الفائز بجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب 2018.. الدفاع عن الأرض والقيادة صفات جعلت بطل رواية "نداء أخير للركاب" ضابطا بالجيش.. أحمد القرملاوى: استمعت لحكايات مشرفة من الكويتيين عن مشاركة مصر فى تحرير الكويت

الإثنين، 31 ديسمبر 2018 05:43 م
الفائز بجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب 2018.. الدفاع عن الأرض والقيادة صفات جعلت بطل رواية "نداء أخير للركاب" ضابطا بالجيش.. أحمد القرملاوى: استمعت لحكايات مشرفة من الكويتيين عن مشاركة مصر فى تحرير الكويت أحمد القرملاوى مؤلف رواية نداء أخير للركاب
حاوره بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أنا شخصية خجولة وشجاعة البوح جلعتنى أطرق باب السيرة الذاتية
 

لم أمارس دور الرقيب الأخلاقى على أى شخصية من شخصيات رواياتى
 

شخصية "هانى" لا تشبهنى على الإطلاق
 

رواياتى تتساءل عن الحقيقة ورحلة البشر فى الوصول إليها
 

تعمدت قتل الأب فى "نداء أخير للركاب" وفكرة الرواية تغيرت مع المسودة الثانية
 

لجأت لمن عاصروا غزو الكويت مثل والدى وصديقه الكويتى للإلمام بما كان يحدث
 

محمد جاد الله صاحب رواية "9 كيهك" ساعدنى كثيرا فيما يتعلق بأحداث النمسا داخل الرواية

التاريخ يحول شهداء وأسرى الحروب إلى أرقام فى معادلة وهذا أمر صادم
 

"كنت كمن يحلق بعيدا، وتدريجيا صرت أقترب من الأرض".. هكذا يصف الكاتب أحمد القرملاوى، الفائز بجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب لعام 2018، تجربته الروائية، فبداية من روايته الأولى "التدوينة الأخيرة" 2014 وحتى الرابعة، والصادرة حديثا بعنوان "نداء أخير للركاب" 2018، بدأ "القرملاوى" يخلع رداء الفانتازيا تدريجيا، حتى جاءت تلك اللحظة التى قرر فيها أن ينهل من تجربته الشخصية.

فى رواية "نداء أخير للركاب" عاد أحمد القرملاوى إلى مرحلة مهمة فى حياته، مفتشا فى حقيبة الذكريات عن الطفولة والمراهقة، والآلام، آلام الأمة العربية إبان غزو العراق لدولة الكويت، مقدما من خلال شخصية الأب "رأفت" الضابط السابق فى الجيش المصرى، رمزًا مشرفا على المستوى العربى والعالمى يحتذى به.. حول هذه الرواية كان لـ"اليوم السابع" هذا الحوار مع أحمد القرملاوى..

رواية نداء أخير للركاب
رواية نداء أخير للركاب

 

فى البداية.. حدثنا عن الكويت وما تمثله لك؟ 
 

قضيت فى الكويت فترة طويلة من عمرى، طفولتى ومراهقتى، 14 عاما على وجه التحديد، ذهبت إليها وكنت فى عمر أربع سنوات، وعدت إلى مصر مع دخولى إلى الجامعة، مكثت في الكويت حتى بلغت الثامنة عشر من حياتى.

وفى رواية "نداء أخير للركاب" لم أكتب كل ما عشته فيها، وكذلك فإن كل ما يرد فيها من أحداث لا يعنى أننى عشتها، فهناك جانب من الرواية يتعلق بالبحث، وآخر بالخيال، ففى النهاية نحن نتعامل مع رواية، وإذا كان لأى حدث نواة وجذر واقعى، فنعم هناك منطقة تسمى "الحساوى" كما وصفت فى الرواية، ومن الطبيعى أن فئة مغتربة تشكل جزءاً أساسيا من تكوين المجتمع ولا تلبى رغباتها، وهذا ما تلقيته من ردود أفعال عقب نشر الرواية، وكان السؤال الأكثر طرحا، هو كيف علمت بهذه التفاصل؟.

أحمد القرملاوى يوقع رواية نداء أخير للركاب
أحمد القرملاوى يوقع رواية نداء أخير للركاب

 

بعد ثلاث روايات.. ألا ترى أنك تأخرت فى الحديث عن الكويت؟ أم أن الأمر يتعلق بشجاعة البوح؟
 

هذا جزء أساسى، لا شك فيه. ولكن لم يكن عن قصد، وحينما أنظر للخلف، إلى تجربتى، لاحظت أن روايتى الأولى كانت فانتازيا بحتة، بعيدة تماما عن الواقع، أما الثانية، فيغلب عليها العالم المتخيل، أينعم هى واقعية، ولكن تدور أحداثها فى أجواء تميل إلى الفانتازيا، أما الثالثة، فهى واقعية ذات شق تاريخى، ونزعة صوفية، ولهذا شعرت بأننى مع الوقت أقترب أكثر من الأرض، كنت كمن يحلق بعيدا عن الأرض، ثم بدأت فى الاقتراب من الأرض تدريجيا، وأرجع هذا - كما قلت أنت - إلى شجاعة البوح، فأنا شخصية خجولة، ويغلب على شخصيتى التحفظ فى البوح بالأسرار، وهذا ما أخذ منى بعض الوقت فى الممارسة، حتى وصلت إلى درجة معينة من الشجاعة فى طرق باب السيرة الذاتية من خلال الخيال والشكل الروائى.

وهل ترى أن الكاتب عليه أن يكون خجولا؟
 

بالتأكيد لا، فعلى الكاتب أن يكون شجاعا للغاية.

شجاعا أم جريئا أم متحررا؟
 

شجاع، لأن التحرر اختيار، والتحرر يمكن أم يكون شكلا من أشكال المجتمع، ولكن لكى تواجه المجتمع بما فيه من عيوب تراها أنت، فهذا يتطلب شجاعة، أما الجرأة فتكمن فى اللغة، ولهذا فإن الشجاعة مفهوم أشمل، بما فيها من مواجهة ورغبة من أجل التغير، وإذا لم يكن لدى الكاتب شجاعة من أجل من هذا، فلماذا يكتب.

وإلى أى مدى يمكننا التفريق بين الواقعى والمتخيل هنا بما أنك اعتمدت على جانب من سيرتك الذاتية؟
 

ما دمت قد اخترت الشكل الروائى، فنحن أمام عمل متخيل، حتى وإن كانت هذه الرواية تستند على تجربة ذاتية، ولهذا فإن شخصيات "نداء أخير للركاب" متخيلة، وإن كانت مستندة فى الأصل تجارب واقعية، ولو كنت قد فعلت العكس، لوجب على حينئذ أن أقدم كتابا بعنوان "حياتى" على سبيل المثال، ثم يندرج ضمن فئة السيرة الذاتية.

أحمد القرملاوى
أحمد القرملاوى

 

اعترفت بأنك شخصية خجولة.. فإلى أى مدى مارست دور الرقيب على شخصية الابن أو الأب؟
 

لم أمارس دور الرقيب الأخلاقى على أى شخصية من شخصيات رواياتى من قبل، وهذا ما أزعمه، ومن الممكن أن أكون قد مارست دورا رقابيا على أسلوبى فى الكتابة، واستعين فى هذا باللغة والأسلوب، بشرط ألا يسمح هذا بتغير سلوك الشخصية ذاتها.

أما عن "هانى" فهو لا يشبهنى على الإطلاق، فثمة دلالات تختلف بين ما هو واقعى يتعلق بشخصيتى، وأخرى متخيلة فى الرواية تتعلق بـ"هانى"، فمثلا، "هانى" ولد فى الكويت، وتركها وهو طفلا، أما أنا فذهبت إلى الكويت وعمرى أربع سنوات، ثم عدت وأنا فى سن الثامنة عشر، وهنا تبرز تجربة الوعى بيننا.

ولكن ربما يرى القارئ أن هذه مجرد حيلة منك؟
 

لم أفعل ذلك عن عمد، لأننى لم أسع على الإطلاق لتقديم نفسى فى صورة "هانى"، فهو لا يمثل انعكاسا لى، ولا إلى تجربتى على الإطلاق، فـ"هانى" كما رأينا، شخصية ذاتية، منصب على نفسه، يفسر العالم من خلال رؤيته، ولا يسعى لرؤيته من خلال أعين الآخرين، وهذه صفات أزعم أننى لا اتصف بها، وخاصة فى مرحلتى العمرية هذه، ومن خلال الرحلة يبرز ما اكتشفه من أخطاء بينه وبين الأب، وموقفه العدائى الذى سبق وأن اتخذه، ومن تتضح رغبتى فى رسم شخصية كنت أحلم بها.

تحلم بها.. كيف؟
 

كنت أحلم برسم شخصية تسعى لاحتضان الآخر، وتتقبله، وتضع نفسها مكانه، وكيف يرى التماهى بين البشر، وهو ما فعلته من خلال تجربة شخصية "هانى".

باعتبارك أبا.. هل كانت لديك مخاوف من علاقة "هانى" بوالده كما رأيناها فى الرواية؟
 

من الممكن، قد يجوز فى العقل الباطن، ولكن ما أريد الإشارة إليه هنا، هو أننى لاحظت انشغالى بهم معين يبرز فى رواياتى، وقد يكون هم فلسفى، ويتمثل فى هم المعرفة، وكيف يصل الإنسان إلى المعرفة الحقيقية، وهذا ما يبرز من الرواية، ففى رواية "التدوينة الأخيرة" نحن أمام أناس يعتقدون أنهم فى العالم الآخر، وبعد الدينونة، وكيف يكتشف البعض أن هذه كذبة خلقها المعبد واشتغل عليها كثيرا لحبس الناس فيها.

وفى رواية "دستينو" تناولت تزييف الإعلام والرأسمالية التى توظف الإعلام لهذا الهدف، وفى رواية "أمطار صيفية" تناولت الفاصل الزمنى الكبير بين تاريخ "الوكالة" والعصر الحالى، وهل كان حقيقيا أم لا، فكل رواياتى تتساءل عن فكرة الحقيقة، وكيف يكون البشر الحقيقة، وكيف يصدقونها، وكيف يختبرونها، ولهذا أظن أن كل ما كان يشغلنى فى "نداء أخير للركاب" هو الحقيقة، فى ظل وجود فاصل زمنى وجغرافى، وكيف عليه أن يتجاوز هذه الفواصل على الرغم من رحيله، فمنذ بداية الرواية نحن أمام شبح الأب، الذى يمكننا أن نعتبره البطل الرئيسى.

الكاتب أحمد القرملاوى
الكاتب أحمد القرملاوى

 

معنى ذلك أنك تعمدت قتل الأب من البداية فى الرواية؟
 

نعم، تعمدت عدم وجوده.

وهل كان موجودا فى إحدى مسودات الرواية؟
 

لا، منذ البداية، وحتى مع تغيير عالم الرواية أثناء الكتابة لم يكن موجودا.

وكيف كان عالم الرواية قبل الشكل الأخير؟
 

بذرة النص، تمثلت فى أن الأب والابن كلاهما مغتربين فى أمريكا، ولكن الأب شيخ ويدير المركز الإسلامى، والابن عكسه، شخص منفتح ومتحرر ومنفصل عن الأب، فكان الشكل مختلفا، ولم تكن الرحلة بهذا الشكل.

ومتى تحديدا ظهرت لك الكويت أثناء الكتابة؟
 

فى المسودة الثانية، حينما رأيت أنه من الممكن الاستفادة من تجربتى، وتجرأت على القيام بدمج التجربة الشخصية لأناس عرفتهم وعايشتهم مع الكتابة.

وهل عشت أحداث غزو العراق للكويت؟
 

فى الواقع، عشتها كما عاشها "هانى"، كنت آنذاك فى مصر، ووالدى فى الكويت، وهنا يبرز التماهى.

وكيف تمكنت من الإلمام بتفاصيل ما كان يحدث فى الكويت آنذاك؟
 

من خلال والدى، وكذلك عمى، مثل عم "هانى"، وأيضا بعض الأصدقاء ممن عاصروا الغزو، وحينما أقدمت على الكتابة، لجأت إلى الأبحاث والمراجع، التى تناولت الغزو من زوايا مختلفة، كما استعنت بصديق كويتى يزور والدى فى مصر، كنت أتحدث معه كثيرا.

أحمد القرملاوى عقب فوزه بجائزة الشيخ زايد للكتاب
أحمد القرملاوى عقب فوزه بجائزة الشيخ زايد للكتاب

 

وكيف تمكنت من اصطياد "الأرقام" وإبرازها فى خطاب "رأفت" كمفارقة عبثية؟
 

أثناء قراءة المراجع والأبحاث لباحثين كويتيين، لاحظت أن أصحاب القضية المتعاطفين معها قلبا وقالبا، ويقدمونها من أجل إدانة الغزو، يتحدثون عن الضحايا فى شكل أرقام، وهذا ما يفعله التاريخ، الذى يتناول الأحداث الكبرى من وجهة نظر الحاكم، ومن وجهة نظر العالم، والبشر - بما فيهم الضحايا من شهداء وأسرى - فى النهاية يتحولون لرقم فى المعادلة، وهو أمر صادم بالطبع.

معنى ذلك أن ما جاء فى الخطاب مثل حادثة الأطفال الرضع وقائع تاريخية؟
 

نعم، لا شك.

نعود للحديث عن شخصية الأب الضابط رأفت.. كيف نسجتها؟
 

هو تركيبة من عدة شخصيات قابلتها فى حياتى، جزء منها والدى، فوالدى يتميز بخفة ظل وحضور طاغى، وهو ما أخذته منه، شق آخر، وهو صديق لوالدى، كانا ضابطا فى الصاعقة، وشارك فى أكثر من حرب، ولا يزال بيننا، ويعيش فى الكويت، وكنت اسمع منه حكايات كثيرة.

وما هو انطباع والدك عن الرواية؟
 

يضحك.. "اتخانق معايا".. رأى فى الرواية التماهى الكبير بين شخصيات الرواية والأسرة والأصدقاء، فشعر بأننى أتحدث عنهم، لكنها أعجبته، ورأى أنها أفضل ما كتبت.

تكوين شخصية الأب "رأفت".. لماذا جعلته ضابطا فى الجيش المصرى؟
 

تركيبة "رأفت" بالنسبة لى، كانت تتطلب شخصية مقاتلة تواجه عدوانا لا دخل لها به، بل ويشارك فى إنقاذ حياة بشر لا يخصونه بشكل مباشر، ولهذا كنت بحاجة إلى شخص مقاتل صاحب مبدأ، وأن يكون متمردا، ليعمل على تغيير المحطين به، وكذلك أن يتمتع بالقدرة على القيادة، وهذا - ربما - ما رأيته فى شخصية صديق والدى ضابط الصاعقة السابق، من هنا بدأت الشخصية فى التكوين.

وهل تعمدت أن تجعل منه رمزا مصريا مشرفا عربيا ودوليا كما رأينا؟
 

نعم، فهذه حقيقة، فمشاركة الجيش المصرى فى تحرير الكويت كان لها صدى كبير جدا، فلقد عشت فى الكويت قبل وبعد الغزو، ولاحظت هذا، واستمتعت لحكايات كثيرة من أصدقائى فى الكويت عن الجيش المصرى دوره، فبعد الغزو كان وقع الجيش المصرى مشرفا.

 

شخصية "لاريثا".. هل لها بعد تاريخى مما قرأته من أبحاث؟
 

كان هناك أجانب تم حبسهم وتعرضوا للأسر والاغتصاب والاحتجاز فى المعسكرات، ولكنها ليست شخصية معينة، ومن خلال قراءة الأبحاث والمراجع قمت بنسجها فى سياق الرحلة.

هل زرت النمسا من قبل؟
 

لا، عائلتى قام بزيارتها من قبل، ولكننى لم استعن بما رأيته من صور فوتوغرافية أو حكايات سمعتها.

وكيف تمكنت من الإلمام بتفاصيلها فى روايتك؟
 

لى صديق، كاتب، وهو محمد جاد الله، صاحب رواية "9 كيهك"، ويعيش فى النمسا، ولهذا السبب اخترت النسما، لأنه كان متعاونا معى لأبعد مدى، كنت أطلب القيام بتصوير تفاصيل معينة، ومعرفة أماكن شراء الهدايا التى ورد ذكرها فى الرواية، كان يقوم بالتصوير الفوتوغرافى والفيديو، كما قام بالذهاب إلى الريف، وكان يحكى لى الكثير من التفاصيل، مثل كيفية عيش الناس هناك، وبما أنه يعمل مرشد سياحى، فلديه القدرة على الشرح بطريقة مبهرة تنقلك للمكان، وكنت كلما أكتب أرسل إليه، فيعبر عن دهشته هو الآخر، وكأننى أعيش فى النمسا.

فى الرواية أيضا يتجلى البعد السياحى ليس فقط للنمسا.. كيف ترى ذلك؟
 

البعض قرأ الرواية ورأى أنها من الممكن أن تندرج ضمن أدب الرحلات، ولكننى لم أر ذلك.

وكيف ترى تأويل الرواية بأنها تتناول قضية الهوية؟
 

هى لا تتناول الهوية الوطنية المتمثلة فى الجغرافية وما إلى ذلك، بقدر ما تتناول الهوية من منظور أكبر، ألا هو، الهوية الإنسانية، والتلاقى بين البشر.

بعد "أمطار صيفية".. تجلى البعد الصوفى فى "نداء أخير للركاب" ولكن من منظور مختلف؟
 

لأن الصوفية لدى، وحسبما أرى لا تتعلق بالإسلام فقط، فهى نزعة روحية فى المقام الأول، تتناول الدين، وتتعامل مع الذات الإلهية بشكل روحى، وتتماهى مع المطلق، فكل الأديان فيها صوفية ولكن بتجليات مختلفة.

وهنا فى الرواية، أردت أن أبرز إلى أى مدى أن البشر مهما اختلفت ديانتهم فهم فى النهاية، خليفة الله على الأرض، فمهما تنوعت وتعددت ثقافات وجغرافية وديانات البشر، إلا أنهم فى النهاية يعيشون تجربة واحدة.

أعمال الكاتب أحمد القرملاوى
أعمال الكاتب أحمد القرملاوى

 

نتحدث عن سيوة؟
 

سيوة.. سبق وأن زرتها قديما مع أحد الأصدقاء بهدف العمل على مشروع استصلاح الأراضى زراعيا، ورأينا الأرض، وذاكرنا الاستصلاح وأنظمة الرى، ومن خلال الأبحاث تعرفت على بحيرات الملح، فى الزيارة رأيت قلعة "شالى" وانبهرت بها، والسوق والبشر، ووقعت فى عشقها، وأثناء البحث من أجل الرواية، خطرت لى سيوة، فقمت بإعادة الاكتشاف مرة ثانية من خلال الأبحاث، وهنا شعرت كيف أن الأرض هى من تحمى أولادها، ومن هنا أيضا برز التماهى بين سيوة والنمسا.

ولهذا اخترت سيوة مكانا لدفن جثمان الأب "رأفت"؟
 

نعم، ولكن تجربة "رأفت" هى التى فرضت ذلك، فاعتباره ضابطا سابقا، وقيامه بالدفاع عن أرض أخرى، وذهابه مع زوجته إلى النمسا، وقيام بحمايتها من أفكارها الوجودية، تغيرت فلسفته، نتيجة للقتال وللتجربة المعاشة، فشعر بأن الأرض هى الأم، القادرة على الاحتماء والاحتضان.

ألا ترى أنك مارست ديكتاتورية الأب فى الرواية على الابنة.. لماذا لم نسمع صوتها فى الرواية؟
 

لقد اخترت أن يكون الراوى ذاتيا، وكل نوع راوى يحصر الكاتب فى اختيارات معينة، ولما اخترت الراوى المشارك، كان الهدف هو الاستماع للحكاية بصوته هو وحده، ومن منظوره هو الشخصى، ومع جريان الأحداث رأينا علاقته مع ابنته، ونقوم بتفكيكها، ونربطها بعلاقته مع والده، وكيف تغيرت من خلال رحلته، وتخليه عن نظرته الذاتية.

ولكنك سمحت لشخصيات أخرى بالحديث عن نفسها مثل لاريثا؟
 

"هانى" التقى بهذه الشخصيات خلال الرحلة، وكل منهما تحدثت حكايته بطريقة مختلفة من أجل استكمال اكتشاف شخصية الأب، وفى نفس السياق، تعرفنا على شخصية ابنته، تلك الشخصية المتمردة، التى ترى أن والديهما يحاولان السيطرة على حياتها، وهنا فنحن أمام النهاية، التى سنرى إذا ما كانت ستقبل بدعوته أم لا.

ألا ترى أن نتيجة صراع الزوجة الأميركية مع الأب الشرقى فيما يتعلق بالابنة أمر غريب؟
 

إطلاقا، لأن "هانى" الأب، تغيرت شخصيته من خلال الرحلة، فبعدما كان يصف صديق ابنته "ساندى" بـ"الشخص الملون" لم يلتفت إلى نفسه باعتباره أيضا شخص ملون، لكن الرحلة جعلته نظرته عن الآخر تتغير، ومن هنا جاء قراره المفاجئ.

أيضا، علينا أن نعى جيدا أن نظرتنا عن المجتمع الأمريكى المكونة من الإعلام والأفلام مبالغ فيها، فهو مجتمع يميل إلى الأسرة والمحافظة، أينعم هناك قوانين تجبرهم على ترك الأبناء عند وصولهم إلى سن معين، إلا أن لديهم هاجس كبير يشغلهم فى ظل حوادث حقيقة يعيشها المجتمع الأمريكى تتمثل فى حمل الفتيات الصغيرات، ومن هنا فإن شخصية "تايا" هى انعكاس واضح للمجتمعات، وأننا فى النهاية من "طينة واحدة".

كيف صنعت مشهد النهاية فى الرواية؟
 

مشهد النهاية، لم يكن لدى تصور نهائى حوله، كل ما أعرفه أن الأب اختار هذا المكان ليدفن فيه، وأنه هنا تنتهى رحلة الأب، لم أكن أملك سوى هذه المفردات، جاءنى، ففى بعض الأحيان أرى مشاهد أثناء النوم، نظرا لانشغالى بالكتابة قبل النوم يوميا، ومع هذا المشهد، شعرت بقلق، ولما استيقظت رأيت المشهد أمامى، وكتبته، كما رأيته، لأقوم بإعادة صياغته، تتمثل فى أن لقاءه مع الأب مرة ثانية أمر جائز، وهذا ما حدث بالضبط.

أيهما ما زال باقيا معك.. "رأفت" أم "هانى"؟
 

"هانى".. فعلى الرغم من أن الأب هو البطل الرئيسى فى الرواية، إلا أن "هانى" و"لاريسا" لازالا معى، فهذه الشخصية شعرت بمعاناتها جدا.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة