يئن الشعب ويعانى ممن حوله من جشع وفساد ظهر فى المشهد قويت شوكته وأصبح الجميع يعانى ويشتكى ويتضرر، وكأن هؤلاء قد هبطوا علينا ببراشوتات من كوكب آخر أو أتوا إلينا فى ظلمات الليل من غياهب المجهول.
وفى حقيقة الأمر أن الجميع ممن نشتكيهم فى دعواتنا وضاقت بهم صدورنا، وبحت حناجرنا توسلا إليهم بالتوقف عما يقترفونه فى حقنا وفى حق أنفسهم قبل ذلك ولكنهم قوم يجهلون.
هؤلاء فى واقع الأمر هم من صنع أنفسنا لا أحد غيرنا، فهم من دوننا لا ذكرى لهم ولا وجود، فنحن من جعلنا التاجر جشعاً ونحن أيضا من انتخبنا النائب الذى ارتمى فى أحضان مصلحته الشخصية وتناسى قومه وأهل دائرته، ونحن من اخترنا اتحاد الكرة ليدير لنا ويسير أمورها ونحن من ساعدنا الموظف المرتشى والفاسد سواء بصمتنا عنه والتزامنا الصمت أخذًا بقاعدة (وأنا مالى) أو (أنا يعنى هعدل الكون).
يا سادة
لا تلوموا هؤلاء
فملومتكم لهم لم ولن تجدى، فالجميع يعلم - وهم من أوائل هؤلاء الجمع - أن الحلال بين وأن الحرام بين ..
ولكن قاوموهم ثم قاوموهم ثم قاوموهم حتى تصلوا جميعا إلى مرحلة إصلاح النفس أولاً ثم ما بعده يسير.
حينئذ يستقم العود ويتبوأ الصالح المكان اللائق به ويتحرى التاجر والمسئول والنائب والموظف وغيرهم الحلال، فهم منا ومن جلدتنا ونتاج مجتمعنا وثقافتنا رضينا أم أبينا.
ولنا فى رسول الله صل الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد ظل صلى الله عليه وسلم يبنى رجالا أعواما وأعوام لم يكل ولم يمل بل كان واثقا أن هؤلاء سيكونون الرجال الذين ستبنى على أكتافهم أمجاد الأمة وتعلو منهم منابر الإيمان والصلاح لتصل إلى الدنيا بأسرها.
فلا تلوموهم بل لوموا أنفسكم.
وأحسنوا التربية فى أولادكم ولنكن كما ارتضى الله لنا من منزلة رفيعة دون الأمم، فنأمر بمعروف وننهى ونحارب المنكر فى نفس الوقت لأن ما نضيعه من أوقات فى التحسر والندب والعويل وإدانة الآخر وما يصحبها من آثار سلبية على صحة الفرد والمجتمع نحن أيضًا محاسبون على ذلك.
عندئذ سنكون معهم شركاء لن نختلف عنهم كثيرًا.
ولكن قاوموهم وأنتم تبنوا أنفسكم ليخرج منكم من يزيحهم من أماكنهم لتعلو وترتقى أمتكم، فمصر تستحق وتستحق وتستحق.
ودائمًا تحيا مصر -- تحيا مصر -- تحيا مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة