أكرم القصاص - علا الشافعي

أشرف محمد نجيب يكتب : إشباعات السوشيال ميديا وهمومها

السبت، 22 ديسمبر 2018 12:00 ص
أشرف محمد نجيب يكتب : إشباعات السوشيال ميديا وهمومها مواقع التواصل الاجتماعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يمكنك مراقبة فيضان الوعي بأمور الآخرين عبر الشبكات الاجتماعية الذي أصبح تقريبا أسلوبا للحياة  ولقد أعجبني في هذا الصدد ما كتبه الكاتب الأمريكي " مارك مانسون"  في كتابه الشهير " فن اللامبالاة":

 

"إن مجتمعنا اليوم من خلال الأعاجيب التي تفعلها بنا ثقافة الاستهلاك ورسائل من قبيل " انظر حياتي أجمل من حياتك" التي تُمطرنا بها وسائط التواصل الاجتماعي ، تجعلك تفكر في أن حياتك بائسة وتجعل الكثيرين تحت ضغط نفسي زائد فأنت تجد أن كل شخص في العالم يعيش وقتا رائعا! انظر تزوج ثمانية أشخاص هذا الأسبوع! وقد ظهر علي التلفزة فتاة في السادسة عشرة من عمرها حصلت علي سيارة فراري هدية في عيد ميلادها ، وهناك طفل آخر كسب مليوني دولار لأنه اخترع تطبيقا يزودك أوتوماتيكيا بمزيد من ورق المرحاض إذا ما نفذ ما لديك منه. أما أنت ، فإنك جالس في بيتك تنظف أسنان قطتك".

 بعيدا عن الأسلوب الساخر للكاتب فإن عباراته تعكس ملمح أساسي لوسائل التواصل الاجتماعي وهو المغالاة، إنها وسيلة للتباهي، وتؤدي القراءة عن حياة أصدقائك المذهلة إلي استنتاج خاطئ بأن الجميع سعيد فيما عدا أنت. ولكن عندما تنشر أنت نفسك علي مواقع التواصل الاجتماعي تميل أيضا إلي المغالاة؛ لذلك يبدو للجميع أن لديك حياة مذهلة! إنها دائرة مفرغة.

لقد أدي هذا الفيض من المعلومات الحدية المتطرفة-علي حد قول مانسون- إلي إعادة صياغتنا علي نحو يجعلنا نظن أن الاستثناء هو الناظم الجديد للأشياء.ولأننا كلنا بشر عاديون معظم الوقت، فإن فيضان المعلومات الاستثنائية يدفع بنا إلي الشعور بقدر كبير من القنوط وقلة الأمان لأننا ليس مثل أولئك الناس ،.، لأن بحيث بسيط علي جوجل تجعلنا نري ألاف الأشخاص ليست لديهم مشكلات مثل مشكلاتنا. وصار جزءا من ثقافتنا أن نؤمن أنه يجب أن نفعل شيئا استثنائيا. وهي فكرة تحمل تناقضا ذاتيا، فإذا كان كل شخص استثائيا فلا أحد استثائيا بالتعريف. لقد صار كون الشخص " عاديا" أو " متوسطا" المعيار الجديد للفشل..إن فكرة أن كل شخص يمكن أن يكون عظيما  التي صدرها لنا الإعلام الجماهير يتلاعب بمشاعر الناس ويصرفهم عن تجارب الحياة الأساسية البسيطة والعادية مثل الصداقة والمساعدة والألفة التي من خلال مشاعرها الإيجابية يتبدد الضغط النفسي والقلق الناجمان عن شعورك الدائم بعدم الجدارة وبالحاجة الدائمة إلي إثبات نفسك. ثم إن معرفتك بوجودك الدنيوي تحررك لتنجز ما أنت راغب فيه حقا من غير تأثر بأحكام الآخرين ومن غير توقعات كبيرة لا أساس لها.

يمكن اعتبار مواقع الشبكات الاجتماعية نوعا من الوجبات السريعة Junk food بالنسبة للدماغ ، فهي غير ضارة بما فيه الكفاية عند استخدامها باعتدال ، ولكنها ضارة عندما نُفرط في استخدامها.

إن الاستخدام المعقول في التواصل مع الأصدقاء لمن يمتلكون علاقات حقيقية في واقع الحياة قد يحسن الشعور بالعافية.،وجدت الأبحاث التي أوردتها سوزان غرينفلد في كتابها الرائع " تغير العقل" أن مشاهدة المرء ملفه الشخصي علي الفيسبوك وتعديل هويته بإنتظام ينتج عنه مستويات مرتفعة من تقدير الذات والثقة بالنفس؛ فالفيسبوك مرآة معدلة تعكس أفضل نسخة معدلة ذاتيا من أنفسنا. ولكن تتركز المخاوف علي الوقت الذي يصبح فيه استخدام الانترنت ضربا من الهوس.

يمكن للتواصل  المفرط عبر الشبكات الاجتماعية أن يزيد مهارات التواصل الاجتماعي سوءا وأن يقلل التعاطف بين الناس.  ويمكن أن تتزايد النرجسية بسبب مواقع التواصل الاجتماعي ، وقد شاع في الآونة الأخيرة استخدام كلمة " سيلفي selfie،  أي أن تلتقط صورك الشخصية بنفسك  . فالحياة عبر الإنترنت تتيح بسهولة نيل مكانة متميزة بناء علي الاستحسان الجمهوري ، ولأول مرة لا تقاس هذه المكانة بناء علي الممتلكات ، أو المواهب ، أو الوظيفة ، ويمكن للتباهي المفرط بهذه المكانة أن يكون ضارا ومؤذيا من دون شك ، وهو ما قاله "أوليفر جيمس " فلم تعد المكانة تقاس بقدرات المرء وانجازاته ، بل بمدي جاذبيته وعدد من يمكنه اجتذابهم من متابعين وأصدقاء" ،.

إن الفيسبوك ، وتويتر ، والمواقع المشابهة تقدم وعدا بأن تكون علي الدوام متصلا، ومرغوبا ، ومثيرا للإعجاب ، وحتي محبوبا..و يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي أن توفر الكثير من المرح ، الذي يتسم بالقدر نفسه من التفاهة والسوء الذي يمثله سَقط الطعام.

 

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة