بعد 74 عاما أخرجت أراض بلاد فارس مكنونها، فلم تعد قادرة على حمل ذلك السر الذى باحت به مؤخرا لأبناءها، وعثر الإيرانيون على مومياء لأول مرة فى تاريخ هذا البلد الكبير اعتقد أنها تعود لأحد أكبر ملوك إيران، وهو رضا خان مؤسس الأسرة البهلوية التى حكمت إيران فى الفترة (1925- 1979م).
سلط اكتشاف مومياء رضا خان المحنطة بإيران فى إحدى ضواحى جنوب العاصمة الإيرانية أثناء عملية تنقيب بالقرب من مزار دينى الضوء على قصة هذا الضابط البسيط الذى قيل أن والده كان يعمل فى رعاية الأغنام وروايات آخرى قالت أنه عمل بالعسكرية، قبل أن يصعد ويجلس على عرش الطاووس (نسبة إلى عرش مغول الهند الذى أستولى عليه نادر شاه افشار الذى حكم إيران خلال فترة عشرينيات القرن الثامن عشر)، ويلقب نفسه برضا شاه ويحكم بلاد فارس التى أصابها الوهن على يد مؤسس الأسرة القاجارية التى حكمت إيران حتى 1925م.
فى الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945 كانت إيران مسرحا لصراع الأطراف المتنازعة، وبضغوط بريطانية تنازل عن العرش لابنه محمد رضا بهلوى فى عام 1941 وعاش بالمنفى بجنوب أفريقيا وتوفي في جوهانسبرج عام 1944، وهنا بدأت قصة درامية لمومياءه المحنطة عنوانها الارتحال بين المنافى، فقد رفضت القوى الاستعمارية التي كانت احتلت إيران، وهي بريطانيا والاتحاد السوفياتي، أن يدفن في بلاده، فسارع الملك فاروق فى مصر آنذاك بتقديم مقبرة بمسجد الرفاعي مكانا لدفن صهره الذي كان نجله الشاه محمد رضا متزوجا من ابنتها فوزية.
ويقول مقطع الفيديو الذى بثته قناة "منوتو" الناطقة بالفارسية والتى تبث من خارج إيران وتديرها المعارضة، إن مومياء رضا شاه انتقلت إلى القاهرة بعد 3 أشهر من وفاته، وتم وضعها فى مدفنا "كأمانة" لمدة 6 سنوات فى مسجد الرفاعى،(وأصرت أسرة بهلوى على دفنه بسيف نادر شاه افشارى المرصع بأندر وأعلى الجواهر بالعالم)، وفى عام 1950 سافر محمد رضا بهلوى على رأس وفدا رفيع المستوى إلى مصر لاستعادة رفاة والده، وانتقلت الرفاته إلى إيران عبر المملكة العربية السعودية وبعد أن طافت الكعبة، ثم نقلتها طائرة ملكية هبطت فى اقليم الأهواز غرب إيران، ومنها إلى العاصمة طهران عبر قطار تم تخصيص عربة لها غطت بعلم إيران لنقل الجثمان.
رضا خان
وفى إيران اقيمت مراسم ضخمة شاركت فيها الأسرة الملكية وملوك العالم كله وسفراء البلدان الأجنبية، ودفن فى مرقد ضخم أنشأه له نجله محمدرضا بهلوى بارتفاع يصل إلى 25 متر وبقبة تشبه قباب المساجد، فى مدينة "شهر رى" جنوب إيران إلى جوار أحد المزارات الشيعية "مرقد شاه عبد العظيم". وفى السنوات التالية شكل المرقد مكانا مزارا لملوك ورؤساء العالم أثناء سفرهم إلى إيران وزارته ملكة بريطانيا الملكة اليزابيث وأمراء عرب.
رجل الدين صادق خلخالي يهدم جانبا من مرقد الشاه
بعد الثورة الإسلامية فى إيران 1979، تم هدم القبر الضخم لرضا شاه على يد متشددين بقيادة صادق خلخالي الذي عينه مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله خميني، رئيسا للمحاكم الثورية، ولأن البناء كان حديثا وقويا استغرق هدمه وقتاً طويلا وصل إلى 20 يوماً، واضطروا إلى استخدام الديناميت لتفجير الضريح تدريجياً ولم يعثروا على رفات رضا شاه، وحتى ذلك الوقت كان يعتقد الإيرانيون أن ابنه محمد رضا شاه بهلوي عندما غادر البلاد إلى المنفى هو من أخذ عظام والده معه إلى القاهرة، ليشاء القدر وتنتهى الدرامة بأن يترك شاه إيران والده فى إيران ويدفن هو فى مدفن أبيه بسمجد الرفاعى بالقاهرة، ويعثر الإيرانيون على جثمان والده بعد عقود من الزمان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة