بعد ما أثير عن نقل المنابر الأثرية.. تعرف على تجربة اليونان للحفاظ على تراثها

الجمعة، 27 أبريل 2018 07:30 م
بعد ما أثير عن نقل المنابر الأثرية.. تعرف على تجربة اليونان للحفاظ على تراثها الآثار اليونانية
كتبت بسنت جميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تضاربت تصريحات المسئولين عن الآثار فى الأيام القليلة الماضية حول نقل عدد من المقتنيات الأثرية، ومن بينها 55 منبرًا أثريًا، إلى متحف الحضارة حفاظًا عليها من السرقة، بعد تكرار عدد من السرقات لأجزاء وحشوات من بعض المنابر، وكذلك سرقة بعد المشكاوات الأثرية، وصعوبة تأمين هذا الكم الهائل من المقتنيات الأثرية، خاصة أن غالبيتها تقع فى منشآت تتبع لوزارة الأوقاف وليس الآثار، ما بين مؤيد ومعارض لعملية النقل نفسها سواء للحفاظ عليها من السرقة أو حتى من عوامل التلف المهددة فى بيئات يصعب التحكم فيها، وما بين آراء ترى أن ذلك يعد طمساً للهوية التاريخية وتفريغاً للآثار الإسلامية من مقتنياتها الفنية الفريدة، ومخاوف من تأثير عملية التخزين نفسها على تلك المقتنيات وليس الحفاظ عليها.

وفى هذا الصدد، قال الدكتور حسين مرعى الملحق الثقافى المصرى باليونان والمتخصص فى ترميم وحماية التراث الثقافى بجامعة القاهرة، إن اتفاقية منظمة اليونسكو لحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى، والتى تم توقيعها بباريس فى العام 1972 تخول كل دولة فى تحديد تراثها وحمايته والمحافظة عليه، وإصلاحه، ونقله إلى الأجيال المقبلة.

 وأوضح حسين مرعى، أن المادة (28) من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والتى تنص على: "تحفظ الآثار المنقولة - وما تتطلب الاعتبارات الموضوعية نقله من الآثار المعمارية- وتوضع فى متاحف الهيئة ومخازنها، وتتولى الهيئة تنظيم العرض فيها وإدارتها بالأساليب العلمية، وصيانة محتوياتها ومباشرة وسائل الحماية و الأمن الضرورية لها، وإقامة معارض داخلية مؤقتة تتبعها"، مضيفا أن كل ذلك يجعل الدولة ممثلة فى الجهات المعنية بالحفاظ على التراث الثقافى يتوجب عليها اتخاذ الإجراءات التى تكفل حماية المقتنيات المنقولة ومواقع الآثار الثابتة وكذلك اتخاذ إجراءات فورية نحو تأمين تلك المقتنيات، ولعل الخطوة التى تأخرت كثيرًا والمتمثلة فى تسجيل وتوثيق مقتنيات المساجد وغيرها من آثار إسلامية باستخدام الوسائل والتقنيات الحديثة فى المجال بشكل يوفر قاعدة بيانات مهمة تسهم فى الحفاظ على تلك المقتنيات من خلال تسجيل تفاصيلها الفنية والزخرفة ومادة الصنع وخامات وأساليب الحشوات والتطعيم وغيرها وكذلك حالتها من الحفظ.

1
1

وأضاف حسين مرعى، أنه يمكن نقل الآثار فى حالة الخطورة أو بهدف الحفاظ على المقتنيات والتى تتكون غالبيتها من مواد سريعة التلف مثل الأخشاب وغيرها أو عرضة للكسر والتهشم مثل الزجاج فى المشكاوات ونظرًا لصعوبة التحكم فى المناخ الدقيق للبيئة المحيطة والذى يتسبب التغير فى درجات الحرارة ونسب الرطوبة النسبية فى حدوث تغيرات فيزيائية وكيميائية خطيرة تتسبب فى تلف تلك المقتنيات، وكذلك وجود عنصر هام للتلف هو العامل البشرى من مرتادى وزوار الموقع الأثرى، وما قد ينتج عنه من تلف متعمد أو غير متعمد أو محاولة للسرقة وغيرها، يتطلب إجراءات استثنائية بغرض الحفاظ على تلك الآثار، لافتًا إلى أنه يتفق مع أولئك الذين يؤمنون أن قيمة الأثر تكمن فى وجوده فى بيئته الأصلية التى تركها الفنان أو المعمارى القديم، ولكن قوانين حماية الآثار تلزم التصرف واتخاذ قرارات مناسبة فى حالة تلمس خطر فى التأمين أو حتى الوقاية من مسببات التلف خاصة فى حالة المقتنيات الفريدة أو تلك التى حالتها لا تسمح بوجودها فى موقعها الأصليى والأمثلة على نقل الآثار من بيئتها الأصلية وعرضها فى بيئة المتاحف كثيرة.

2
2

 

 وضرب حسين مرعى أمثلة بدولة اليونان والتى يكاد لا يوجد أثر أصلى منقول من بيئته الأصلية وكذلك الكثير من العناصر المعمارية والفنية التى تم استنساخها، وتم نقل المقتنيات الأثرية إلى المتاحف، ومن الأمثلة على ذلك قصر كنوسوس والمعروف أيضًا بـ"اللابيرنث" أو "قصر التيه"، ذلك القصر الملكى الذى يوجد فى مدينة إيراكليون الحالية بجزيرة كريت، والذى ربما يرجع تاريخ تأسيسه لعام 1900 قبل الميلاد، وكانت تزين جدران القصر عدد من اللوحات الفنية المنفذة بأسلوب" الفريسك"، والتى تصور حياة المجتمع المدنى المتمثلة فى الصيد، المسابقات الرياضية وغيرها، وقد تم نزع ونقل اللوحات الأصلية وعرضها بمتحف إيراكليون الذى يبعد حوالى 20 دقيقة عن الموقع الأثرى.

 3

3

وتابع حسين مرعى، أن من الأمثلة الأخرى تلك المقتنيات المعروضة بمتحف الأكربولويس الجديد، والذى يحوى أكثر من 4000 قطعة أثرية من المنحوتات الرخامية، والتى كانت تزين معبد الأكربوليس الذى يطل على المتحف نفسه، وأيضًا كذلك مقتنيات متحف الفن البيزنطى بأثينا وبمدينة ثيسالونيكى بشمال اليونان، حيث تم نقل مقابر بالكامل بما تحويه من رسوم الفريسك، ومن أمثلة ذلك مقبرة Eustorgios ، والتى ترجع للقرن الرابع الميلادى، ونموذج آخر قد يصعب تطبيقه على أرض الواقع وهو يتمثل فى تحويل الموقع الأثرى بكامله إلى بيئة متحفية يتم التحكم فى مناخها الدقيق، ومثال جيد على ذلك هى المقابر الملكية فى منطقة فيرجينا بشمال اليونان، والتى تضم مقابر لموك مثل فيليب الثانى والإسكندر الرابع، حيث ظلت العناصر المعمارية للمقابر فى مكانها، وتم نقل المقتنيات والتحف إلى فتارين عرض على مقربة من المقابر ليتحول الموقع بكاملة إلى موقع أثرى يوضح بيئة الاكتشاف الأصلية ومتحف تعرض فيه المقتنيات بطريقة جذابة، ومن الأمثلة التى تحتاج توثيق ومتابعة خاصة من المسئولين عن الحفاظ على الآثار هى الرسوم الجدارية بمزارات جبانة البجوات وكذلك النقوش الملونة بقاعة الاحتفالات الخاصة بتحوتمس الثالث بمعبد الكرنك.

 وأضاف حسين مرعى، يمكن من خلال عرض كل حالة منفصلة عن الأخرى ولا أتحدث هنا عن المنابر الأثرية فقط ولكن بصفة عامة ومن خلال العرض على اللجنة العلمية الدائمة للآثار والتى تضم خبراء فى المجال سواء من الوزارة أو أساتذة الجامعات المتخصصين لاتخاذ القرار المناسب حول نقل أثر بعينه من خلال دراسة الظروف المحيطة به وكذلك يمكن أن تقوم وحدة إنتاج النماذج الأثرية بوزارة الآثار بعمل نماذج عالية الجودة ووضعها فى الموقع الأثرى لتحل محل تلك الأصلية التى يتم نقلها إلى المتحف.

وأضاف حسين مرعى، أن الخطوة التى يجب تعميمها فهى تسجيل وتوثيق كافة الآثار التى لم يتم توثيقها أو تلك التى لم يتم تحديث لحالتها وملفها ويمكن تزويد كل منطقة أثرية بأجهزة رصد محمولة لتسجيل درجات الحرارة ونسب الرطوبة وكذلك القياسات اللونية لرصد أى تغير يطرأ على حالتها من خلال المتابعة الدورية التى تمثل أحد أهم عناصر الصيانة الوقائية للآثار.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة