سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 31 مارس 1912.. محمد فريد يصل الأستانة ليبدأ نضاله من الخارج وينفق ثروته الواسعة على الحركة الوطنية

السبت، 31 مارس 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 31 مارس 1912.. محمد فريد يصل الأستانة ليبدأ نضاله من الخارج وينفق ثروته الواسعة على الحركة الوطنية محمد فريد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الضباب يخيم على بحر «مرمرة» وقت وصول الزعيم الوطنى محمد فريد إلى الأستانة فى تركيا يوم 31 مارس «مثل هذا اليوم» 1912، هربا من القبض عليه فى مصر بقرار من الاحتلال الإنجليزى والحكومة، وإحالته إلى المحاكمة لسجنه «راجع: ذات يوم 24 و25 و26 مارس 2018»، ويذكر «فريد» فى مذكراته المنشورة فى المجلد الأول «مواقف حاسمة فى تاريخ القومية العربية»، تأليف: محمد صبيح: «وصلنا إلى بر السلامة، ووجدت بالأستانة أحسن قبول من الاتحاديين الحكومة العثمانية، واستعدادا لمساعدتى».
 
استأجر منزلا بضاحية «صارى بار» على البوسفور، بالقرب من البحر الأسود، واستدعى عائلته من مصر فى شهر يونيو 1912، وكان يقضى الوقت بالمنزل والاشتغال فى حديقته، ويقضى جزءا منه فى استقبال مواطنيه الذين كانوا فى مصيفهم بهذه الجهة، وأصبحت داره ملتقى المصريين القادمين من مصر، وفقا لتأكيد عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «محمد فريد- رمز الإخلاص والوطنية» عن «دار المعارف- القاهرة».
 
لم تدم هذه الحالة طويلا، وحسب الرافعى، فإنه بتشكيل حكومة أحمد مختار باشا فى يوليو 1912، بدأت الاتصالات من الحكومة المصرية بنظيرتها التركية لتسليم مصريين، فغادر الأستانة إلى باريس يوم 20 أغسطس 1912، بتشجيع زوجته، وواصل نضاله حتى توفى فى ألمانيا يوم 15 نوفمبر 1919، وعبر مسيرته لم يهادن، ولم يضعف أمام بريق المنصب، وأنفق كل ما يملك على الحركة الوطنية، ليصبح فقيرا، تعجز أسرته على نقل جثمانه إلى مصر، حتى تكفل تاجر من الزقازيق هو الحاج خليل عفيفى، بالسفر إلى ألمانيا لإنجاز هذه المهمة على نفقته، وعاد به يوم 8 يونيو 1920.
 
يذكر صبرى أبوالمجد فى كتابه «محمد فريد.. مذكرات وذكريات» عن «دار الهلال- القاهرة»: «عرضت عليه حكومة تركيا وهو فى المنفى مناصب مهمة، من بينها منصب عميد كلية الحقوق بالأستانة، فاعتذر حتى يحتفظ باستقلاله فى جهاده، وكان لوالده ألف ومائتان فدان، وكان له هو قصر فى شارع شبرا مساحته 5 أفدنة، وعمارتان فى شارع الظاهر، وأنفق كل ذلك على الحركة الوطنية»، يؤكد أبوالمجد، أنه استأجر من ماله قطارا لنقل المشاركين فى مؤتمر وطنى خاص بالقضية المصرية من باريس إلى بروكسل عام 1910، بعد أن ألغته الحكومة الفرنسية فجأة مجاملة للحكومة البريطانية، بينما كان المدعوون فى باريس.
 
فرض المنفى سؤاله للتاريخ: «هل كان على صواب فى سفره إلى الخارج؟».ولماذا لم يبقَ ليواصل قيادته للحركة الوطنية؟. يرى أبوالمجد: «أنه لو بقى داخل مصر لقامت الثورة المصرية عام 1912 أو 1913»، ويضيف: «أؤمن بأنه لو بقى ولم يقدر لثورة 1919 أن تنطلق إلا فى موعدها الذى انطلقت فيه «مارس 1919»، لما كان هناك أدنى شك فى أن قائد هذه الثورة سيكون بالقطع محمد فريد، ولو أن الأمر كان كذلك لتغير وجه التاريخ فيما يتعلق بهذه الثورة ونتائجها، وليس معنى ذلك أن الحركة الوطنية ماتت أو انتهت بخروجه، ولكن خروجه أبرز التناقضات داخلها»، ويدلل «أبوالمجد» على ذلك بتوقف إنشاء النقابات العمالية والأندية والروابط عقب خروجه، ولم تندفع حركة تنظيم العمال والفلاحين فى الاتجاه مثل اندفاعها قبل خروجه.
 
يراه أحمد بهاء الدين أنه: «من الذين أدركوا إدراكا علميا عميقا حقيقة المسألة المصرية بعد الاحتلال الإنجليزى، فعرفوا الطريق- أسلم الطريق-إلى تحقيق المستقبل المصرى»، ويقول فى كتاب «أيام لها تاريخ» عن «دار الهلال- القاهرة». انبعث مصطفى كامل كالشعلة توقظ وتنير الطريق، ثم انطفأ ولم يقف فى هذا الومض طويلا عند فكرة خصبة، مما جعله يتخبط بين تأييد الخديوى، وتأييد الباب العالى التركى، والاستعانة بفرنسا، وجاء فريد ليضع النقاط على الحروف التائهة، ليرسم للبعث المرتقب وسائله وغاياته»، يضيف بهاء، أن المسألة مضت فى ذهن فريد المستنير على نحو، أن وسيلة التحرر من كل سيطرة أجنبية هى الجلاء، ووسيلة المساواة والمشاركة هى الدستور، ووسائله لتحقيق هذه الأهداف كانت: «أنشأ مدارس ليلية فى الأحياء الشعبية لتعليم الأميين الفقراء مجانا، وعهد بالتدريس فيها إلى رجال الحزب الوطنى وأنصاره، وأنشأ أول الأمر أربع مدارس فى بولاق والعباسية والخليفة وشبرا، ثم انتشرت مثيلاتها فى الأقاليم، ووضع أساس حركات النقابات، فأنشأ أول نقابة للعمال فى سنة 1909 وهى نقابة «عمال الصنائع اليدوية»، ثم اتجه إلى الزحف السياسى بدعوة الوزراء إلى مقاطعة الحكم، وعرفت مصر لأول مرة المظاهرات الشعبية المنظمة، كان فريد يدعو إليها، وتجتمع فى حديقة الجزيرة عشرات الآلاف، ثم تسير إلى قلب القاهرة هاتفة بمطالبها، مشتبكة بالبوليس، مضحية بالعشرات، ووضع صيغة موحدة للدستور وطبع منها عشرات الآلاف، ودعا الشعب إلى التوقيع عليها وإرسالها إليه ليقدمها إلى الخديو، ونجحت، وذهب إلى القصر يسلم أول دفعة من التوقيعات «45 ألف توقيع» ثم الدفعة الثانية «160 ألف توقيع».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة