

ــ صورة من عنوان كتاب المختصر فى علم التاريخ، تحقيق الدكتور محمد كمال الدين عز الدين الذى نشره سنة 1990 معتمدًا على نسخة دار الكتب (وهى النسخة التى نحن بصددها) كأصل للتحقيق.

واستطاعت دار الكتب المصرية استرداد المخطوط المهم من صالة "بونهامز" بلندن، يوم 13 يونيو 2018. ويتكون المخطوط من مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة، أما المقدمة فاشتملت على عناصر كثيرة، منها :

ــ الإشادة بفوائد علم التاريخ "الدافع والغرض من تأليفه".

ــ كما اشتملت على عنوان المخطوط وذلك توثيق للمخطوط فى عرف المفهرسين والمتخصصين.

ــ ركزت المقدمة على تنظيم مادة الكتاب.

أما الباب الأول لكتاب المختصر فى علم التاريخ، فركز على مبادئ علم التاريخ، وعالج الباب الثانى "أصول على التاريخ ومسائله"، اما الباب الثالث فقد جعله المؤلف فى "بيان شرف أهل العلم وفضلهم".

واشتملت الخاتمة على عدة سطور أفادت تاريخ فراغ مؤلفة من تحريره بما يفيد أن هذه المخطوطة كاملة غير منقوصه، إذ تأتى هذه المعلومة فى غالب المخطوطات ـ فى أخرها، كما تعد هذه المعلومة توثيقًا لتاريخ التأليف.

وهذا المخطوط قليل الأوراق عظيم الأهمية، وتكمن أهميته فى :

ــ معالجة المؤلف للجانبين النظرى والتطبيقى لعلم التاريخ، وهذه المعالجة تعد إبداعًا غير مسبوق.

ــ مثل هذا المخطوط فتحًا للسخاوى الذى ألف على منواله "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ"، وكذلك الجلال السيوطى الذى ألف كتابه "الشماريخ فى علم التاريخ"، استمدادًا من المختصر فى علم التاريخ" وإضافة إليه.

ــ كما تكمن أهمية هذه النسخة أيضًا فى أن ناسخها "على بن داود الخطيب الجوهرى من العلماء الذين شاركوا فى الكتابة التاريخية تأليفًا ونسخًا، كما أنها كتبت فى وقت قريب من حياة المؤلف، ما يجعل منزلة هذه النسخة منزلة رفيعة بين النسخ.

لكل هذه الأسباب استماتت دار الكتب المصرية فى استرداد مخطوطة فقدت قبل 1976م، وهى سابقة لم تحدث من قبل.

وقد ظهر أثر  هذا التكافل بين الصحافة والمؤسسات، فى المؤتمر الذى عقد اليوم، بحضور  إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، وباقى رؤساء هيئات الوزارة، وقالت فيه، إن استرجاع أى مخطوط يمثل كنزًا من كنوز مصر، وشىء يسعدنا جميعا، وهنأت وزيرة الثقافة الدكتور هشام عزمى لتعامله السريع فى استرجاع المخطوطة، وطريقته فى التفاوض والإقناع.

كما قالت إيناس عبد الدايم، إن استراجع مخطوطة يحدث لأول مرة، ولهذا نشكر كل من تعاون على استرجاعها سواء صالات المزادات، أو وزارة الخارجية، أو وزارة الآثار، أو الذين كانوا يملكون المخطوطة.

أما هشام عزمى فقال إن يوم 13 يوليو2018 يوم فارق بالنسبة لنا، ليس فقط لاستعادة المخطوطة، لكن لنجاح دار الكتب فى عمل رحلة مفاوضات أسفرت عن النجاح وذلك بتوفيق من الله ودعم غير محدود من الدكتورة إيناس عبد الدايم.

ومن جانبها قدمت وزارة الثقافة الشكر لجريدة "اليوم السابع"، نظرًا لدورها فى الكشف عن بيع المخطوط "المختصر فى علم التاريخ" للمؤلف محيى الدين الكافيجى، مشيدة بدور الإعلام فى توضيح أمور لصالح البلاد.

وأكدت وزارة الثقافة أنه قد استفادت من المادة التى نشرها "اليوم السابع" فى المطالبة لاستعادة المخطوط إلى جانب استخدامنها كمادة فى عمل الفيلم التسجيلى الذى يسرد قصة عودة المخطوط من لندن إلى دار الكتب.