كيف غيرت النساء التاريخ فى زمن الجوارى؟.. "الرشيد" أوكل لأمه النظر فى القرارات قبل صدورها فأدارت الدولة بجانبه.. أنساب النساء أشعلت الصراع العربى الفارسى على الخلافة فى حرب "الأمين" و"المأمون"

الخميس، 31 مايو 2018 06:30 ص
كيف غيرت النساء التاريخ فى زمن الجوارى؟.. "الرشيد" أوكل لأمه النظر فى القرارات قبل صدورها فأدارت الدولة بجانبه.. أنساب النساء أشعلت الصراع العربى الفارسى على الخلافة فى حرب "الأمين" و"المأمون" هارون الرشيد والعهد الذى شهد تدخل المرأة فى الخلافة
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"التاريخ يكتبه السلاطين" ولكن هل تصنعه النساء؟ دون الخوض فى أطروحات سبق للتيارات النسوية طرحها فقوبلت بالرفض أحيانًا وبالتشكيك مرات وبالترحيب بعض الوقت، يمكن النظر لعصر الخليفة هارون الرشيد كنموذج على دور النساء فى صناعة التاريخ فى ظل استرقاقهن كجوارى

 

فى حياة الخليفة العباسى صاحب العصر الذهبى، يبرز الدور الذى لعبته النساء فى التاريخ الإسلامى، فى نفس الزمن الذى شاعت فيه تجارة النخاسة، فلم تكن النساء مجرد أجساد تباع وتشترى وتزدحم بها قصور الخليفة ومعاونيه، بل كانت "الجواري" على اختلاف ثقافتها رافدًا من روافد تعدد الثقافات والأعراق الذى اتسمت به تلك الدولة، بل وأحيانًا شوكة فى صراع محتدم وطويل

 

الخيزران "جارية فوق العرش"

 نكتشف دور الخيزران، من قصة الصراع بين "الرشيد" وأخيه "موسى الهادى" على الحكم، وهى المروية الثابتة تاريخيًا ، إذ كانت الخيزران أم الرشيد وأخيه، جارية يمنية أنجبت للخليفة المهدى ولديه "موسى" وهارون"، وباقترابها من الخليفة نجل "أبو جعفر المنصور" أهم الخلفاء العباسيين تمرست الخيزران فى شئون الحكم فلم تكن حياتها فى القصر لعب ولهو بل تمرس ودهاء.

 

ثم رأت فى ولدها الأصغر "هارون" الذى لقبته بالرشيد، ذكاء وحكمة وروية تفوق ما عرفته عن ولدها "موسى"، فأوعزت للخليفة _الذى كان يحبها كثيرًا ويأتمر بأمرها_ أن يخلع "موسى" الملقب بـ "الهادى" عن ولاية العهد لصالح شقيقه المقيم فى جرجان، بعيدًا عن بغداد عاصمة الخلافة، فرفض الأخير الامتثال لأمر أبيه حتى جهز الخليفة جيشًا لحصار ولده ومات فى الطريق إليه، فسلمه "الرشيد" خاتم الخلافة" وهنأه عليها.

 

بتولى الهادى الخلافة، صار "الرشيد" وليًا لعهده، حتى أراد خلعه وتولية ابنه "جعفر" الذى كان صغيرًا لا يتجاوز الثانية عشر من عمره، وسط رفض "الخيزران"  وثورتها ومعها كل من فى القصر، يحى البرمكى وزير الدولة وحامل أسرارها الذى ألقى فى السجن، وكبير الهاشمية عم الخلفاء وجدهم، وكل رجال الدولة الكبار.

 

لم تصمت "الخيزران" ولم تتوقف عن حث ولدها "الرشيد" على محاربة أخيه، غير أن الرشيد كان يرى أن الاقتتال على الخلافة قد يطيح بالدولة وهو فى غنى عن ذلك، حتى إنه أخبر أخيه "الهادى" بقبوله مبايعة ولده على الحكم، الأمر الذى لم يرضى أم الخلفاء ولا "زبيدة" زوج هارون، أحد أهم نساء بنى هاشم، ابنة عمه الأميرة العباسية الهاشمية.

 

احتدم الصراع بين "الهادى" وأمه فى قصر الخلافة حتى حاول قتلها بالسم، فنجت وتنبهت للطعام المسموم إذ أنقذتها خبرتها كجارية من الوقوع فى هذا الفخ، ثم يئست من إقناع الرشيد بمقاتلة أخيه، فما كان منها إلا أن وضعت للهادى سمًا فى الطعام الأخير الذى أعدته له قبل أن تذهب للحج.

 

بوفاة الهادى، وتولى هارون الرشيد الخلافة، صعدت "الخيزران" درجة فى مرتبة الحكم فى الدولة، إذ عهد الرشيد إلى وزيره "البرمكى" بخاتم الخلافة يوقع به على القرارات بعد إذن "الخيزران" ومشورتها، فكانت حتى وفاتها فى مرتبة وزيرة لهارون وليس مجرد أم للخليفة.

 

"

زبيدة بنت جعفر".. تؤجج الصراع العربى الفارسى

قامت الدولة العباسية على أكتاف الفرس، فقد كان "أبو مسلم الخراسانى" والى خراسان أول من بشر بخلافة العباسيين وقاد جيشًا تمكن من خلاله من هزيمة الأمويين وحسم هذا الصراع لصالح بنى العباس القرشيين الهواشم إذ يعود نسلهم للعباس بن عبد المطلب عم الرسول عليه الصلاة والسلام.

 

نتيجة لدور الفرس فى تأسيس الدولة، تولوا المناصب الرفيعة فيها وكانوا وزراء الرشيد وأبيه وأخيه ونجله المأمون، وفى وسط تلك الظروف كانت "زبيدة" بنت جعفر زوج هارون الرشيد وحبيبته وابنة عمه منذ أن كان أميرًا فى قصر والده، ثم تزوجته فلم تستطع الإنجاب مبكرًا حتى باغتتها "مراجل" الجارية الفارسية بولادة "عبد الله المأمون" أول أبناء الخليفة.

 

كانت ولادة "المأمون" وبالًا على "زبيدة" التى نذرت أن تذهب للحج سائرة على قدميها إن رزقها الله بطفل لاسيما إن كان صبيًا، وقد حدث، حبلت "زبيدة" وأنجبت نجلها "محمد" الملقب بالأمين، فمهدت طريق الحج بمالها كوفاء للنذر.

 

منذ ولدت "زبيدة" الأمين، وقررت أن يكون نجلها ولى لعهد الرشيد، كان ميلاده حدثًا نادرًا فى بغداد، وزع الذهب على العامة فى الأسواق، سار منادى الخلافة مبشرًا "ولد الأمير الهاشمى القرشى الصافي"، وهو الحالة الفريدة التى لم تتح إلا للأمين، نجل الأميرين حتى أن نسبه أفضل من نسب والده "هارون الرشيد" ابن الجارية.

 

فى تلك الأثناء اشتعل الصراع بين العرب والفرس، وتجسد هذا الصراع بين الأمين الأمير العربي، وشقيقه المأمون العربى الفارسي، ثم تعقد الأمر حين ماتت "مراجل" أم الأمين الفارسية، فتولت عائلة البرامكة تربيته وتنشأته على أصول الحكم حتى إنهم علموه اللغة الفارسية.

 

انقسم القصر بين عرب وفرس، أمراء بنى هاشم يحيطون "الأمين" وأمه زبيدة، وزراء الفرس يحيطون المأمون باعتبارهم أخواله، والرشيد فى المنتصف يحاول أن يقسم الخلافة بين نجليه، فيمنح ولاية العهد للأمين ويقتطع منها "خراسان" جيشها وخراجها ومالها وبريدها، ويمنحها للمأمون، فيضمن ولاء الفرس وعدم ثورتهم عليه، ثم يأخذ "الرشيد" ولديه، للحج ويبايعهما على ذلك أمام الناس ويعلق البيعة فوق أستار الكعبة.

 

تستمر مواقف الصراع بين العرب والفرس حتى اللحظة التى يقرر فيها "الرشيد" التخلص من وزرائه البرامكة فيما عرف تاريخيًا باسم "نكبة البرامكة" وقد كان لزبيدة دورًا كبيرًا فى ذلك فهى لم تثق فى ولاء الفرس لزوجها ولم ترى فيهم إلا خطرًا يتهدد دولة أبيها وأجدادها.

 

العباسة أخت الرشيد.. سر نكبة البرامكة

كان لهارون الرشيد اختًا وحيدة من أبيه هى العباسة، عرفت بجمالها وفصاحتها وشعرها وغنائها، إذ كان الخليفة يحب أن تشاركه أخته فى مجلس غنائه وحفلات سمره.

 

تضاربت الروايات حول الأميرة الهاشمية حتى أن ابن جرير يشير إلى تسببها فى نكبة البرامكة، فقد كانت العباسة زوجة لأمير عباسى توفى شابًا فعادت إلى قصر أخيها الرشيد الذى كان فى نهايات عصره، وأحبت جعفر بن يحيى البرمكى، الذى كان يشارك الخليفة مجلس سمره وهو صديقه المقرب ووزيره وابن مرضعته، ولكى يحل للبرمكى النظر للعباسة فى مجلس "هارون"، قرر الرشيد تزويجهما بشرط ألا يدخل بها "جعفر"، إلا أن العباسة راودته عن نفسه، حتى حبلت منه وأنجبت وذهبت بابنها إلى مكة، وقد عرف الخليفة بذلك فما كان منه إلا أن قتل صديقه وأهدى أخته رأسه أيام نكبة البرامكة التى تجردوا فيها الوزراء الفرس من مالهم وضياعهم وجاههم وقصورهم وقتلوا جميعًا على يد الرشيد بعد ثبوت خيانتهم له.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة