أحمد محارم يكتب من نيويورك : من على دكة الاحتياط تنبثق الإرادة

الإثنين، 26 مارس 2018 07:00 م
أحمد محارم يكتب من نيويورك : من على دكة الاحتياط تنبثق الإرادة محمد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

الصبر له ألوان وأشكال، ونحن المصريون من أكثر شعوب الأرض تَحَمُّلاً للمفاجآت والصدمات، وحياتنا كانت.. ومازالت.. ويبدو أنها سوف تظل مزيجاً من الصبر والتحلي بالأمل. وكثيرون هم الذين منحتهم العناية الإلهية أشياءً تميزوا بها عن الآخرين فى شتى مجالات الحياة؛ وتظهر الموهبة على أصحابها بلا مقدمات، وهى كالنبت الصغير الذى يحتاج إلى الرعاية والاهتمام حتى نرى الإبهار، ولكن فى أحيان كثيرة يكون قلة الاهتمام أو عدمه سبباً مباشراً فى ضياع الفرص على أصحابها كأفراد وعلى المجتمع كمحصلة نهائية ونصبح كلنا خاسرين.

محمد صلاح.. أيقونة مصرية لمع اسمه في ظروف أراد المولى سبحانه وتعالى أن يقدم فيها مساحة من الأمل لملايين المصريين الذين اقترب العديد منهم من الجلوس على بوابة اليأس والإحباط. ولكن السؤال هو: هل نزلت الموهبة على محمد صلاح فجأة وبلا  مقدمات؟! إن قصة حياة محمد صلاح أو مشواره الكروى يستحق أن نتدارسه بدقة وإمعان حتى نجيب على السؤال الصعب الذى يتطلب منا مزيداً من الشجاعة والشفافية.

سمعنا أن محمد صلاح كغيره من الكثير من شبابنا الطموح الذى يملأ أرجاء مصر، ومنهم من عاش في القرى والنجوع وتحمل الكثير من أجل أن يصل إلى العاصمة حتى يراه أو يسمعه أحد. وعرفنا انه قد جلس على "دكة الاحتياطى" لفترات طالت حتى كانت النقلة أو الدفعة التى أعطته ما يستحقة من تفرد وتميز. ودكة الاحتياطى التى جلس عليها حين من الدهر هذا اللاعب المتميز قد جلس عليها آخرين - ليس بالضرورة فى المجال الرياضى - بل فى كل نواحى الحياة.

مثال آخر على المحالين إلى دكة الاحتياطى الراحل العظيم الدكتور جمال حمدان صاحب سلسلة "شخصية مصر : دراسة فى عبقرية" هو أحد الذين نسيناهم وجلسوا رغماً عنهم على دكة الاحتياط. ويلحق بالدكتور حمدان أيضاً الدكتور فاروق الباز، والدكتور أحمد زويل، والدكتور مجدي يعقوب وغيرهم بدأت حياتهم بدكة الاحتياطى وعندما يأسوا قرروا تغيير حياتهم بالسفر إلى الخارج فنبغوا وتميزوا.

الذي أريد قوله هو أننا قد ضاعت منا الكثير من الفرص وكان أهم الأسباب في ضياعها هو أننا لا نأبه للناجحين أو نحبطهم أو ندفنهم بل ونستكثر عليهم أي نعمة قد أنعم الله عليهم بها من اجل افادة واسعاد الأخرين. ورغم ذلك، الكثير منهم لم يتملكه اليأس من الجلوس الإجباري على دكة الاحتياط ودفعته الأمانى والأمل فى أن يتحلى بروح التحدى وأصبح رمزاً لشجاعة الأمل.

ومحمد صلاح، أحد الذين تحلوا بشجاعة الأمل لذلك فنحن به مبهورون كإنسان قبل أن يكون رياضياً متميزاً ونلمس تصرفاته الإنسانية في نواحٍ عديدة؛ وكلنا أمل في أن يتركوه يفعل ما تمليه عليه إرادته وقناعاته، فهو ليس بحاجة إلى وعظ لتقويم تصرفاته. فالغرب الذى لديه كثير من المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، قد وجد رؤية جديدة عن الإسلام والمسلمين من خلال هذا الإنسان البسيط - محمد صلاح - وليس المطلوب منا إلا أن نعيد التأكيد على الرسالة الهامة التي نعالجها من خلال هذا المقال وهي أن من مرحلة "دكة الاحتياطى" يمكن أن ينبثق منها معجزة يتحقق بها الأمل المنشود . والأهم من كل ذلك، يجب أن نحاسب كل من تسبب فى تعطيل مسيرة الحياة ولسبب أو آخر جعل مرحلة الانتظار على الدكة تطول بلا رقيب أوحسيب، ويجعلنا بعد فوات الآوان نبكي كالعادة على اللبن المسكوب .







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة